"جنوبية حرة" مؤسسة نسوية تناهض العنف والتمييز ضد النساء في أسوان

العمل على قضايا النساء أمر يحتاج للكثير من الجهد خاصةً إن كانت في محافظة أسوان التي يسيطر عليها النظام القبلي، إلا أن مؤسسة "جنوبية حرة" عملت على توفير مساحات آمنة للنساء بالإضافة إلى توعيتهن بحقوقهن من أجل مواجهة العنف الموجه ضدهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ يعتبر الحديث عن حقوق النساء في المجتمعات المغلقة والتي تسيطر عليها القبيلة معاداة واضحة للهيمنة الذكورية المنتشرة بفعل قوة العادات والتقاليد البالية، وهو الأمر الذي يعرقل في بعض الأحيان عمل المجتمع المدني خاصةً المؤسسات النسوية التي تستهدف تغيير واقع النساء من أجل مستقبل أفضل.

وللتعرف على واقع المجتمعات القبلية عن قرب كان لنا حوار مع واحدة من مؤسسات مؤسسة "جنوبية حرة" في أسوان سهام عثمان والتي اطلعتنا على طبيعة عمل المؤسسة وما تقدمه لنساء الصعيد من خدمات ودعم، فضلاً عن التعريف بواقع النساء هناك وما تتعرضن له من انتهاكات في ظل تلك البيئة التي تحفز على ممارسة العنف بفعل انتشار الأفكار الذكورية.

وكشفت سهام عثمان عن حجم مرونتهن في التعامل مع المعوقات التي تواجه عملهن لكونه يصطدم مع الثقافة والأفكار الراسخة هناك، وولدت مؤسسة "جنوبية حرة" من رحم ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير وحملت الكثير من الأفكار القريبة من روحها كالمثابرة من أجل إحداث التغيير الحقيقي وكسر القوالب النمطية والدعم الغير مشروط للنساء والفتيات.

 

جنوبية حرة واحدة من المؤسسات الفاعلة في الصعيد فهلا حدثتمونا عن طبيعة عملكم وما تقدمونه لمجتمعكم؟

مؤسسة "جنوبية حرة" تأسست بمشاركة مجموعة من شابات قرى محافظة أسوان تنتمين لقبائل مختلفة اجتمعن على هدف واحد يتمثل في خلق مساحة آمنة للفتيات في المنازل والشوارع.

وعملن كمبادرة شابة تناهض التحرش والعنف في الشوارع باستخدام الجرافيتي (الرسم على الجدران) ومراكز الشباب ونسعى معاً لتأمين بيئة آمنة للنساء لا يتم انتهاكهن فيها أو الانتقاص من حقوقهن.

ولكوننا مؤسسة معنية بالقضاء على العنف والتمييز ضد النساء في الصعيد نسعى إلى تمكين النساء والفتيات في مختلف المجالات منها تعرفيهن بحقوقهن وسبل المطالبة بها وأدواتهن في مواجهة أي انتهاك يقع عليهن وتوعيتهن بالقوانين الداعمة لحقوقهن والمنتصرة لها.

وفيما يخص القضايا التي نعمل عليها فنحن مؤسسة معنية بالقضاء على العنف والتمييز ضد النساء في الصعيد ونسعى لتمكين النساء والفتيات في مختلف المجالات ومنها تعريفهن بحقوقهن وسبل المطالبة بها، وتوعيتهن بالقوانين الداعمة لحقوقهن لمواجهة أي انتهاك يقع عليهن، بالإضافة إلى التشبيك مع مجموعات أخرى من أجل إصدار قوانين لحماية النساء ومناهضة مختلف أشكال العنف الذي يقع على عليهن.

 

كان لكم دور كبير في مساعدة عدد من المبادرات الشابة للعمل في صعيد مصر، فما هي تلك المبادرات وكيف تمكنتم من دعمها؟

يتمثل عملنا في الدعم الغير المشروط للفتيات خاصةً أننا مدركين أننا لن نستطيع العمل على احتياجات مختلف النساء في المحافظة التي نتواجد فيها، لذلك يجب أن يكون هناك أجيال أخرى لهم تطلعات وطموحات وسياقات مختلفة، كما نسعى لإعطاء المعرفة لجميع النساء والفتيات وهن من تقررن إن كن بحاجة لعمل تنظيم يعبر عنهن أو ستعملن بشكل فردي أو ستحصلن على المعلومات لذواتهن وهو أمر مشروع.

وخلال واحد من التدريبات النوعية التي كانت موجهة للصحفيات حول الجندر والصحافة والخطابات التي تتصدر الجرائد والتي يحض جانب منها على كراهية النساء وتزيد من نسب العنف الموجه لها، قررت مجموعة من الفتيات عمل مبادرة حملت اسم "جندريست" لمناقشة قضايا العنف الجنسي عن طريق الصحافة.

وعندما قدمنا ورش معرفية خاصة بالحقوق الانجابية والجنسية في أسوان قررت مجموعة من الشابات بأطلاق مبادرة "ياء الملكية" جاء اختيارهن لهذا الاسم لتعبرن من خلالها عن حق المرأة في جسدها وتعرض البعض منهن لتجربة الختان ورغبة منهم في وقف تلك الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في القرى التي أتوا منها.

ونحن نمد يد العون لأي مبادرة ناشئة تحتاج لدعم فني أو تقني أو حتى مواد معرفية وخبرات لكوننا ندرك حجم الحاجة للعمل الدؤوب والمتواصل من أجل مساندة النساء في محافظة واحدة وهذا مؤشر على ما تحتاجه الدولة ككل من أيادي تعمل لتغيير واقع النساء.

 

تعملون وسط مجتمع قبلي فما حجم التحديات والعوائق التي توجهونها هناك؟

والثقافة الذكورية هي المسيطرة تماماً على مختلف محافظات الصعيد لذلك نترك الفتيات لتأخذن قراراتهن في التنظيم أو المشاركة لما قد تتعرضن له من مخاطر وضغوط منها الحرمان من العمل أو التعليم.

ولأننا من قبائل مختلفة ساهم الأمر كثيراً في اتساع المساحة التي نستطيع من خلالها التعامل مع القبائل ونستخدم معارفنا لدخول القرى كما أننا نقوم بالعمل من أجل صالح نساء القرية فالأهم بالنسبة لنا راحتهن حتى نتمكن من الوصول لهن.

كما نعمل على تغيير الآليات فيمكننا أن نستخدم أدوات بعيدة عن التوعية المباشرة كالأفلام والمعسكرات والتعبير بالفن وأفلام كرتون المخصصة لتوعية الأطفال بمساحتهم الشخصية وحدودهم وسبل حمايتهم.

نعمل على تقديم الدعم القانوني بشكل فردي ونسعى خلال الفترة المقبلة نحو تكوين وحدة دعم قانوني كاملة لمساعدة الناجيات من العنف الجنسي.

ولأن الدعم النفسي ضرورة ولا يوجد أطباء في الصعيد حرصنا في أغلب الأوقات على اللجوء للشراكات والإحالة للمؤسسات التي تمتلك تلك الخبرة في القاهرة، وخلال الفترة المقبلة لدينا تحدى نسعى لتذليله يتمثل في تكوين وحدة لتقديم الدعم النفسي من خلال مؤسستنا، إلى جانب خططنا في التوعية من خلال إقامة المعسكرات لتفكيك مفهوم الجندر للشبان والشابات خاصةً في سن المراهقة.

ونتيجة زيادة معدل الابتزاز الإلكتروني خلال الفترة الماضية قررنا العمل على تقديم خدمات السلامة الرقمية لتوعية الفتيات لحمايتهن حتى لا تتعرضن لهذا النوع من الانتهاكات، فضلاً عن توعيتهن لمعرفة القوانين وكيفية تقديم الشكاوي والإجراءات اللازمة عند التعرض لهذا النوع من التعدي.