جلاء حمزاوي... مسيرة شاعرة حافلة بالإنجازات

جلاء حمزاوي إحدى أيقونات الشعر في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، لم تتوانى للحظة في المساهمة بالمبادرات التطوعية التي تساهم في الرقي بمجتمعها.

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة ـ شاركت الشاعرة جلاء حمزاوي في العديد من المجالات وكسرت النمطية بهواياتها الأدبية والسياسية ومسؤولياتها في المبادرات التطوعية، وتعتبر من المشجعات للنساء التواقات في لعب دورهن على الساحة الفنية الأدبية.

تتميز مقاطعة الرقة في إقليم شمال وشرق سوريا بلون المرأة البارز في الساحة الأدبية رغم الذهنية العشائرية والعادات والتقاليد السائدة فيها، فضلاً عن المراحل التي مرت بها الرقة خلال الأزمة السورية وسيطرة داعش عليها والتي كانت بمثابة مرحلة إبادة ثقافية وأدبية لما كانت تحمله داعش من ذهنية متطرفة اتجاه النساء.

الشاعرة والكاتبة جلاء حمزاوي من مواليد مقاطعة الرقة 17 نيسان/أبريل عام 1968، المصادف ليوم احتفال السوريين بذكرى الجلاء، لتسمى "جلاء" نسبة إلى ذلك، لم تتألق في مجال الأدب فقط بل كانت من مؤسسات جمعية ماريا للثقافة والفنون والبيئة التي تأسست في عام 2007 بهدف توحيد الفنانين والأدباء وتعزيز الثقافة للحفاظ عليها في مقاطعة الرقة، إلى جانب إدارتها لنادي أطفال مرضى السكري.

كتبت جلاء حمزاوي ديوانين للشعر طبعت أحدهما في عام 2007 حاملاً عنوان "لمن" بينما ديوانها الآخر الذي حمل عنوان "أساور" طبع بعد تحرير مقاطعة الرقة، حيث لم تستطع طباعته إبان سيطرة داعش على المدينة، ووصفت تلك الفترة بتوقف الحالة الشعرية، وتقول "أنا لست شاعرة لكنني هاوية للشعر".

وأوضحت "كان والدي المشجع الأول لي لصعود المنابر الشعرية والمشاركة في المهرجانات والملتقيات والأمسيات رغم العادات والتقاليد التي كانت تحجب دور المرأة وتمنعها من الولوج إلى الساحات الثقافية".

واعتبرت أن منبر الشعر والصعود إليه حساس وسط مجتمع تسوده الذهنية الذكورية "ندرك أن الذهنية الذكورية لا تتقبل فكرة تواجد المرأة بمثل هذه الأماكن، ولكني لم أستسلم وقاومت كل هذه المعتقدات وحطمت هذه المفاهيم في دربي ووصلت لمرحلة اعتبرت بها نفسي شاعرة وأديبة".

ولدى جلاء حمزاوي في مجال الادب والشعر مشاركات في كافة المدن السورية ومنها مهرجان المرأة الفراتية بمقاطعة دير الزور والتي أخذت الجائزة الأولى على مدار ثلاث سنوات متتالية.

وفي سياق حديثها تطرقت إلى معاناة المرأة من الذهنية الذكورية التي تحجم دورها ويقيدها والطرق التي تسلكها للتعبير عن نفسها وعما يجول في خاطرها "تتجه المرأة للشعر لتعبر عن مشاعرها لأن الفنون هي النوافذ التي تظهر فيها المرأة ما تشعر به، ويختلف حال المرأة على ما كانت عليه سابقاً".

وعن كتابتها للنثر وتناول معاناة المرأة فيها إبان سيطرة النظام السوري السابق، وتقول في إحداها "لأنني امرأة شرقية حكموا علي بالموت من دون قضية فويل لقرنفلة حمراء لو تعشق الحرية والحار لكل الورود إذ تفتحت بعفوية لأنني امرأة شرقية علي أن أباع بسوق الغنم وأوهب بحجة الكرم وأموت بثلاث كلمات قضائية لأنني امرأة شرقية"، مضيفةً "إبان سيطرة داعش على المنطقة كتبت الكثير عن معاناة المرأة وتطلعي للتحرر من قبل قوات سوريا الديمقراطية وكنت من المتابعين لسيرورة الحملة واترقب كيف سألتقي بالمقاتلات اللواتي كن تقدن الحملة، فقد كانت فترة صعبة جداً بالنسبة لمن يهتم بالثقافة والآدب، إذ أباد داعش كافة الفنون وعلى رأسها النحت، وكانوا ينعتون الفنانين التشكيليين والكتاب والقانونيين بالملحدين وتم الحكم عليهم بالقصاص"، لافتةً إلى أنه بعد تحرير المدينة قامت بطباعة كتابها الذي حمل عنوان "أساور" وهو بمثابة دليل على ما قدمته المرأة ورحلة تحريرها "بعد التحرير حملت على عاتقي مواصلة مسيرة الشهداء، وعلى الرغم من كافة التهديدات التي كنا نتلقاها من خلايا داعش لم نتوانى عن مواصلة مسيرة بناء الرقة، وعملنا جاهدين بدفع الحركة الثقافية الأدبية لمواكبة الثقافة العالمية، وكان دورنا كجمعية بريادة المرأة مساندة هيئة الثقافة في المقاطعة التي اشتهرت بشعرائها كالشاعرة فوزية المرعي مؤسسة المنتدى الأدبي على مستوى سوريا".

وحول جمعية ماري للثقافة والفنون والبيئة التي أسستها تقول "فكرنا بموضوع تأسيس جمعية تطوعية لتكون مظلة لكافة الفنانين والفنانات والأدباء والشعراء وتضم كافة أنواع الفنون وبعمل جماعي تطوعي يوازي الحركة الثقافية التي كانت موجودة في مقاطعة الرقة، فقمنا بتأسيس جمعية "ماري للثقافة والفنون والبيئة"، والتي تضم أكثر من 62 فنان وفنانة تشكيلية ونحات وأديب وأديبة، من بينهم كانت الأديبة الراحلة فوزية المرعي والفنانة التشكيلية أمل عطار، إضافةً للعديد من الطالبات ذو الصم والبكم ومرضى السكري اللواتي أصبحن فنانات معروفات على مستوى مقاطعة الرقة"، لافتةَ إلى أنهم أطلقوا على جمعيتهم اسم ماري نسبة إلى اسم مملكة "ماري" المتواجدة بمدينة البوكمال في مقاطعة دير الزور، والتي تعتبر من المدن القديمة وذو حضارة عريقة على مستوى العالم.

وأكدت جلاء حمزاوي في ختام حديثها أنه على الرغم من وصولها إلى هذا السن لا تزال تملك طاقة لتقدم الدعم لجميع النساء من كافة المجالات والمؤسسات، والأحزاب السياسية كونها عضوة في حزب سوريا المستقبل "أناضل من أجل تحقيق أهداف المرأة وأتمسك بهذه الهوية السياسية الحقيقة السورية، وعلى كافة النساء التوجه الى المؤسسات النسوية لتستنرن بفكر المرأة وتتحرر من القيود وتحقق أهدافها وتبني مجتمع ديمقراطي".