الحجامة... وسيلة قديمة لتعزيز الدورة الدموية

اشتهر الطب البديل منذ القدم بدوره الهام في علاج العديد من الأمراض ومن أنواعه الحجامة التي تعتمد على وضع أكواب من الزجاج على الجلد، تعمل على سحب الدم الفاسد من الجسم

ألماسة المخلف
الحسكة ـ .
تطورت عملية استخدام الحجامة عبر العصور، ففي القديم كانت تتم عن طريق استخدام قرون الحيوانات، لتتطور إلى عملية استخدام الكؤوس المصنوعة من الخيزران والخزف، حيث كان يتم شفط الدم من خلال استخدام الحرارة الناتجة عن تسخين الكؤوس. 
انتقلت بعدها إلى مرحلة أكثر تقدماً باستخدام كؤوس زجاجية تدعى "كاسات الهواء" توضع على أماكن محددة من الجسم، تخلق هذه الكؤوس نوعا من الضغط مما يسهل عملية سحب الدماء الفاسدة من الجسم التي تساهم في تنشيط الدورة الدموية وتدفق الدم وعلاج الكثير من الأمراض.
وفي هذا السياق قالت لنا أخصائية المعالجة الفيزيائية والحجامة من مدينة الحسكة في شمال وشرق سوريا لمياء الراشد، أنها تستخدم طريقة الطب الصيني القديم في علاج المرضى والتي تتمثل بسحب الدم الفاسد من الجسم عبر الوخز بالإبر، والذي غالباً ما يستخدم في منطقة الرسغين والظهر والرقبة والأكتاف والساقين واليدين، وتؤثر في الأنسجة المتواجدة على سطح الجلد حتى عمق 10 ميليمتر.
 
أنواعها  
وفق ما أشارت إليه المعالجة لمياء الراشد تنقسم الحجامة إلى أنواع وهي حجامة جافة تستعمل فيها كؤوس الهواء وتوضع على موضع الألم دون جرح الجلد، والحجامة الرطبة أو الدامية التي تختلف عن الحجامة الجافة بتجريح الجلد تجريحاً خفيفاً ووضع الكأس "المحجمة" على مكان الجرح وتفريغها من الهواء عن طريق السحب فيندفع الدم والأخلاط الرديئة من الشعيرات والأوردة الصغيرة إلى سطح الجلد.
كما للحجامة أنواع أخرى ومنها الحجامة المتزحلقة التي تكون شبيهة بالحجامة الجافة لكنها تكون متحركة بسبب تدليك الموضع بالزيت.
وهناك عدة خطوات أوضحتها لمياء الراشد بالنسبة لطريقة عمل الحجامة ففي البداية يتم تعقيم منطقة العلاج، وبعدها توخز المنطقة بالإبرة المخصصة للحجامة، لتضع بعدها الكأس الزجاجية، كما أنها تستخدم جهاز الالكترودات الطبي لتنشيط الأعصاب، تستمر هذه العملية لمدة خمس دقائق، ثم تتم إزالة الكأس وتمسح المنطقة من الدم وتعقم.
تؤكد لمياء الراشد على أهمية ارتداء الكمامات والقفازات الطبية أثناء المعالجة، مع ضرورة استخدام المعدات الطبية النظيفة والمعقمة كالإبرة والكؤوس الزجاجية التي تستعمل لمرة واحدة، خوفاً من انتقال الأمراض السارية والوقاية منه. 
وأضافت بأن الحجامة الناجحة لا تكون بكمية الدم المستخرجة، وإنما بالإفرازات التي تعرف بـ "الأخلاط" أي الدم المتكتل والتي تتكون تحت الجلد وتُطرح من الجسم. مشيرة أنه بعد الانتهاء من الجلسة تظهر كدمات دائرية داكنة اللون، وهي علامات تبدأ بالزوال خلال أيام أو بعد أسابيع.
 
شروط العلاج بالحجامة
قبل البدء بوضع الحجامة هناك شروط  يجب اتخاذاها وهي بحسب ما أشارت إليه المعالجة لمياء الراشد إجراء التحاليل والصور والتقارير الطبية، والامتناع عن تناول الطعام أو شرب السوائل قبل البدء بالمعالجة، منوهةً إلى أن المريض يمنع بعد إجراء الحجامة من تناول الطعام الدسم والاستحمام ويقتصر طعامه على تناول الفواكه والخضروات والحساء لمدة يوم واحد.
وبينت بأنه هناك اختلاف في التوقيت بين عمل الحجامة الوقائية والحجامة العلاجية، فالحجامة الوقائية تستخدم في أيام محددة من السنة، وخلال أشهر الربيع، بينما الحجامة العلاجية تستخدم على مدار السنة. 
وتستخدم الحجامة لمعالجة آلام العمود الفقري، الصداع، وكل ما يخص الغضاريف والمشاكل العضلية لاسيما من قبل الرياضيين، كما أنها تساعد على تعزيز الدورة الدموية وتقوية مناعة الجسم للأمراض، والتخفيف من أمراض الجهاز التنفسي.
وبينت لمياء الراشد بأنها تعمل على معالجة النساء والأطفال فقط، منوهةً بأن الحجامة لا تستخدم للنساء إلا بعد  انقطاع الدورة الشهرية حيث تصبح البديل الأفضل للتخلص من السموم في الدم.
والجدير بالذكر أن تاريخ الحجامة يمتد إلى أكثر من خمسة آلاف عام، مارسها أهل الشرق والغرب وكانت تنتقل من جيل إلى آخر حيث كانت أحد أهم الوسائل العلاجية لكثير من حضارات العالم، فقد عرفها الصينيون، الفراعنة، الهنود، الإغريق، الرومان، البابليون والعرب قبل الإسلام، ودلت الآثار والصور المنحوتة على استخدامهم للحجامة عبر العديد من الوسائل كالكؤوس المعدنية وقرون الثيران وأشجار البامبو.