بين التحايل والأعراف... نساء تحرمن من حقهن في الميراث

تحديات كثيرة لا تزال تواجه النساء في إدلب في تحصيل حقها في الميراث، والتي تنشأ من الموروثات المجتمعية السلبية التي تتعارض مع الشرع والقانون، وتتمادى على المرأة واستضعافها وغصب حقوقها.

لينا الخطيب

إدلب ـ يتحايل الكثير من الآباء والأبناء في إدلب لحرمان الفتيات من حق الميراث، والامتناع عن منحهن حقوقهن الشرعية والقانونية من التركة، ما يؤدي إلى خلافات وقطيعة وحقد بين أفراد الأسرة الواحدة، ومنها لجوء بعض الأسر لمنع فتياتها من الزواج قبل التخلي عن حق الميراث.

اضطرت سناء الجانودي (23 عاماً) من مدينة إدلب، للتخلي عن حقها في إرث والدها، مقابل الزواج من الشاب الذي اختارته، ورغم الظلم الذي وقع عليها من قبل أشقائها، إلا أنها لا ترغب برفع دعوى قضائية ضدهم، حتى لا تخسرهم بحسب تعبيرها.

وأضافت "بعد وفاة والدي تقدم الشاب الذي اخترته للزواج، ولكن أشقائي رفضوا طلبه عدة مرات بحجة عدم مكافأته لعائلتي من حيث النسب والمستوى الاجتماعي، وعندما أخبرتهم بموافقتي على الزواج، وضعوني أمام خيارين، إما منعي من الزواج أو التخلي عن حقي في الميراث مقابل موافقتهم على زواجي، بحجة عدم رغبتهم بإدخال شخص غريب إلى العائلة ليشاركهم بأراضيهم وعقاراتهم التي تعبوا في جمعها طوال حياتهم".

وبينت سناء الجانودي أن أشقائها أمعنوا في ظلمها من خلال اغتصاب حقها في ميراث والدها، وحرمانها من مورد مالي يساعدها على تحسين حياتها وتحقيق استقلاليتها.

أما نوال العباس (20 عاماً) من بلدة كللي شمالي إدلب، فقد أجبرت عن الزواج من ابن عمها رغماً عنها، لرغبة أهلها بعدم ضياع الإرث خارج نطاق الأسرة، وتقول "بعد نجاحي بالثانوية العامة أجبرني أشقائي على ترك الدراسة للزواج من ابن عمي الذي تقدم لخطبتي".

وبينت أنها رفضت الزواج من ابن عمها الذي تعتبره مثل أخ لها، لكن الجميع وقفوا في وجهها، وأرغموها على الزواج، مؤكدة أنها علمت لاحقاً أن الزواج تم للحفاظ على ميراث والدها وعدم تبديده في حال تزوجت من شخص آخر لا يمت لها بقرابة.

ليست حنان الشيخ (34 عاماً) من مدينة حارم أفضل حالاً من سابقتها، فقد أجبرها أشقائها على الطلاق من زوجها بعد أن طالبتهم بحصتها من الميراث، فقد اعتبروا أن زوجها من حرضها على المطالبة بحقوقها.

وأضافت "زوجي مريض قلب وعاطل عن العمل، وأنا أم لطفلين، لذا قررت تحصيل حقي من الأملاك التي تركها والدي، بهدف تحسين أوضاعنا المعيشية، لكن ردة فعل أشقائي الثلاثة كانت صادمة، حيث اقتحموا منزلي وأشهروا السلاح في وجهي وقاموا بإجباري على الذهاب معهم، وطلب الطلاق من زوجي والتخلي عن أولادي".

وأكدت حنان الشيخ أنها قامت بالتوقيع على أوراق تخلت فيها عن حقها مقابل العودة إلى منزل زوجها لاحتضان أولادها من جديد.

من جانبها تحدثت روان الطعوم (36 عاماً) من مدينة إدلب، عن حرمان النساء من حق الميراث بالقول "العرف المجتمعي المنتشر في إدلب، يمنع المرأة من الإرث، بحجة أنها لا تحتاج إليه، أو لأنها ستنفقه على زوجها وأولادها من غير الورثة، وبعضهم يضغطون على المرأة لتتنازل عن نصيبها في الميراث لصالح أشقائها، بحجة أنهم يستحقونه أكثر لأنهم يعيلون عائلات، وبعضهم يستغلون جهل المرأة بحقها في الميراث أو قلة وعيها القانوني ليسلبوها نصيبها في الميراث بالخداع أو التزوير أو التهديد".

وشددت على ضرورة رفض النساء تسلط الأخوة عليهن، ورفض تزويجهن لأسباب تتعلق بالميراث أو غيره.