المرأة والتمويل المناخي... ورقة سياسات لتذليل الصعوبات

تعد التغيرات المناخية أحد أكبر التحديات في العالم خلال القرن الحالي، حيث تختلف تأثيراتها باختلاف المكان والأجيال والأعمار ومستوى الدخل والنوع الاجتماعي.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تواجه النساء الريفيات تأثيرات التغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية لأنهن الأكثر اعتماداً على الموارد الطبيعية، مما أدى إلى المطالبة بأخذ النوع الاجتماعي بعين الاعتبار في التمويل المناخي.  

تؤثر التغيرات المناخية سلباً على النساء والرجال العاملين في مجالات ذات علاقة بالموارد الطبيعية على غرار قطاع الزراعة، إلا أن هذه التغيرات ليس لها نفس التأثيرات على كلا الجنسين، حيث تعتبر النساء في الوسط الريفي الأكثر عرضة لآثار التغيرات المناخية لأنهن تعتمدن بشكل كبير على الموارد الطبيعية القابلة للنفاذ.

وفي هذا الإطار، يندرج مشروع "فينا كليمة، النوع الاجتماعي والتمويل المناخي" المنفذ من قبل جمعية شباب تونس على امتداد سنتين بالشراكة مع منظمة "أكينا ماما وا أفريكا" ضمن برنامج أصوات من أجل العمل المناخي.

ويسعى "فينا كليمة، النوع الاجتماعي والتمويل المناخي" إلى تحقيق العدالة المناخية من خلال مناصرة إدراج مفهوم النوع الاجتماعي في برامج التمويل المناخي لدى صناع القرار والأطراف المتدخلة وحثهم على تعزيز وصول النساء في المجتمع الريفي إلى برامج التمويل المتعلق بالمناخ.

 

ورقة سياسات

تم إعداد ورقة سياسات عمومية جديدة تؤكد على أهمية دمج بعد النوع الاجتماعي في سياسات وبرامج تمويل المناخ في تونس مع التركيز في المناطق الريفية والواحات، وهذه الوثيقة التي اعدتها جمعية شباب تونس تسلط الضوء على التحديات والفرص الرئيسية المرتبطة بهذا الدمج.

وتشير الورقة التي تحمل عنوان المساهمة في تحسين تمويل المناخ المراعي للنوع الاجتماعي "النساء في المناطق الريفية والواحية" إلى أن النساء وخاصة في الأوساط الريفية الواحية هن أكثر عرضة لآثار تغير المناخ بسبب محدودية وصولهن إلى الموارد والمعلومات.

ومن بين التحديات الرئيسية التي تم تحديدها ضعف وصول النساء إلى التمويل المناخي بسبب التمييز القائم على النوع الاجتماعي والمعايير الاجتماعية وندرة البيانات المصنفة حسب النوع، مما يجعل من الصعب تحديد الاحتياجات المحددة للنساء وكذلك التقييم واستمرارية المشاريع المراعية للنوع الاجتماعي في مجال المناخ.

وتركز الوثيقة على العديد من الفرص بما في ذلك جمع البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي لتحديد احتياجات النساء بشكل أفضل وزيادة مشاركتهن في عمليات صنع القرار المتعلقة بالمناخ والاستثمار في مشاريع مناخية مراعية للنوع الاجتماعي لتحسين ظروف معيشة النساء وتعزيز قدراتهن المستمرة في مجال تمويل المناخ.

وتتمحور إشكالية ورقة السياسات هذه حول الثغرات الحالية والتحديات التي تواجه إدماج البعد الجندري في السياسات وبرامج التمويل المناخي، مع تسليط الضوء على العقبات المحددة التي تواجهها النساء.

وتشمل الثغرات ضعف وصول النساء إلى التمويل المناخي، ونقص التقييم واستمرارية المشاريع المتعلقة بالمرأة والتغيرات المناخية، والوصول المحدود للنساء إلى الأراضي، والهشاشة فيما يتعلق بالوصول إلى المياه، ونقص البيانات المفصلة حسب الجنس، والمشاركة الضعيفة للنساء في عمليات اتخاذ القرار، من بين النقاط الرئيسية التي يمكن تناولها في هذا المستند.

وتؤكد هذه الجوانب على أهمية تطوير آليات تمويل مناخي تراعي البعد الجندري، لا سيما النساء في المناطق الريفية والواحية، لضمان نهج شامل وعادل في مكافحة التغير المناخي، وتوصي ورقة السياسات بالدمج المنهجي لبعد النوع الاجتماعي في إعداد وتنفيذ وتقييم سياسات وبرامج تمويل المناخ من أجل ضمان نهج شامل وعادل في مجابهة تغير المناخ على المستويين الوطني والمحلي، وتسلط هذه الورقة الضوء على الحاجة الملحة لدمج النوع الاجتماعي في تمويل المناخ في تونس من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود أمام آثار تغير المناخ.

 

 

حسيبة بلغيث رئيسة مشروع "فينا كليمة النوع الاجتماعي والتمويل المناخي"، قالت إن المشروع تنفذه جمعية شباب تونس يؤثر بالشراكة مع منظمة أكينا ماما وأفريكا منذ أن انطلق سنة 2022.

ولفتت إلى أن "المشروع حالياً في مرحلة متقدمة وأطلقنا منذ شهرين حملة مناصرة ووصلنا اليوم لتقديم ورقة سياسات حول ادماج النوع الاجتماعي في سياسات برامج التمويل المناخي في تونس"، موضحةً أنه تم العمل على مستوى محلي عبر تكوين شباب في المناصرة في مجال النوع الاجتماعي والتغيرات المناخية وتمت مرافقتهم إلى مناطق الوسط الريفي وقدموا ملخصات ورقات سياسية في هذا المستوى لاقتراح حلول للمشاكل الموجودة بالمناطق".

وذكرت أنه "على مستوى وطني أعدت خبيرة مختصة في الشفافية ورقة السياسات حسب المعطيات التي توصلنا إليها وهي خاصة بضرورة إدماج النوع الاجتماعي في برامج وسياسات التغيرات المناخية في تونس، وغداً سيتم تنظيم ورشة للحديث بتفاصيل أكثر عن مخرجات المشروع وعن التحديات التي واجهناها وأيضاً الفرص التي يمكن الاستفادة منها حتى نتمكن من تحسين برامج التمويل المناخي الموجهة لفائدة المرأة في الوسط الريفي والواحي".

وأكدت حسيبة بلغيث في ختام حديثها أنه بالنسبة لهذا المشروع "قمنا بدراسة في أوله وتوجهنا إلى الفاعلين المحليين الذين يقومون بمشاريع لفائدة المرأة كالمنظمات والجمعيات والمؤسسات العمومية وغيرها، ولاحظنا وجود مشاكل في الحصول على التمويل المناخي خاصة في المشاريع الموجهة للمرأة على مستوى ريفي كما واجهنا صعوبات في كتابة المشروع".