إقليم شمال وشرق سوريا على الجزء الحرج من رقعة التغير المناخي

شهد إقليم شمال وشرق سوريا خلال السنوات الأخيرة ارتفاع في درجات الحرارة وعواصف غبارية متواصلة وموجات جفاف عديدة، وللحد من آثارها أطلقت مديرية البيئة مشاريع متنوعة.

دلال رمضان

الحسكة ـ أكدت الإدارية بمديرية البيئة في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا على التأثير السلبي لظاهرة التغير المناخي التي تشهدها المنطقة، وأهمية إتباع خطط التنمية المستدامة وتعزيز دور الفئة الشابة في مجال التغير المناخي واستثمار أفكارهم وتطويرها.

تسبب التغيرات المناخية العديد من الآثار الكارثية، فمع زيادة ارتفاع درجات الحراة وانتشار حرائق الغابات وزيادة شدة الأعاصير المدارية وزيادة معدل ذوبان الثلوج القطبية واتساع رقعة التصحر أصبح التغير واضحاً وانتقلت القضية من التحديات إلى تهديد الحياة على كوكب الأرض، وتظهر آثاره السلبية في العديد من المجالات منها الزراعة والموارد المائية، وأنظمة الغذاء والهجرة والعمالة، وتتفاوت التغيرات بين الأجيال والمناطق، وإقليم شمال وشرق سوريا وسوريا عامةً من البيئات التي تواجه العديد من التحديات نتيجة التغير المناخي الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والإجهاد المائي واحتكار تركيا لمياه الأنهار، واضطراب المواسم المطرية، كل ذلك يؤثر على سبل العيش وتأثيرات اجتماعية وضغوطات اقتصادية ونزوح للسكان من الأرياف إلى المدن بحثاً عن فرص عمل بدلاً من الزراعة والرعي.

وعن أثر التغيرات المناخية على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا وسبل مواجهتها قالت الإدارية بمديرية البيئة في مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة روفند عبدو "ظاهرة تغير المناخ مشكلة عالمية ومناطق شمال وشرق سوريا من المناطق التي تأثرت بها بشكل كبير، ونتيجة التلوث البيئي والشذوذ المناخي هناك مناطق تشهد ذوبان للثلوج ومناطق تشهد هطولات مطرية وأعاصير وفيضانات لم تشهدها من ذي قبل، ومن جهة أخرى تحولت مناطق رطبة وغابات إلى صحراء إثر ارتفاع كبير في درجات الحرارة، فقد سجل عام 2023 رقم قياسي في ارتفاع درجات الحرارة وصلت إلى 60 درجة في بعض مناطق العالم، لذا يعتبر هذا الارتفاع من الكوارث البيئة".

وأوضحت بأن سبب التغير المناخي في العالم يعود إلى المعاملات البشرية تجاه الطبيعة "الإنسان قبل آلاف السنين كان متصالحاً مع البيئة والطبيعة التي يعيش فيها، معتبراً نفسه جزءاً منها فيأخذ منها ما يحتاجه فقط، لكن مع مرور السنين وحدوث الثورة الصناعية وقيام النظم الرأسمالية التي استغلت البيئة لغايات ربحية على حساب الموارد الطبيعة حيث استخدمت النفط والغاز الطبيعي كمصادر للطاقة لكنها ملوثة للبيئة؛ أدت إلى زيادة في نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة الأخرى في الجو والتي تمتص الحرارة وتمنعها من الوصول إلى سطح الأرض وتحتفظ بها وبالتالي تتسبب بارتفاع درجات الحرارة وتشكل ظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الثلوج في القطب الشمالي الأمر الذي تسبب بزيادة مياه المحيطات والبحار التي تهدد اليوم العديد من المدن بالغرق وهجرت العديد من سكان تلك المناطق".

وعن تأثر إقليم شمال وشرق سوريا بالتغيرات المناخية توضح "تأثيرها سلبي على الإقليم والحياة فيه بكافة أشكالها، فجفاف مياه نهر الفرات ودجلة وانخفاض مستوى المياه المتوفرة في المنطقة أدت إلى تضرر الزراعة حيث أصبحت التربة مالحة نتيجة استخدام مياه الآبار وتضرر المحاصيل الزراعية إلى جانب الحيوانات والرعي بالإضافة إلى الهجرة الجماعية من القرى إلى المدن، فأصبحت تسمى هذه الهجرة بالهجرة المناخية كونها ناجمة عن تغيرات المناخ".

وعن جملة أسباب تغير المناخ في الإقليم قالت روفند عبدو "تلوث الهواء والتربة والمياه وقلة الغطاء النباتي جمعيها بدأت منذ حدوث الأزمة السورية حيث تم قطع الأشجار بشكل عشوائي دون تنظيم واستخدامها في التدفئة وبالتالي زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وقلة الأوكسجين وزيادة الاحتباس الحراري وتغير المناخ بالإضافة إلى المنشآت الصناعية التي لا تراعي الشروط البيئية، والتربة الملوثة بالنفايات والمياه الملوثة".

وعن الإجراءات والحلول التي تتخذها مديرية البيئة في مدينة الحسكة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي "وضعنا العديد من الإجراءات لمواجهة هذه الظاهرة منها العمل على زيادة الغطاء النباتي لزيادة رطوبة الجو وخفض درجات الحرارة وذلك بزيادة عدد المشاتل في مدينة الحسكة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأشجار خاصة الحراجية منها التي تمتص الغازات السامة من الجو، وإنشاء غابات صناعية في مناطق لا يوجد فيها أشجار وتأمين الرعاية والسقاية لها، كما أن اعتمادنا بات كبيراً على الطاقة الشمسية بدلاً من الوقود لتخفيف التلوث على البيئة، بالإضافة إلى وجود مكاتب للرصد والتقييم البيئي لإلزام المنشآت الصناعية التقيد بالشروط البيئية ضمن المصانع وتوعية أصحابها، وتوجيههم لاستخدام الطاقة الشميسة بدل الوقود بهدف تقليل الانبعاثات الضارة بالجو، كما توجد مكاتب توعوية خاصة بالبيئة بالمدارس والأحياء والكومينات في جميع نواحي مدينة الحسكة".

وأضافت بأنه إلى جانب زيادة الغطاء النباتي "من المشاريع والإجراءات الأخرى المهمة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي مشروع فرز النفايات منها تحويل النفايات الغذائية إلى سماد طبيعي وعضوي، والبلاستكية والكرتونية منها يتم إعادة تدويرها وبالتالي تقليل كمية النفايات التي تذهب إلى المكبات التي تزيد من ظاهرة تغير المناخ، واعتبره من أهم المشاريع".

وفي ختام حديثها دعت روفند عبدو الأهالي إلى تحمل المسؤولية وتنظيم الفعاليات وحملات التوعوية والدعم المتعلقة بقضايا المناخ "يقع على المجتمع الجزء الأكبر من هذه المهمة ودوره فعال في حملات التوعية وتنظيم الفعاليات الخاصة بالبيئية، لذلك على كل فرد أن يوقظ إحساسه بالمسؤولية حول حماية البيئة والحد من التغير المناخي، ويجب علينا أن نتبع خطط التنمية المستدامة لنحصل على احتياجاتنا ونراعي أيضاً حصول الأجيال القادمة عليها، إلى جانب الحفاظ على الموارد البيئية التي نملكها الآن، بالإضافة إلى أهمية تعزيز دور الفئة الشابة في مجال التغير المناخي واستثمار أفكارها وتطويرها لمكافحة التغييرات المناخية التي تهدد مناطقنا والعالم أجمع".