بسبب ظروف الحرب سودانيات تجبرن على العمل في مشاريع صغيرة

أجبرت ظروف الحرب التي تمر بها السودان العديد من النساء للعمل في مهن صعبة وشاقة وعلى الهامش، بعد أن كن تعملن في وظائف، في سبيل تأمين متطلباتهن المعيشية التي ترتفع تكاليفها يوماً بعد الآخر.

آية إبراهيم

السودان ـ تساهم الكثير من النساء السودانيات قبل اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نيسان/أبريل العام الماضي في إعالة أسرهن حيث كنّ تعملن على مساعدة أسرهن من خلال عملهن في مهن مختلفة بالمؤسسات الحكومية والخاصة لكن الحرب أدت إلى فقدهن لوظائفهن بعد تدمير المؤسسات بالعاصمة الخرطوم ما وضع الكثيرات أمام تحديات وخيارات صعبة من أجل البحث عن بدائل أخرى تمكنهن من مواجهة ظروف الحياة القاسية.

لم تكن تعرف هديل عبد الرحمن التي تجاوز عمرها الثلاثون عاماً أن الأقدار ستقودها لفقدان مركز التجميل الذي أسسته بمدينة الكلاكلة القبة جنوبي العاصمة الخرطوم بسبب النزاع الذي نشب بالبلاد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي دخل عامه الثاني لتحزم هديل حقائبها وتتوجه للولاية الشمالية حيث نشأتها بحثاً عن الأمان ومصدر رزق آخر ليعيلها وأسرتها حتى استقر بها الحال في صناعة وبيع المثلجات من داخل منزلها. 

 

 

رؤى مصطفى التي كانت تعمل موظفة في شركة استشارات هندسية بالعاصمة الخرطوم بعد أن فقدت وظيفتها بحثت كغيرها عن عمل بمدينة بورتسودان التي تعتبر العاصمة البديلة للخرطوم لكنها لم تجد وظيفة تناسبها.

وتقول "بعد أن فشلت محاولاتي في الحصول على وظيفة اتجهت لعمل مشروع خاص عبارة عن مطعم مصغر مقره داخل سوق المدينة أبيع من خلاله السندويشات المختلفة والمشروبات الباردة والساخنة"، موضحة أن هناك تحديات ومشاكل كثيرة واجهتها خاصةً أن المجتمع السوداني لا يقبل عمل المرأة في الأسوق العامة، لذا كانت النظرة اتجاهها مختلفة "هنالك رجل يعمل على بيع القهوة بجواري لكن لا يتم مضايقته كما يجري لي".

بالرغم من أنها تعرضت لخسائر مالية في بداية مشروعها ما أضطرها إلى إغلاق المحل لفترة شهر لكنها عادت أكثر قوة بتوسيع المشروع والآن إنتاجها أصبح أفضل من السابق بالرغم من المضايقات التي تتعرض لها من قبل السلطات المحلية، وتؤكد أن المرأة السودانية تظل منتجة في كل الظروف والأحوال.

وهو الحال مع الدكتورة علياء محمد أحمد أخصائية التخدير التي كانت تعمل بأحد المستشفيات الحكومية، فمنذ أن وطأت قدماها الولاية الشمالية قادمة من العاصمة الخرطوم، ظلت في رحلة بحث عن عمل في ذات مجالها لكنها فشلت في ذلك ووصلت إلى مرحلة اليأس والقناعة من استحالة ممارسة مهنة الطب مجدداً في ظل ظروف البلاد واكتظاظ المرافق الصحية بالعاملين في المجال.

تقول إنها قررت الاتجاه إلى العمل في أي شيء يمكن أن يساعدها في توفير الاحتياجات الحياتية خاصةً وأنها مسؤولة عن عدد من أفراد أسرتها "قمت بصناعة الخبز من داخل منزلي وتوزيعه على المحلات التجارية منذ فترة لأكسب من وراء ذلك ولو القليل من المال يمكن أن يساعدني في توفير جزء من الاحتياجات الحياتية".

وحول ما إذا كانت ستعود لمهنة الطب مجدداً تقول من الصعب العودة إليها في هذا الوقت خصوصاً وأن هنالك عدد من الأطباء يعانون المعاناة ذاتها.

قد تكون تجربة أسماء عثمان الأمين التي كانت تعمل في مجال المحاسبة بأحد المؤسسات الخاصة بالعاصمة الخرطوم مختلفة عن سابقاتها بعد أن ابتسم لها الحظ لعمل مشروع خاص بها قد لا يكون هامشي بشكل كبير مقارنة مع وظيفتها السابقة التي بعد أن فقدتها توجهت إلى مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق البلاد وعانت من أجل تأسيس مركز تدريب لتقديم خدمات للشباب والشابات لتطوير قدراتهم المهنية.

وقالت إن فكرة المشروع مناسبة للعمل فيها رغم الصعوبات والتحديات التي واجهتها بدءً من عملية تسجيل المركز بالمسجل التجاري حتى يمارس مهامه بشكل رسمي في ظل انعدام خدمة الإنترنت ما جعلها تدخل في حالة إحباط، لكنها لم تستسلم وواصلت في مشروعها الذي أوضحت إنه قدم أول دوراته في تموز/يوليو الماضي، مبينةً أن الحرب لم توقف النساء عن العمل بل أصبح هنالك اجتهاد أكثر على الرغم من التحديات التي لازالت تواجهها في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي لكنها تخطت ذلك بشراء مولد كهربائي ومن ثم واجهتها مشكلة في توفير الوقود تخطتها كذلك مع ذلك تقول ليس هنالك مستحيل وأن المرأة السودانية تستطيع عمل كل شيء رغم التحديات.