التحقت بمعهد اللغة الكردية في عمر الخمسين وهي الآن معلمة

قاد حب ليلى كمو للغتها الأم إلى التحاقها بمعهد اللغة الكردية بعد سن الخمسين، وأنهت الدراسة فيه بتفوق وهي الآن معلمة.

هيلين كمو
الحسكةـ
يقال إن اللغة عماد الأمم وكيانها ومستقبلها. لذا سعت ليلى كمو المرأة الكردية التي تعيش في مقاطعة الحسكة في شمال وشرق سوريا والتي تؤمن بنفس الفكرة إلى تطوير لغتها.
ولدت ليلى كمو عام 1963 في قرية كمو التابعة لمقاطعة الحسكة. نشأت وترعرعت في عائلة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسياسة. درست ليلى حتى الصف السادس الابتدائي في مدارس اللغة العربية، ولكنها اضطرت إلى ترك الدراسة بسبب الظروف المعيشية. بقي تعلم القراءة والكتابة رغبة دفينة في قلبها وكبرت معها. وغالباً ما كان التعلم باللغة الأم أحد المطالب الرئيسية لها.  
 
حب اللغة قادها إلى الدارسة في المعهد
بدأت ليلى كمو الدراسة عام 2017 في معهد الشهيد جيا للغة الكردية في مقاطعة الحسكة. قادها ذلك الطريق الشاق المليء بالحب والإرادة والتصميم نحو النجاح. هكذا تحدثت ليلى كمو عن تلك الأيام "عندما بدأت الثورة، كان تعلم اللغة الكردية إحدى رغباتي التي أردت تحقيقها. ففي طفولتي تعلمت بعض الأحرف ولكني لم أتابع التعلم. التحق زوجي قبلي بمعهد اللغة، فيما بعد أنا أيضاً التحقت بالمعهد رغم كبر سني وتقدمي بالعمر".
ويوجد في مدينة الحسكة معهدين لتعليم اللغة الكردية وهما معهد الشهيد جيا في حي الصالحية الذي افتتح عام 2015، ومعهد الشهيد سيداي تيريج في حي تل حجر الذي افتتح عام 2016.
 
بمثابرتها نجحت وتفوقت
واجهت الكثير من المتاعب والصعوبات لأنها التحقت بالمعهد في سن كبيرة، ولكنها رغم ذلك واصلت دراستها بإصرار ومثابرة. استذكرت ليلى كمو أيام المعهد تلك بهذه الكلمات "لأنني كنت كبيرة في السن لم أكن أتعلم بسرعة. لكنني لم أنسحب. ومضيت قدماً. كنت أقول لمن حولي من الشباب ومن هم في مثل سني؛ كونوا حريصين على الاستفادة واغتنام هذه الفرصة التي أتيحت لكم. تعلموا، إنها لغتكم. كان أصدقائي ومعارفي يستمعون إلى آراء الناس من حولهم ويقولون حتى لو ذهبنا وتعلمنا وأنهينا الدراسة لكننا لن نستفيد شيئاً. تلك الكلمات والأقاويل كانت تُردد دائماً. لكنني كنت أقول لنفسي؛ لا مشكلة، ليس لي علاقة بأقاويل المجتمع والناس. كان هدفي الوحيد هو تعلم لغتي الأم. فإذا سألني المجتمع في أحد الأيام ماذا فعلتِ؟ سأقول إنني تعلمت لغتي. لقد درست في المعهد لمدة عامين بجد وعناء فنجحت وتفوقت".
والهدف من افتتاح المعاهد الكردية هو تعريف المجتمع بلغته وثقافته وبناء مستقبل للأجيال الناشئة، ونشر الأفكار السليمة والصحيحة وبناء إنسان ديمقراطي يتقبل المجتمع بمختلف مكوناته وأثنيته.
 
"يجب أن تؤمن النساء بقوتهن"
من خلال نجاحها استطاعت ليلى كمو كسر مفهوم المجتمع الذي يرى ويصور المرأة ككائن لا قوة له. وبدون هوادة سارت وراء تحقيق أحلامها وأهدافها. فقد زوجها حياته في عام 2019 أي العام الذي تخرجت فيه. فكافحت بقوة ضد فرض المجتمع لفكرة أن المرأة لا تستطيع العيش بمفردها. وقررت إدارة حياتها منذ ذاك اليوم وصاعداً بمفردها.  
حالياً تقوم بتعليم اللغة الكردية لأطفال المكون العربي في قرية خربة الغزال التابعة لمقاطعة الحسكة على مدار خمسة أيام في الأسبوع.
في النهاية وجهت ليلى كمو التي تؤمن بقوة المرأة هذه الرسالة إلى جميع النساء "لقد مررت بالعديد من الأحداث والظروف الصعبة في حياتي. لم يكن لدي أطفال وفقدت زوجي أيضاً. لكنني لم أكن تلك المرأة التي تجلس واضعة يدها على خدها حانية رأسها لقدرها ومصيرها. قلت لنفسي أنا امرأة قوية، يجب أن أعيش بكل فخر واعتزاز. لدي أمل بكل النساء؛ فلا توجد أي امرأة لم تواجه الصعوبات لكنني أحب تلك المرأة المثابرة والناجحة".
ويحتفل الكرد في 15 أيار/ مايو من كل عام بيوم اللغة الكردية، وقد اختير هذا اليوم في العام 2006 من قبل المؤتمر الوطني الكردستاني يوماً للغة الكردية.
 
وكان الهدف من افتتاح المعاهد الكردية تعريف المجتمع بلغته وثقافته وبناء مستقبل للأجيال الناشئة، ونشر الأفكار السليمة والصحيحة وبناء إنسان ديمقراطي يتقبل المجتمع بمختلف مكوناته وأثنيته.