الفلاحات التونسيات أكثر المتضررات من العنف الاقتصادي

لا يمر يوم دون تداول أخبار عن نتائج العنف الاقتصادي الذي تكابده الفلاحات والعاملات في تونس، فالصمت تجاه هذه الآفة جعلت مرتكبها متغاض عنها ولا يهمه غير الاستمرار في جريمته.

زهور المشرقي

تونس ـ تعتبر آفة العنف الاقتصادي من الظواهر المزدوجة التي تكابدها النساء وتتخوفن من التبليغ عنها أو حتى البوح بها، لاعتبار النظرة الذكورية التي ترى في العنف الاقتصادي الموجه للعاملات أمراً عادياً أو مبالغة منهن.

كانت التونسيات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس حيث تتحملن ثمن التضخم وانهيار الدينار مقابل الدولار وكل ما ينتج عن هذا، وتقول دراسات إن النساء تعانين حالة من الهشاشة الاقتصادية، إذ أن 19.3% فقط منهن تتمتعن بمواردهن الخاصة، في حين يتمتع 55.9% من الرجال بذلك.

وتمتلك 3% فقط من النساء عقاراً، مقابل 12% لدى الرجال، وعلى الرغم من مساهمة المرأة بنسبة 80% في الإنتاج الغذائي، ورغم أنها تمثّل 70% من اليد العاملة الفلاحيّة، إلا أنها لا تشارك في المشاريع الفلاحية إلا بنسبة 3%، ومع هذا تتكرر وتستمر مآسي التونسيات وتكابدن شاحنات الموت وهن الفلاحات اللواتي تعملن في ظروف هشة وكارثية دون تأمين صحي ولا تغطية اجتماعية ورغم القوانين تقاومن في صمت وهن لسن الوحيدات، فحتى عاملات المصانع والمؤسسات الخاصة والعامة يتشابه واقعهن الصعب وتتعرضن لمختلف أشكال العنف الاقتصادي.

قالت الناشطة النسوية في جمعية "أصوات نساء" ياسمين المليتي، إن العنف الاقتصادي يمس أغلب العاملات ويتضاعف حين تكون وظيفة العاملة حساسة وتتعلق بسلطة معينة، مؤكدةً أن هذا الشكل الخطير من العنف مسلط خاصة على الفلاحات وتبدأ معانتهن مع نقلهن عبر شاحنات الموت وتقتلن في حوادث العمل دون تحرك من الحكومة التي يجب أن تتخذ التدابير الكاملة لوقف التنكيل بهذه الفئة من النساء اللواتي لا يتم التطرق إلى قضيتهن إلا حين تموت إحداهن.

ولفتت إلى أن السلطات المعنية لم تتوصّل بعد إلى حل برغم من المبادرات التي قدمها المجتمع المدني لجعل عمل الفلاحات وعاملات المصانع الأكثر تعرضاً للعنف الاقتصادي أكثر تأميناً، معتبرة أن عدم التفكير في الحلول الواقعية فاقم معاناة هذه الفئة، داعية الحكومة إلى التدخل قبل حدوث أي كوارث أخرى وإيلاءهن الأهمية القصوى والأولوية بتوفير الحماية القانونية والاجتماعية.

وذكّرت بالمظلمة الاقتصادية التي تعرضت لها شابات بمصنع السبيخة من ولاية القصرين، مطالبة النسويات بتكثيف العمل ومضاعفة العمل لإطلاق سراح الشابات اللواتي تم إيقافهنّ على خلفية احتجاجهن على وضعهن الصعب.

وأشارت إلى أن العنف الاقتصادي الممارس على الفلاحات تضاعف خلال السنوات الأخيرة بالرغم من الحملات التي قام بها المجتمع المدني في تونس، مؤكدة أنه إلى اليوم لازال استعمال المبيدات والأدوية من قبل الفلاحات وعاملات المعامل دون حماية، ويفرض عليهنّ أحياناً لمس الأدوية بأيديهنّ دون الاهتمام لنتائج ذلك على صحتهنّ، منتقدة هزالة الأجور التي لا تتعدى يوميتهن الـ 15 دينار أي 5 دولار.

وعن الحلول لمواجهة العنف الاقتصادي، دعت ياسمين المليتي إلى توعية العاملات أينما كنّ خاصة مع صعوبة الولوج للمعلومة على وجه الخصوص في المناطق الداخلية التي تسعى فيها النساء لتوفير القوت اليومي لهنّ وأطفالهنّ، معتقدة أن التوعية أساس محاربة كل أشكال العنف وبأن العنف الاقتصادي خطير ولا يجب التهاون فيه.

وتابعت "الاقتصاد قائم على صحة النساء وتعبهنّ، وفي المقابل يتم إقصائهنّ ولا يتمتعنّ بحقوقهنّ وهنّ لا تعرفن حتى الواجب، إضافة إلى العنف الاقتصادي الذي كانت نتيجته في غالب الأحيان الموت وهو ما شاهدناه في وضع الفلاحات".

وبينت أن العنف الاقتصادي لا يمس فقط العاملات في القطاعات الهشة، بل وصل حتى المؤسسات الكبرى والوزارة، وما يستلزم على الحكومة التدخل وإيجاد الحلول المبنية على أسس واقعية وواضحة.

وفي ختام حديثها، دعت الناشطة ياسمين المليتي إلى تجنب الحساسيات في التبليغ عن العنف خاصة وأن هناك قانون يحمي المرأة ويمكنها من التمتع بحقها، مشيرةً إلى وجود القانون عدد 58 الصادر عام 2017 والمتعلق بمناهضة العنف ضد النساء وقد شدد كثيراً على العنف الاقتصادي حيث يعتبره عنفاً من المهم محاربته لاعتبار أن توسعه له ضرر بالاقتصاد في مختلف مجالاته.