دور المرأة في بناء الدستور السوري الجديد سيحمي مكتسبات الثورة وحقوق النساء
تمكنت نساء إقليم شمال وشرق سوريا من خلال ثورة روج آفا من خوض نضال كبير للعب دورهن في كافة المجالات، واليوم يقع عل عاتقهن الحفاظ على المكتسبات التي حصلن عليها.
شيرين محمد
قامشلو ـ بعد سنوات طويلة من الكبت والاضطهاد والظلم انتفض الشعب ضد النظام السوري، ولكن مع تدخل قوى خارجية تحولت الثورة إلى أزمة تعمقت يوماً بعد آخر، وكانت المرأة أكبر ضحاياه، فلا قبل الأزمة ولا بعدها لم تتقلد المكانة التي تستحقها رغم مشاركتها في البارزة، وذلك على خلاف نساء إقليم شمال وشرق سوريا.
فبعد عام من انطلاق الثورة السورية، أي في التاسع عشر من تموز/يوليو عام 2012 انطلقت ثورة روج آفا لحماية المنطقة وشعبها بكافة مكوناتها التي توحدت رغم اختلاف الأديان والمذاهب والقوميات، ونظموا أنفسهم من خلال تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية الذي يبنى على مبادئ عدة أهمها الحفاظ على الثقافة والهوية والعدلة وأخوة الشعوب، لم تقتصر الحماية والثورة على الرجال والشباب بل قامت النساء بدور القيادة ولأنهن قدمن أرواحهن في سبيلها عرفت بثورة المرأة، ومن خلالها استطعن لعب دور بارز في جميع المجالات بدء من العسكري مروراً بالسياسي والاقتصادي ووصولاً إلى الثقافي والمجتمعي، أدواراً ومكانة لم يسبق أن تولينها أو أخذنها قبل ذلك، حتى أنهن أصبحن تدرن المجتمع وتتخذن القرارات المصيرية وتسعى من أجل مستقبل عادل في سوريا.
ولكون المرأة كانت تعاني من التهميش والعنف في سوريا، فحافظت على وجودها ومكانتها ضمن ثورة شمال وشرق سوريا، وطورت من ذاتها بكافة المجالات وكان لها الدور الكبير في هزيمة داعش.
"بات من الضروري بذل جهود أكبر وعلى نطاق أوسع"
خاضت مكونات شمال وشرق سوريا مقاومة تاريخية ضمن الثورة ليحافظوا على مكتسباتهم وهويتهم وثقافة مناطقهم، ولكن المرحلة الحاسمة قد بدأت للتو، فمع سقوط النظام السوري، واستلام الجهاديين لمقاليد السلطة، بات من الضروري بذل جهود أكبر وعلى نطاق أوسع للحفاظ على ما حققنه من انجازات ومكتسبات بعد سنوات من النضال والتضحية بالأرواح، وذلك من خلال المشاركة في بناء الحكومة الجديدة وكذلك الدستور الجديد الذي سيتم العمل على إعداده، وهو ما أكدت عليه الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا بروين يوسف قائلةً إنه "بشكل عام المرحلة التي تمر بها سوريا تاريخية وبشكل خاص بالنسب للشعب الكردي، فحزب البعث العربي الاشتراكي الذي استمر حكمه لعقود مارس على الشعب الكردي جرائم وسياسات استبدادية، واجهنا تلك الممارسات بمقاومة كبيرة".
وأوضحت أن النساء في إقليم شمال وشرق سوريا اللواتي شاركن في ثورة روج آفا وناضلن لسنوات من أجل حقوقهن وحماية شعبهن، استطعن أن تغيرن الكثير من السياسات المتبعة تجاه المنطقة حتى باتت فلسفة حرية المرأة خريطة جديدة لشعوب الشرق الأوسط.
وأكدت على أهمية الحفاظ على مكتسبات ثورة روج آفا "لطالما كانت المرأة أكثر الفئات المجتمعية تهميشاً وتعرضاً للعنف بكافة أشكاله، لهذا من المهم توحيد الصف النسوي للحفاظ على المكتسبات التي حصلنّ عليها خلال الثورة، ومن المهم في هذه المرحلة الجديدة رسم خارطة ودستور جديد للسير عليها نحو الأفضل وأن نقوم بنشر فكر حرية المرأة وأيديولوجيتها في سوريا بشكل عام للوصول إلى سوريا جديدة تقوم على مبدأ التشاركية ويحمي حقوق وثقافة جميع الأديان والمكونات المتواجدة على هذا الأرض".
"مكانة المرأة في سوريا الجديدة مهمة"
ولفتت بروين يوسف الانتباه إلى أن لن يتم الحفاظ على مكتسبات المرأة التي تم تحقيقها خلال ثورة روج آفا، ما لم يتم إشراكهن في رحلة بناء الحكومة ولجنة إعداد الدستور الجديد، "جميع مكونات إقليم شمال وشرق سوريا استطاعوا العيش معاً تحت ظل مشروع الأمة الديمقراطية، وتمتع الجميع بحقوقهم حتى أنهم تمكنوا من التعلم والتحدث بلغتهم الأم".
وأضافت "هدفنا بناء سوريا جديدة تحافظ على حقوق كافة المكونات بديمقراطية، وأن تلعب المرأة دورها في كافة المجالات وأهمها السياسي، وهو ما تم تطبيقه في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، نتمنى أن يتم الأخذ بتجربة مشروع الأمة الديمقراطية الذي حافظ على حقوق جميع مكونات المنطقة طيلة السنوات الـ الماضية".
وشددت على أن وحدة الشعوب ضرورية في هذه الفترة التي تمر بها سوريا وخاصة وحدة النساء أمام الممارسات التي ترتكب بحقهنّ والسياسات التي تهدف للقضاء عليهن وعلى مكتسباتهن "المهم توحيد صفوف الشعب والابتعاد عن المصالح الفردية".
"مشروع الامة الديمقراطية السبيل الوحيد للحفاظ على حقوق الشعوب"
وبدورها بينت الإدارية في لجنة التدريب مؤتمر ستار بمدينة قامشلو لإقليم شمال وشرق سوريا روهلان مسلم أن "الشعب الكردي في سوريا حرموا من حقوقهم في ظل النظام السابق، حيث فرض عليهم اللغات والعادات والتقاليد التي لا تمسهم ولا تنتمي إليهم، ومع بداية الثورة السورية بدء الشعب الكردي بثورتهم في روج آفا تلك الثورة التي رفضت السياسات التي مورست عليهم لعقود، وحققت قفزة كبيرة نحو الحصول على حقوقهم ومن أهم تلك الحقوق حق التعلم بلغتم الأم".
وأضافت "خلال الثورة أدركنا أنه ليس الكرد فقط من يحرمون من حقوقهم على أرضهم، بل حتى المكونات الأخرى قد حرمت من حقها، فعملنا على بناء نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي ضم كافة مكونات إقليم شمال وشرق سوريا".
"عبر فلسفة القائد أوجلان المرأة انتفضت ضد العنف والظلم"
وأشارت روهلان مسلم إلى أن المرأة تمكنت من خوض نضال كبير وهام في السير بخطوات مهمة نحو حريتها، فمؤتمر ستار كان بمثابة أساس متين لحرية المرأة وتنظيمها، ومع الثورة ازداد العمل على بناء وحدة نسوية تضم جميع النساء من كافة المكونات ليصبح المؤتمر منصة لجميع النساء اللواتي حلمنّ العيش بحرية، وقد ساهم بشكل كبير في إثبات المرأة مكانتها ضمن المجتمع وقدرتها على قيادته.
وتابعت "تضحيات المناضلات من الكرد، العرب والسريان وغيرهم من المكونات أصبح ميراث لجميع النساء في شمال وشرق سوريا، فمؤتمر ستار الذي ضم النساء من كافة المكونات حقق العديد من المكتسبات".
وأردفت بأن فلسفة القائد عبد الله أوجلان فتح المجال أمام النساء بالانتفاض والمطالبة بحقوقهنّ ضمن هذه الثورة وعبر فكره الحر تعرفت المرأة على دورها ومكانتها بالمجتمع وشعار المرأة، الحياة، الحرية أصبح شعاراً عالمي تحمي المرأة خلالها مكانتها وتطالب بحقوقها.
"استمرارنا بالنضال سيحافظ على مكتسبات ثورتنا"
وحول الصعوبات التي واجهتها النساء خلال الثورة تقول روهلان مسلم "واجهنا الكثير من الصعوبات خلال مسيرتنا نحو الحرية، من استهداف القياديات اللواتي ناضلنّ في سبيل حرية المرأة وهجمات الاحتلال التركي المستمرة على مناطقنا، حاربنا جميع المجموعات الإرهابية التي سعت وما تزال تسعى لتهميش دور المرأة وسلب حقوقها ومنها داعش الذي ما يزال يشكل خطراً على مناطقنا وعلى دور المرأة هنا".
وفي الختام أكدت عضوة مؤتمر ستار لمقاطعة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا روهلان مسلم على الاستمرار في النضال والحفاظ على مكتسبات ثورة المرأة التي تمثل جميع النساء اللواتي ناضلنّ ضد العنف والهيمنة.