الصراع في السودان يفاقم من حدة ووتيرة العنف على النساء
لا يزال العنف والانتهاكات التي تتعرض لها النساء في السودان مستمرة، فالصراع الذي طال أمده دفعت ثمنه النساء باهظاً وأصبحت ساحات الحرب أجسادهن.
ميساء القاضي
السودان ـ يعرّف إعلان القضاء على العنف ضد المرأة للأمم المتحدة للعام 1993 العنف ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسدية و الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة"، ويترتب على هذا العنف الكثير من الآثار السالبة على صحة النساء النفسية والجنسية والإنجابية في جميع مراحل حياتهن.
وفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن النساء والفتيات في السودان تواجهن الجوع والنزوح ونقصاً في الخدمات الأساسية، كما تزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقالت الهيئة إن عدد المحتاجين إلى الخدمات المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي زاد بنسبة 100% منذ بداية الصراع. ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإن 7 ملايين امرأة وفتاة تتعرض لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وبحسب الإحصاءات التي أعلنتها وحدة مكافحة العنف ضد المرأة وهي مؤسسة حكومية، فإن أكثر من 300 حالة اغتصاب سُجلت حتى الآن، لكن مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة الدكتورة سليمى إسحق أوضحت أن هذا العدد يشكل 2% فقط من الرقم الحقيقي، ويصعب الوصول إلى الأعداد الحقيقية للمغتصبات بسبب استمرار الصراع وعدم توفر المعلومات وعدم تمكن النساء من الوصول إلى الخدمات التي يقدمها المركز.
وتعمل العديد من النساء والمدافعات عن الحقوق على رصد وتوثيق هذه الانتهاكات ومناهضتها وتنشط المنظمات النسوية والعديد من المبادرات لتوثيق هذه الجرائم وكشفها ووفقاً لحملة "معاً ضد الاغتصاب والعنف الجنسي" التي أطلقتها مجموعة من النسويات والناشطات الحقوقيات لمناهضة هذه الانتهاكات فإن 423 حالة اغتصاب قامت الحملة بتوثيقها من بينها 159 حالة لطفلات.
وعن أشكال العنف ضد المرأة في السودان، أوضحت الصحفية عواطف إسحق أن معدلات العنف ارتفعت كثيراً بعد اندلاع الصراع، كما ظهرت أشكال أخرى من العنف ضد المرأة، مضيفةً "قبل الصراع كنا نرى العنف المنزلي شيء كبير ونحاول مناهضته وكذلك العنف الجسدي، إذ تمارس عمليات الختان التي كانت تشكل التحديات بالنسبة لنا، وبعد الصراع ظهر العنف الجنسي منه الاغتصاب والاستعباد الجنسي والجنس مقابل الغذاء".
وتابعت "تم حبس النساء واستغلالهن واغتصابهن على فترات طويلة، وكذلك كان هناك حالات اخفاء قسري فهناك نساء مختفيات قسراً ولا يعلم مكانهن حتى الآن وبرغم العنف الكبير هذا إلا أن الناس يخافون من وصمة العار لذلك لا يتم التبليغ عن اختفاء النساء، ويقومون بالبحث في أماكن معينة ثم يتسترون على الموضوع لأنهم يعتقدون أنه من العار أن تقول إن ابنتك خرجت ولم تعد أو تم اغتصابها وهذه من المشاكل الكبيرة التي تواجهنا وحتى الذين يقومون بالتبليغ عندما يتم الرصد والتوثيق في منتصف التوثيق يتوقفون ويقولون أنهم لا يرغبون في أن يتم توثيق هذا الأمر".
وعن طريقة مناهضة هذه الحالات، قالت عواطف إسحق "نخاطب طرفي الصراع بأن ما يحدث هذا حرب على جسد المرأة، فالنساء ليست لهن علاقة كما يجب وضع قوانين قوية وصارمة تأخذ حق النساء خاصة العنف الجنسي خصوصاً إن بعض الناجيات استطعن أن تحصلن على العلاج وبعضهن لم تتمكن من الحصول على العلاج، كذلك هناك مشكلة الحمل غير المرغوب فيه فهنالك مجموعة من الأطفال الذين ولدوا نتيجة الاغتصاب".
أما مرام محمد وهي طبيبة وناشطة نسوية ومهتمة بقضايا النساء فأوضحت أنه "مع الصراع في السودان زاد معدل العنف من أشكال العنف الممارس على النساء في السودان مثل العنف الجسدي والجنسي والنفسي وتشويه الأعضاء التناسلية".
وأضافت "زادت وتيرة وحدة الانتهاكات ضد النساء باعتبار أجسادهن ساحات للقتال فنجد عنف ممارس ضدهن وهو العنف الجنسي والنفسي بالإساءة اللفظية وغيره من الانتهاكات، يجب أن نقلل من آثار العنف على الناجيات بتقديم الدعم الصحي والطبي والنفسي والاجتماعي والدعم المالي، كذلك بعمل حملات توعوية في المجتمع والتأثير على السياسات بأن يتم منع العنف الجنسي في السودان".