"ولها وجوه أخرى" تجربة تمرد على واقع الصحافة النسوية في مصر

تعد تجربة "ولها وجوه أخرى" واحدة من أفكار التمرد على واقع الصحافة المحلية عقب ثورة "25 يناير" التي كانت تتناول قضايا النساء بسطحية شديدة جعلت الرغبة في تغييرها حلم مدفوع بالأمل والثورة معاً.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تمكنت ثورة 25 كانون الثاني/يناير عام 2011 في مصر من خلق روح جديدة وأحلام مختلفة، زادت من الرغبة في التمرد داخل قلوب الفتيات ومن بينهن مديرة مشروع "ولها وجوه أخرى" رنيم العفيفي التي تمكنت من طرح رؤية مختلفة للمجتمع من المنظور النسوي.

لتسليط الضوء على بعض التجارب الناجحة التي أثرت على قضايا المرأة المصرية كان لوكالتنا حوار مع صاحبة الفكرة المتمردة على الواقع الصحفي المحلي رنيم العفيفي التي رأت منذ الوهلة الأولى أن هناك تبسيط لأزمات النساء وتجاهل لبعضها تحت دعوى أن المجتمع غير مؤهل لتلك المضامين، وهو الأمر الذي رأته غير صحيح فمن ثاروا على واقعهم في الميادين محملين بأحلام التغيير الجذري في مختلف الجوانب قادرين على تقبل تلك الأفكار.

وخاضت رنيم العفيفي تجربتها وقررت أن تغامر من أجل حلمها في التغيير والتمرد، خاصةً أنها سلكت مختلف الطرق بلا جدوى فقررت أن تحول صفحة المرأة المقتصرة على صيحات الموضة الغربية وغيرها من الأمور التي لم يتم بذل جهد في تطويعها لتناسب المجتمع المحلى لمنصة تبحث في مختلف القضايا من المنظور النسوي.

 

"ولها وجوه أخرى" تجربة نسوية تكاد تكون الأكثر اكتمالاً في الداخل المحلي هلا حدثتنا عن البداية وكيف كانت الفكرة تمرداً على الواقع حينها؟

جاء التفكير في مشروع "ولها وجوه أخرى" نتيجة التمرد على الواقع الصحفي المحلي، فمع ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير كنت أرى أن هناك حقوق مهدرة للنساء، وأن هناك العديد من الأفكار التي تحتاج بالفعل لمراجعة، كاتهامهن أثناء التظاهرات أنهن نزلن فقط من أجل البحث عن زوج وغيرها الكثير من الأمور التي وصلت لحد الاغتصاب، في حين أن الرجل لا يتم لومه على النزول أو حتى الانتهاكات التي يقوم بها ضد النساء وهذا التمييز كان مستفزاً لدرجة التمرد من أجل كسره وتغييره.

وما حدث حينها طرح عدة تساؤلات حول أسباب اتهام النساء دون الرجال، حينها لم أجد من يقتنع بالعمل على هذا الأمر أو حتى قبول استخدام بعض المصطلحات كـ "التحرش".

وكان المجال وقتها مفتوحاً وصاحب ذلك وجود حراك للمؤسسات النسوية التي تطورت علاقتي بهم من أجل تطوير مهاراتي، حينها كنا جميعاً حاملين بطاقة الثورة والإيمان بالتغيير فضلاً عن طبيعة السن وحماسة ما بعد التخرج وجميعها أمور دفعتني لاتخاذ قرار إطلاق الموقع الإلكتروني "ولها وجوه أخرى" وحاولت البحث عن داعمين وناقشت بعض الزملاء من أجل العمل معي على المشروع ولكنهم لم يؤمنوا بالفكرة.

وتحول الأمر بعد أن أغلقت كل الطرق أمامي لقرار شخصي ناتج عن الرغبة في التغيير حتى وإن كان في نطاق ضيق، فحسنت لغتي وحضرت جلسات وورش للتعلم وادخرت مبلغ مالي كي أتمكن من العمل على الموقع وبالتزامن مع يوم المرأة المصرية في السادس عشر من آذار/مارس عام 2013 خرجت المنصة المتمردة والمختلفة "ولها وجوه أخرى".

 

كيف تطور العمل وإلى أين وصلت "ولها وجوه أخرى" الآن؟

بالفعل كنت أعمل بمفردي لفترة تراوحت من شهران إلى ثلاثة أشهر، بعد ذلك بدأ التطوع للعمل وكنت حريصة على أن يكون طاقم العمل من النساء والفتيات كي تكتمل الصورة التي رغبت بها، وفي عام 2014 تم تطوير الموقع وبدأت المنظمات النسوية تنتبه للإنتاج المختلف الذي يصدر عن الموقع وتدرك أن الطرح الصحفي من المنظور النسوي له أهمية كبيرة في التأثير.

كما أننا نتطلع دائماً إلى ما يحدث في الخارج خاصةً ما يتعلق بالإعلام الرقمي وحرصنا على التنوع ومواكبة التطور فمن العمل على الصحافة المطبوعة انتقلنا للمسموعة من خلال بودكاست "ولها صوت" في موسمين ومنها للتقارير المعمقة التي حملت عنوان "حراكهن".

وأصدرنا سلاسل قصص مصورة "كوميكس" لعدة أعوام وناقشنا خلالها قضايا حساسة ومنها الاغتصاب الزوجي، وكانت تلك الطريقة الأنسب لاختراق المساحات المغلقة والشائكة في المجتمع، ثم جاءت الفيديوهات التي تنطق بتجارب النساء ونجاحاتهن وحملت عنوان "حكاياتهن".

كما أننا أول من قدم ورش في الصحافة الحساسة للنوع الاجتماعي وكان لنا تواجد في النقد السينمائي ويمكن القول أن "ولها وجوه أخرى" كانت رحلة تعلم أكسبتني خبرة ومهارة في مختلف الاتجاهات.

 

اهتمت المنصة بالنقد السينمائي كيف تقيمون واقع المرأة في السينما ومدى تأثيره على قضايا النساء؟

صناعة السينما في العالم فيها تمييز شديد ضد النساء، حتى في هوليود ذاتها، فنحو 90% من الأفلام إن لم يكن أكثر من ذلك يخرجها الرجال وإجمالاً يمكن القول أنه قطاع يهيمن عليه الذكور بالأساس، ورغم أن القطاع السينمائي المحلي بنيّ على أيدي النساء منهن عزيزة أمين، وفاطمة رشدي، وآسيا، وأمينة محمد، إلا أن هناك استحواذ للرجال في غياب شبه تام لأطر حماية النساء وهو ما يجعلهن أكثر تعرضاً للتمييز المبني على النوع الاجتماعي.

أما ما يحدث على الشاشة فالأمر لا يتعلق بكون القائم على العمل رجل أو امرأة ولكنه مرتبط بالثقافة والإبداع فعدد كبير من أفلام محمد خان نسوية بالأساس وعبرت عن النساء بشكل واضح راصداً من خلالها واقع معاناتهن بسلاسة لكون الرسائل المبطنة هي الأقرب للمتلقي والأكثر تأثيراً في وجدانه، بينما تلك الواضحة المباشرة الكلاسيكية عادة ما ينتج عنها العزوف والنبذ في بعض الأحيان.

قررت تطوير مهاراتي في هذا المجال فحصلت على ورش في السينما وقرأت أكثر عن الدمج بين المنظور النسوي والسينما، وبعد ذلك قررت النظر في بعض الأفلام وتحليلها من منظور نسوي، وهو الأمر الذي تطور لاختيار عدد من المسلسلات التي تحظى بمتابعة لنقوم بتحليلها أيضاً.

وتواصل معنا عدد من صناع الدراما وبات هناك جمهور ينتظر الكتابة التي نقوم بها عن المسلسلات كل عام وقسمنا أعمال ديزني وقدمنا قراءة لأفلامها من منظور نسوي راصدين تأثيرها على ثقافة الأطفال وكيف تغيرت من كونها ذكورية لأفلام تأخذ توجه مختلف بالحراك النسوي.

كما قدمنا قراءة في وضعية المرأة على الأفيش السينمائي منذ بداية السينما الناطقة وحتى عام 2015 من منظور نسوي في مطبوعة كانت في تقديري واحدة من أهم انتاجاتنا في مشروع "ولها وجوه أخرى".

 

باعتباركم قدمتم تدريبات حول اللغة الحساسة للنوع الاجتماعي كيف ترين تأثيرها على ثقافة المتلقي؟

لابد من وجود قناعة أن اللغة ترسخ ثقافتنا وتخبر عن تعاملنا وطريقة رؤيتنا للقضايا المختلفة، والبعض يستخدمها نتيجة توارث المصطلحات، فهناك سجلات طويلة حول أسباب استخدام بعض المصطلحات الغير حساسة للنوع الاجتماعي كما هو الحال في تشويه الأعضاء التناسلية للنساء الذي يستخدم البعض منهم مصطلح "الختان" بديلاً عنها كي يتم فهمه، بينما هناك من يستخدم مصطلح مضلل تماما كـ "الطهارة" وهو ما يوحي بأنه أمر محمود على عكس حقيقته.

ومن الضروري التركيز فيما يتم استخدامه من مصطلحات لما لها من تأثير في نفس المتلقي وثقافته خاصةً أن هناك تخوف من استخدام المصطلحات الحقيقية التي تعبر عن معاناة النساء وحقيقة ما تمرن به في الكثير من القضايا حرصاً على عدم الصدام مع المجتمع منها "الختان".