"معبر رفح" بوابة الذعر التي تواجهها نساء غزة خلال سفرهن

يختلف الأمر بالنسبة للسفر في قطاع عزة عن غيره من الأماكن

رفيف اسليم           
غزة- ، فدوماً ترتبط كلمات "جواز سفر أو معبر" بمعاناة الطريق الطويل والذعر المرافق خاصة للنساء منذ خروجهن من غزة عبر معبر رفح البري حتى وصول المسافرة إلى العاصمة المصرية القاهرة.
بالرغم من أن للسفر وسائل مختلفة في بلدان العالم منها الجوي والبحري والبري، إلا أن قطاع غزة المحاصر يفرض على مسافريه طريقة واحدة، وهي سلك الطريق البري من غزة لمصر وما يتخلله من تفتيش ومعاملة سيئة، مروراً بالمبيت طوال الليل على المعبر وساعات الانتظار الطويلة لإنهاء الإجراءات التي من الممكن أن يتخللها الرجوع لنقطة الصفر وهي مدينة غزة وإلغاء سفر الشخص بالكامل. 
تواصلت وكالتنا وكالة أنباء المرأة مع عدد من النساء لترصد تجربتهن وتحاول تسليط الضوء على معاناتهن، خاصة أن الحق في السفر والتنقل كفلها نص المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وأيضاً المادة (12) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
تقول حنان يوسف (30) عاماً والتي كانت تعيش في السعودية خارج القطاع لفترة طويلة أن طريق السفر البري عموماً متعب فتتذكر أنها حين تسلك ذلك الطريق للسفر بين المدن تواجهها عدة صعوبات، ملفتةً أن الفرق بين دول الخارج وغزة هي إمكانية الاختيار ما بين الجوي وغيره من وسائل النقل الأخرى، لكن مما لا شك فيه تبقى غزة الأسوأ خلال السفر من دولة لأخرى لأسباب مختلفة.
وتكمل حنان يوسف أن انعدام الخصوصية وطريقة التفتيش المزعجة التي تتبعها السلطات المصرية هي ما تجعل أي امرأة من غزة تخشى السفر وحدها، مضيفةً أنه عندما تم تفتيش مقتنياتها فتح الضابط الحقيبة وفرغ محتوياتها على الأرض مما جعلها تندفع لتلملم ما ألقي على الأرض بسرعة كبيرة نظراً لتجمع المسافرين من الرجال حولها، متجاهلةً أمر فايروس كورونا الذي زاد الأمر تعقيداً.
وتضيف حنان يوسف أن الوضع قد يصبح أسوأ بكثير حين تضطر الفتاة أن تسافر لوحدها بهدف إكمال تعليمها أو الزواج أو العمل فتصبح لا تعرف كيف يمكنها تدبير أمرها، مشيرةً أنه حين أبلغوا المسافرات أن يبتنَّ طوال الليلة في العراء لاحظت خوفهن واضطرابهن من المكوث في مكان غير آمن لساعات متواصلة دون نوم، وسط أعداد كبيرة من الرجال.
فيما تقول حياة أبو عيادة البالغة من العمر (23) عاماً والتي سافرت للبحث عن فرصة عمل في دولة أخرى لانعدامها في قطاع غزة، أن فكرة سفر الفتاة وحدها بالنسبة المجتمع في غزة مستحيلة، فتتذكر أنها عندما طرحت الفكرة تمت مهاجمتها من قبل الجميع، ملفتةً بأنه بعد أن اجتازت معركة اقناع والديها، استعدت إلى التسجيل للسفر، فحدد لها موعد للمقابلة لتسأل لماذا تريد السفر وأين ستتجه وكان عليها أن تعطي أسباب منطقية لتتخطى ذلك أيضاً.
وتشير حياة أبو عيادة أنه في حال لم يكن للمسافر "واسطة" قد لا تتاح له فرصة السفر إلا بعد سنة على الأقل؛ لأنه من الصعب أن يصدر اسم الشخص في السجلات خلال أسابيع أو أشهر، مشيرةً أنه حين أخبرها المسؤول أن عليها أن تبيت ليلة في المعبر غضب والدها وقرر ارجاعها للمنزل لكن مع توسلاتها المستمرة قَبل أن تتم سفرها وودعها عند البوابة، متأملاً أن يتم إرجاعها في صباح اليوم التالي.
وعند المعبر بدأت رحلة الذل بعد الخروج من الصالة الفلسطينية حيث تقول إنها انتظرت في الصالة المصرية لمدة 9 ساعات وهي تقف على قدميها ثم نوديت للتفتيش وأمرت أن تخلع حذائها ومعطفها وتقف منتظرة دورها في نهاية صف طويل للنساء، مشيرةً أن مصادرة الممتلكات الشخصية للمسافرة تخضع لمزاج الضابط وأن الطريق البري المصري طويل جداً ومع التعب يكاد لا ينتهي وسط الصحراء وفي ظل انعدام الأمن.
وكان لـ سارة سالم البالغة من العمر (34) عاماً الرأي ذاته في السفر عبر معبر رفح فهي واجهت تلك المشكلات خلال رحلتها للقاء زوجها خارج قطاع غزة، فتذكر أن فرحتها في السفر تلاشت حين دخلت المعبر هي وطفلتيها البالغتان (4 و7) سنوات، ملفتةً أنه منذ بدء خطوات التفتيش مروراً بساعات الانتظار وهي تحاول أقناع طفلتها بعدم وجود مرحاض مخصص وأن عليهم أن يجتازوا الساعات المقبلة فقط لينعموا بالراحة. 
ومن الجدير بالذكر أنه كان يوجد في قطاع غزة مطار جوي خاص، أطلق عليه "مطار غزة الدولي" يقع في محافظة رفح (جنوب قطاع غزة) بالقرب من الحدود المصرية، أفتتح عام (1998) بعد مفاوضات طويلة مع "الاحتلال الاسرائيلي"، تحت ملكية وإدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، مع خضوعه أيضاً لقيادة "الاحتلال الإسرائيلي" الجنوبية.
لكنه توقف عن العمل في كانون الأول/ ديسمبر 2001، بعد أن ألحق "الجيش الإسرائيلي" به دماراً فادحاً، شمل محطة الرادار والمدرج مع بقاء ساحة المطار التي لم تتعرض لدمار بالغ، بينما دمر المطار كلياً أثناء حرب لبنان في صيف 2006 حين قصفت إسرائيل، ومنذ ذلك الحين بقي أهالي غزة بلا مطار معتمدين على مصر كبوابة للعالم الخارجي.