الزراعة العمودية تمكن المرأة وتساهم بكفاءة أكبر من الإنتاج الزراعي

اعتمدت اللبنانية جيسيكا حكيم مبدأ الزراعة العمودية من أجل إنتاج المزروعات العضوية والطازجة، والتي تسمح باستخدام أكثر كفاءة للأراضي لجهة الإنتاج الزراعي واستهلاك المياه.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ عبر مبادرتها الزراعية الريادية "الزروع" في بلدة "عَرْطزْ" في قضاء البترون، شمال لبنان وجدت الناشطة اللبنانية جيسيكا حكيم في الزراعة العمودية، والتي تعتمد على أسطح الأبنية والمسطحات الصغيرة مأربها، وبدأت مشروعها الصغير الذي لاقى أصداء إيجابية وتمكنت من نيل العديد من الجوائز لاستكمال هذا المشروع وتوسيعه في المستقبل.

بالإضافة إلى المشروع، استخدمت جيسيكا حكيم مبنى "مدرسة قديم" يمكن للزائر أن يطّلع من خلاله على الحياة الريفية قديماً، وكيف كان أجدادنا يعيشون، حيث زودته بالكثير من الأدوات والمشغولات الحرفية من فخار وأدوات زراعية ومنزلية، فضلاً عن النملية التي عرضت فيها منتجات غذائية لنساء من قريتها والقرى المجاورة، وليس ذلك فحسب، بل تمكنت من توظيف 6 نساء بصورة موسمية في مجال التصنيع الغذائي ومجالات عدة.

وقالت جيسيكا حكيم "لم يرق لي العمل المكتبي، فقررت العمل بشكل مستقل، وترك المدينة والعودة إلى بلدتي الصغيرة عَـرْطزْ، فرغم اختصاصي بالمحاسبة، وجهت هذه الخبرة بداية لتوسيع عمل العائلة في مجال الجزارة، حيث حولنا محل الجزارة إلى سوبرماركت، ثم تابعت عمل الزراعة في بستان بيتنا وقررت استصلاح جزء من الأرض، أي حوالي 500 متر مربع، وتعرفت بعدها على الزراعة العمودية، وزرعت آلاف الشتلات من الورقيات مثل الخس الأحمر والإفرنجي والحبق والكايل وزعتر الزوباع في أحواض عمودية مصنوعة من النفايات البلاستيكية المُعاد تدويرها والمصنعة من قبل شركة محلية اختصاصها إعادة التدوير والمملوءة بالتراب والكمبوست، وبذلك تمكنت من زراعة عضوية مستدامة واقتصاد متكامل".

وأوضحت أنه "من خلال هذه الطريقة يمكن كل مواطن/ة أن يصبح مزارعاً وهي بداية كانت مخصصة للمساحات الصغيرة وخصوصا المصنوعة من الباطون أي شرفات وأسطح المنازل، ولكني وجدتها طريقة تمكنني من القيام بالعمليات الزراعية دون مساعدة، وتقلل الحاجة إلى اليد العاملة ومياه الري، خصوصا وأن المياه لدينا شحيحة للغاية".

وبينت أنها "وسعت المشروع لتأهل مبنى تراثي كان يسمى بيت المدرسة، وحالياً بيت الزروع، وهي عبارة عن مدرسة قديمة عمرها حوالي 200 سنة"، لافتة إلى أن "هدف مشروع "الزروع" العودة إلى الجذور، وفي هذا المنزل نعود إلى جذور عاداتنا وتقاليدنا ونتعرف على تراثنا".

وحول الزراعة العمودية قالت "تمكنت من زرع ما يزيد عن ألفي شتلة متنوعة، وضعنا المستوعبات البلاستيكية من البلاستيك المدوّر والتي مكنتني من زراعة 178 شتلة، عادة نزرع في هذا المكان 20 شتلة، لكن من خلال الزراعة العمودية تمكنا من زراعة أكثر من 6 أضعاف شتلة، وملأناها بالتراب والكومبوست، والتي تسقى من السطح وتمتلئ بالمياه حيث لا أحتاج لريها لمرات كثيرة، واخترت هذا العام أنواع عدة وهي البصل والثوم والحبق الأحمر والخس العادي والأحمر والجزر والبطاطا والزعتر الزوباع والكيل، فضلاً عن النباتات البرية التي تنمو في الطبيعة مثل الشمرة وغيرها، كما وأجمع الزعتر في تموز مع السماق الذي ينمو بالطبيعة ليستخدم في صناعة الزعتر البلدي لمونة المنزل ولصنع مناقيش الزعتر التقليدية على الصاج للزوار".

وأوضحت "هنا زرعت نباتات الحبق الأحمر، لأصنع منه منتج البستو بلون أحمر ورائحة مميزة، كما واستخدم الأغصان في تزيين أنواع المشروب المختلفة، ومنها مشروب العطرة الذي سميت بلدتنا باسم هذه النبتة العطرية وتم تحويلها إلى عَرْطزْ".

كما أنها "وضعت مساكب من البلاستيك، تحفظ المياه وتمكنها من زراعة بعض الأنواع مثل النعنع والبقدونس والباذنجان، والبندورة والخيار التي تحتاج لأن تمتد ولا نستطيع زرعها في المستوعبات العمودية، وباستخدام هذا المفهوم البيئي الذي يسعى للاستدامة ويمكن من توفير المياه والأيدي العاملة"، حيث تقول أنها تحتاج لعامل واحد خلال الموسم لمساعدتها في إزالة التراب القديم من المستوعبات العمودية لتتم إضافة تربة جديدة مع السماد العضوي.

وتسعى جيسيكا حكيم لتوسيع المشروع، بهدف زيادة الإنتاج والتوعية بهذه الفكرة، حيث قامت خلال الفترة الماضية ببناء حائط من الحجارة يقسم الأرض إلى نصفين، كما وتسعى إلى وضع قفران النحل للمساعدة في  التنوع البيولوجي الكبير للنباتات المحلية فضلاً عن وجود أحراج السنديان المحيطة بالقرية والتي تزود النحل بالعسل، وتأمل أن تصل هذه الفكرة لكل منزل ليتمكن من تأمين احتياجاته من المنتجات الزراعية الطازجة.