لأنهن يعتبرنها إهانة... مغربيات يطلقن حملة ضد فحوصات العذرية

أعادت حركة الدفاع عن الحريات الفردية "مالي"، الجدل بخصوص فحوصات العذرية في المغرب إلى الواجهة، وذلك بعد إطلاقها حملة رقمية، من أجل مناهضة هذا الإجراء الذي تعتبره إهانة في حق النساء

حنان حارت
المغرب ـ .
فاطمة وهو اسم مستعار لشابة تبلغ من العمر 35 سنة، تقطن في مدينة الدار البيضاء، تحدثت لوكالتنا وكالة أنباء المرأة، عن قصتها بعدما أرغمها خطيبها على إجراء فحص العذرية، واشترط إتمام الزواج بخضوعها لذلك.
تقول فاطمة "بعد تعارف دام لسنتين، أسفر عن خطبتنا بمباركة الأسرة، وبينما كنا نستعد لإقامة حفل الزفاف، ألح علي خطيبي الخضوع لفحص إثبات العذرية، فبمجرد سماعي لطلبه انتابني غضب شديد وأخبرته أن هذا الأمر يحط من كرامتي، وأن طلبه هذا يبين أنه لا يحبني ولا يثق في".
 
أفكار تربط بين الجسد والشرف
وتضيف فاطمة "للأسف المستوى التعليمي والثقافي لخطيبي كان جيداً، لكن ذلك لم يغير من أفكاره الاجتماعية التي تربط بين جسد الفتاة والشرف، كان هذا بداية الخلاف بيننا وتحولت فترة الاستعداد لإقامة حفل الزفاف إلى شد وجذب، بين إقناعه لي بالفكرة وبين رفضي لها، وفي الغالب كنا ننهي حديثنا بالخصام يدوم يوم، ثم يومان، ثم بات أسبوعاً ثم نعاود التصالح، لكن ذات مرة وبينما احتدم جدالنا، وأخبرني أن استمرار رفضي لإجراء فحص إثبات العذرية دليل على إخفائي لسرٍ ما، وهو غير مستعد لأية مفاجأة بعد عقد القران". 
وعما شعرت به آنذاك تقول "لقد كانت كلماته تتسلل إلى قلبي كخنجر، فلم أتمالك نفسي وأخبرته وأنا أصرخ والدموع تنهمر من عيني أني لم أعد أريده، ولا أرغب في أن أكون زوجته، لأنه لا يثق في، وأن مسألة فحص العذرية ليست لها أية علاقة بالأوهام التي في رأسه، وإنما هي مسألة مبدأ، لكوني لا أقبل أن أذهب إلى الطبيبة وأرفع قدماي لتتأكد من عذريتي وأنا على يقين بأني لا زلت بكراً، قلت له أنني حينما أفكر في هذا الأمر أشعر بالقرف من هذا المنظر البشع".
تقول فاطمة أن النقاش لم ينته هنا "في كل مرة نتحدث فيها يحاول إقناعي، إلى أن خيرني بين الفحص وبين إتمام الزواج، فأنصعت لرغبته خوفا من تركه لي".
 
فحص العذرية اغتصاب
وعن شعورها لحظة الفحص تقول فاطمة أنها شعرت بألم وكانت كما لو أنها تتعرض لاغتصاب، كانت خائفة لدرجة كبيرة، وبدأت بالتوتر حينما كان يتم الكشف عليها من قبل الطبيبة "بينما أخبرتني الطبيبة أن غشاء البكارة سليم، وأنه من النوع الذي لا يفتض بسهولة، برزت على محيا خطيبي ضحكة وسعادة كبيرة وعانقني وقبل جبهتي، لكنني في تلك اللحظة كنت أشعر بأن قوتي بدأت تخور، وظلت قدماي ترتجفان ولم أعد أقوى على السير، وأحسست بذنب كبير كما لو كنت اقترفت شيئاً مشيناً في حق نفسي، خرجنا سوياً وظل يتحدث لي عن أحلامه بعد الزواج، لكني لم أكن اهتم لحديثه، كنت أسمع صوتاً واحداً يقول لي اهربي يا فاطمة ولا تقبلي بهذا الرجل زوجاً لك، إلحاحه على إجراء كشف العذرية هو شكل من أشكال الاغتصاب، وإن قبلت بالاستمرار في هذه العلاقة ستتعرضين للاغتصاب كل ليلة، وهكذا أخدت قراري بفسخ الخطوبة وإنهاء كل شيء قبل شهرين فقط من حفل الزفاف... الآن مر على هذا الحدث سنتين ولا أفكر أبداً في الارتباط أو خوض أية علاقة أخرى... لم أعد أقبل أن يتم اختصار شخصيتي في البكارة التي يعتبرها المجتمع مرادفاً للشرف".
 
حملة لمناهضة فحص العذرية
ابتسام لشكر الناشطة الحقوقية في حركة "مالي" وهي الجمعية التي أطلقت حملة مناهضة فحوصات العذرية، تقول "إن هذه المبادرة تأتي من أجل مناهضة العنف الجسدي والجنسي ضد النساء لأن هذا الاختبار يمس بكرامتهن وصحتهن النفسية".
وأوضحت ابتسام لشكر في تصريحها لوكالتنا أن إطلاق الحملة خلال منتصف شباط/فبراير، هدفه إيصال فكرة أن الأزواج يبدؤون علاقاتهم بشكل سيء وبعنف، عندما يفرضون على زوجاتهم إجراء اختبار العذرية.
واعتبرت الناشطة المغربية أن فحوصات العذرية التي يتم إجرائها عند طبيب أو طبيبة و"ليلة الدخلة"، هي عنف جنسي، لأنها تتحول إلى كابوس، وتعذيب واغتصاب.
 
نضال من أجل الحقوق الجنسية
وحول إجراء فحص العذرية تقول ابتسام لشكر "إننا نناضل من أجل الحقوق الجنسية والإنجابية ونحارب جميع أنواع العنف الذكوري، وهذه الممارسة المهينة والقاسية تشارك في ثقافة الاغتصاب"، مشيرةً إلى أن إجراء فحص العذرية يختزل النساء في جزء بسيط من جسدهن.
وبحسب ابتسام لشكر فأن الحملة ترتكز على مقاطع مصورة تقدم رأياً طبياً وشهادات مترجمة إلى اللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، ومنشورات على موقع إلكتروني تم تصميمه خصيصاً لهذه الحملة.
وتستنكر الحملة استمرار تسليم شهادات العذرية في عدد من الدول من بينها المغرب، مبرزةً ما في هذه الممارسة من إهانة للمرأة، وما تغذيه من ممارسات من قبيل ترقيع غشاء البكارة.
وكشفت الحملة أن 50% من النساء لا ينزفن خلال علاقتهن الجنسية الأولى، وأن من النساء من تولدن بدون غشاء بكارة، في حين غشاء أخريات مرن لا يتضرر بالجماع.
 
"أبشع شيء هو سلب النساء حق تقرير مصيرهن"
أما ليلى (25 عاماً) وهو اسم مستعار، رفضت الكشف عن هويتها، فهي من الشابات اللواتي تؤمن بالحريات الفردية، ولا تتردد في تشجيع هذه الحملة التي تهدف مناهضة فحص إثبات العذرية في المغرب، وتعتبر هذه المبادرة هادفة لكونها تعبر عن الإكراهات النفسية والجنسية التي تعاني منها الفتاة، تقول "في رأيي أبشع شيء هو سلب النساء حق تقرير مصير حريتهن الجنسية".
وتسترسل في حديثها "إن إجبار الفتاة على الخضوع لفحص العذرية، ما هو إلا تخلف ولهذا وجب محاربته، ومثل هذه الحملات بالتأكيد ستأتي بنتائج ملموسة خاصةً إذا تم في كل مناسبة فتح النقاش حول هذا الموضوع".
ويُعرف المجتمع المغربي خاصة في البوادي، عادة تتمثل في إخضاع الفتاة المقبلة على الزواج لفحص طبي، من أجل التأكد من عذريتها، ويتم هذا الفحص أحياناً بطلب من الزوج أو أسرته، وفي بعض الأحيان يتم بشكل إرادي من طرف أسرة الزوجة، وذلك لإسكات الألسن ومواجهة أسرة الزوج إذا ما زعموا أن ابنتهم لم تكن بكراً "ليلة الدخلة".
وفي "ليلة الدخلة" تحتفي بعض الأسر المغربية، بعملية افتضاض البكارة في صباح اليوم الموالي، ويسمى هذا الطقس باللهجة المغربية "بالصبوح" بتسكين الصاد، إذ يقمن بوضع سروال أبيض مطرز ملطخ بدم البكارة في طبق مع قطعة من السكر والرقص به مع ترديد أغاني من قبيل (عفاها عفاها حمرات وجه أباها) ويحيل ذلك إلى عفة العروس وحفاظها على شرفها وشرف العائلة.