"الجمعية النسائية" أول جمعية في قنا تهتم بقضايا المرأة الريفية

كثيرة هي الأزمات التي تعاني منها المرأة الريفية خاصةً إن كانت في صعيد مصر وهو الأمر الذي جعل "الجمعية النسائية" في محافظة قنا تضعها على قائمة اهتماماتها من أجل تأهيلها في سوق العمل في خطة لتغير واقعها وتحسين مستقبلها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ واقع النساء في الصعيد مختلف عن مركز المدينة خاصةً فيما يتعلق بالأعمال المتاحة لهن وحجم ما تحتاجهن من جهد لكسر الثقافة الذكورية المتمثلة بالعادات والتقاليد البالية، إلا أن هناك عدد من النساء قررن العمل من أجل إحداث تغيير حقيقي في واقع المرأة هناك.

خلال السنوات الخمس الأخيرة كان هناك حراك ملموس على أرض الواقع للنساء وبتن يعتلين عدد من المناصب المناصب القيادية وشاركن في مختلف مجالات الحياة السياسية وبذلن جهد مضاعف من أجل وجودهن كشركاء للذكور داخل المجتمع النائي عن المركز في صعيد مصر، وللتعرف أكثر على أسباب ذلك كان لنا حوار مع رئيسة مجلس إدارة الجمعية المصرية لتنمية المرأة الريفية بمركز قوص في محافظة قنا هدى العواري.

 

الجمعية النسائية تعمل في واحدة من مراكز محافظة قنا فهلا حدثتمونا عن طبيعة ما تقدمه للمرأة الريفية؟

نحن الجمعية الأولى على مستوى المركز التي تهتم بقضايا المرأة ومنها مناهضة العنف الواقع عليها بمختلف أنواعه الجسدي والنفسي وتبعاته كالحرمان من التعليم والعمل أو الإجبار على الزواج دون السن القانوني.

ونعمل بكامل طاقتنا على قضية منع تشويه أعضاء النساء التناسلية وتزويج القاصرات فضلاً عن تمكينهن اقتصادياً وتأهيلهن في سوق العمل في خطة لتغير واقعها وتحسين مستقبلها، لذلك ندعمهن من خلال التدريبات ونعمل أيضاً على تحفيزيهن على بدء مشاريعهن الخاصة.

وتقدم الجمعية مجموعة من البرامج التوعوية في جميع المجالات سواءً كانت اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية وحتى ترفيهية لتوفير مختلف أنواع المعرفة التي تدعم النساء لتصبحن مشاركات في صنع القرار سواء داخل الأسرة أو المجتمع المحيط بهن.

 

ما هو حجم التحديات التي تواجهكم أثناء عملكم في صعيد مصر؟

تختلف التحديات من فترة لأخرى أثناء العمل بمراحله المختلفة ففي البداية وجدنا عائق صعب متمثل بالعادات والتقاليد البالية وهي التي تحول دون مشاركة المرأة ولا تعترف بدورها من الأساس، لذلك سعينا لكسر تلك الأفكار بمجموعة من الآليات ومنها إشراك القيادات وبعض المؤثرين لما لهم من تأثير مباشر على الأفراد وقراراتهم.

وحرصنا طوال الوقت على إشعار الفئة المستهدفة بالتغيير الإيجابي الناتج عن مشاركة النساء سواءً في العمل من أجل توفير دخل إضافي للأسرة أو في أدوارهن المجتمعية الأخرى، وهو الأمر الذي زاد من حجم تقبل الشارع القروي لهن ولعملهن المجتمعي.

وواحدة من التحديات التي تمكنا من معالجتها مع الوقت تمثلت في الإمكانيات المادية مالية كانت أو بشرية وبعد استجابة الجهات التنفيذية والقيادات الطبيعية للتعاون معنا استطعنا التغلب على هذا العائق أيضاً ونشعر الآن أننا مؤثرين وما نقدمه من خدمات بات ملموساً وواقعياً إلى حد كبير.

 

تعملون في بيئة محاصرة بالثقافة الذكورية فإلى أي مدى ترون أن القوانين هي الفاعلة في عملية التغيير وماذا عن العادات والتقاليد وتأثيرها؟

القوانين يمكنها المساعدة إلى حد كبير، إلا أن الأمر سيكون مرهوناً بالفترة التالية على صدورها فالتفعيل الحقيقي لها يجعلنا نجني ثمارها ويؤثر بشكل قوي ومباشر على سلوكيات وتوجهات الأفراد.

أما عن العادات والتقاليد الداعمة للثقافة الذكورية فهذا هو الدور المنوط بالمجتمع المدني ووجب عليه العمل من أجل تغييره، والمجتمعات تتأثر بالأفعال فحينما يرون حجم تأثير ما تقوم به الفتيات يعترفن بهن ويقبلونهن كشركاء في الأسرة والحياة العامة.

ونحن نعمل في قلب الصعيد ويمكننا التحدث والعمل على جميع القضايا حتى الحساسة منها والشائكة كالختان وتزويج الفتيات دون السن القانوني، والتحرش بمختلف أنواعه وكسر حاجز الصمت، والثقافة لخلق مجموعات قادرة على التعبير عما يتعرضون له من أزمات دون خوف أو تردد، وأصبح الصعيد على مستوى الحضر في جميع القضايا وأصبح هناك مشاركة قوية للنساء بالفعل.

 

هناك مشاركة سياسية للمرأة في محافظة قنا فما أسباب هذا التطور الملحوظ في اهتمامات النساء وسعيهن للوصول لمواقع صناعة القرار؟

مشاركة المرأة السياسية في مختلف أنحاء المحافظة بالفعل كبيرة وملموسة، فأنا امرأة أعيش داخل نجع في قرية بعيدة عن المركز ومع ذلك ترشحت للانتخابات الماضية وكان هناك قبول مجتمعي لذلك، وأثناء زيارتي للرجال في دواوين العائلات كنت أجدهم في انتظاري ويناقشوني ببساطة في مختلف القضايا وكذلك برنامجي الانتخابي دون أي تحفظ.

وهناك إقبال كبير من النساء في المشاركة بمختلف أنواعها حتى الانتخابات الدستورية، ونحن كمجتمع مدني نشجعهم على ذلك من أجل الاعتراف بهن اجتماعياً ويمكن القول أن النساء تمتلكن وعي سياسي حقيقي في المحافظة.

أما عن مناصب صنع القرار فباتت النساء اليوم مديرات للمدارس، وهناك العديد من الجمعيات تترأسها النساء ومن ضمن أعضاء مجلس ادارتها ذكور ومع ذلك تسير الأمور بشكل طبيعي والتقبل ناتج عن النجاح الذي حققته النساء لحصرهن على كسب تأييد المجتمع.

 

عاملات الزراعة واقعهن سيء للغاية ما هو حجم معاناتهن وكيف تساعدونهن على تخطيها؟

واحد من أهم التحديات التي تواجه المرأة العاملة في مجال الزراعة تتمثل في إعطاؤها أجر أقل من الرجل لكونها امرأة فقط، رغم أنها تقوم بنفس العمل وتواجه نفس الأزمات وتتحمل ذات الأعباء وتضطر لقبول ذلك لكونها بحاجة للمال، كما أن مظلة الحماية الاجتماعية أو الصحية لا تشملهن وبالتالي فهن مهددات أغلب الوقت وفي حالة المرض لا تجدن أي دعم وتتعرضن لمخاطر لا حصر لها.

ونعمل في "الجمعية النسائية" على تدريبهن وتنمية تطلعاتهن لتصبحن أصحاب أراضي فنعلمهم كيفية زراعة الطماطم وتجفيفها عن طريق الشمس لبيعها، وأن مساحة الأرض وإن كانت صغيرة يمكنها أن تحقق لهن نقلة نوعية وتملكهن مشاريعهن الخاصة.

 

محافظات الصعيد تحتاج لعمل دؤوب وجهد متواصل فكيف تخططون للعمل المستقبلي؟

لدينا الكثير من المخططات في المستقبل وأهمها استهداف إعادة المرأة الريفية للعملية الانتاجية مرة أخر لتشارك في توفير احتياجات أسرتها ومجتمعها بدلاً من اعتمادها على ما تشتريه من الخارج.

كما أننا ندرك جيداً أن التمكين الاقتصادي للنساء هو الأساس الذي يمكننا البناء عليه في التمكين الاجتماعي والسياسي وصناعة القرار والمشاركة بجانب الرجل على مستوى الأسرة سواءً كان في القرية أو المدينة.

ونخطط أيضاً للعمل على الفئات الشابة لتأهيلهم لسوق العمل من خلال التدريبات المتنوعة التي تكسبهم خبرات ريادة الأعمال وتجعلهم في مراكز قيادية مجتمعية.

ويمكنني هنا سرد قصة لواحدة من المتدربات في الجمعية النسائية حاصلة على الشهادة الإعدادية فقد تعلمت مهنة الخياطة وتدوير الملابس المستعملة، ومع عملها تغيرت نظرة زوجها لها لكونها أصبحت تساعده في إعالة أسرتها، كما أن الأب لم يكن راغباً في تعليم بناته لسوء أوضاعهم الاقتصادية لكنها بعملها استطعت تعويض ما حرمت منه وساعدت زوجها في الانفاق على بناتها وتعليمهن، لتدخل واحدة من بناتها في التعليم الفني وباتت الاخرى في الثانوية ويتطلع الزوجان الأن لإدخالهما الجامعة، كما وتسعى الأم لاستكمال تعليمها كي تصبح مدربة وتساهم في مساعدة الأخرين.