ممثلة مغربية: النساء قاطرة للتغيير والإبداع في الميدان الثقافي
أكدت الممثلة لطيفة أحرار أن الفن هو الوسيلة الوحيدة التي جعلتها تحلم وتسعى لتحقيق ما لا يتحقق بسهولة في الواقع، وأنه إذا طلب منها أن تمنح نفسها لقباً يشبهها فسيكون "الحالمة".
رجاء خيرات
مراكش ـ ذكرت الممثلة والمخرجة المغربية لطيفة أحرار أن الثقافة بكل ما تشمله من فنون مختلفة (مسرح، سينما، أدب) ليست ترفاً، بل هي مجال خصب للتغيير والإبداع وخلق فرص للنساء والشباب لإثبات ذواتهم ووجهة نظرهم.
استضافت أكاديمية "علي زاوا" لمهن الثقافة بشراكة كلية اللغات والفنون بجامعة القاضي عياض، أمس الثلاثاء 16 نيسان/أبريل بمراكش لقاءاً مع الممثلة والمخرجة المغربية ومديرة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي لطيفة أحرار التي تحدثت عن مسارها المهني وتجاربها في مجال التشخيص والإخراج وإدارة مؤسسة تعنى بتدريب مهنيي المسرح والتنشيط الثقافي بالمغرب.
وأبرزت دور النساء كقاطرة للتغيير والإبداع، من خلال مسار حافل بالأعمال المتميزة والمختلفة، حيث تعتبر تجربتها ذات تأثير إيجابي قوي على الأجيال القادمة، لا سيما في إبراز مدى تطور دور النساء في المناصب القيادية في القطاع الثقافي، باعتبارها امرأة على رأس واحد من أكبر المؤسسات الأكاديمية المغربية في التدريب المسرحي.
وأوضحت أنها خريجة المدرسة العمومية المغربية، وأنها نتاج ثقافة متعددة الروافد أمازيغية، عربية، إسلامية، متوسطية، أفريقية، وهو ما منحها هذا التعدد والانفتاح على الآخر كيفما كانت ثقافته، حيث تعتبر هذه السمات من أهم ما ميز مسارها الفني والإبداعي.
وأشارت إلى أن الفن هو الوسيلة الوحيدة التي جعلتها تحلم وتسعى لتحقيق ما لا يتحقق بسهولة في الواقع، وأنه إذا طلب منها أن تمنح نفسها لقباً يشبهها فسيكون بدون شك "الحالمة".
وأكدت أن الحلم يرتبط أساساً بالأشخاص الذين يعيشون في الهامش وفي المناطق النائية البعيدة عن المركز (العاصمة)، وأن انتقالها عبر مدن ومناطق مختلفة جعلها في كل مرة تقتلع من الجذور، وهو ما دفعها إلى خلق صداقات من نوع آخر، علاقات أشبه بصداقات مع الكتب والأدب واللغات، حيث كانت هذه الأخيرة العلاقات الوحيدة التي كانت تستطيع الحفاظ عليها بعد كل تنقل جديد.
وأشارت إلى أنها عندما شخصت أول أدوارها في مسلسل تلفزيوني "بنت الفشوش" (أي الابنة المدللة) سنة 1990، قررت أن تلج المعهد العالي للتدريب المسرحي قبل أن يعرض المسلسل ويلاقي نجاحاً لإيمانها بضرورة التدريب والتحصيل الأكاديمي في المجال الذي اختارته.
وعن الصفات التي تميز ممتهنة الفن، لفتت إلى أن المرأة التي تعمل في مجال الثقافة والمسرح ينبغي أن تتحلى بالصدق وأن يكون لها حق الاختيار والحرية في التعبير والإبداع، وأن تكون كذلك قادرة على تحمل مسؤولية اختياراتها الفنية والدفاع عنها.
وقالت "حرية الاختيار ساعدتني كثيراً في الوصول إلى ما أنا عليه اليوم، ففي البلدة التي أنحدر منها كانت الفتيات تتزوجن في سن الخامسة عشرة، بالنسبة لي لم أرغب يوماً في أن يكون مصيري شبيه لمصيرهن، فاخترت الدراسة، بكل ما يحمله ذلك من إصرار وتحدي، خاصة في مجال يتطلب منك دائماً التجديد والإبداع".
وأكدت أن مسيرتها الفنية التي بدأت عام 1990 تطلبت منها الكثير من العمل أمام تدفق أفواج من مهنيي السينما والمسرح، حيث كلفها ذلك بذل الكثير من الجهد للاستمرار والحفاظ على مكانتها، من خلال اختيار الأدوار التي تؤديها، لافتة إلى أهمية التدريب المستمر في تطوير الفنان واستمراره بنفس القوة.
وتحدثت لطيفة أحرار عن الصعوبات التي تواجه ممثلة المسرح، وهي تشخص أدوارها، بكل ما تعيشه من قلق وتوتر نفسي في مواجهة جمهور ينتظر منها أن تضحكه أو تبكيه، مع كل ما يتطلبه ذلك منها من حركة متواصلة طيلة العرض واستحضاراً لذاكرتها الانفعالية، متناسية ظروفها الخاصة التي قد تكون بالغة التعقيد، حيث ينبغي أن تترك حياتها الخاصة خلفها لكي تؤدي دورها الذي قد يعجب وقد لا يتقبله الجمهور، وبالتالي فهو مخاض وقلق يلازم محترف ومحترفة المسرح طيلة مسيرته الفنية.
كما وجهت نصائح للطلاب والطالبات الذين يرغبون في احتراف التمثيل بأن يواكبوا على التحصيل المعرفي والأكاديمي لأنه أساسي في تطوير موهبة الفنان وأن يتبعوا أحلامهم ويسعون لتحقيقها بالاجتهاد والمثابرة، وألا يخافوا من الفشل لأن الإخفاق والتعثر جزء لا يتجزأ من النجاح.
وعن مكانة النساء ودورهن في الحقل الثقافي، أشارت إلى أنهن استطعن أن تثبتن مكانتهن في المشهد الثقافي، وأن الكفاءة والجدية والالتزام هي ما يصنع الفارق في مسيرة كل فنان، بغض النظر عن جنسه أو ثقافته أو قناعاته.