بمشروعها الخاص تدعم القُصر والنساء المعنفات في المجتمع

جعل افتتاح مشروعها الخاص في مجال تصميم الأزياء والأعمال اليدوية، من عزيزة العطبة قدوة لقريناتها، وتشجعهن على العمل لإثبات ذاتهن وتحقيق استقلالهن.

يسرى الأحمد

الرقة ـ تطمح عزيزة العطبة عبر افتتاح مشروعها الخاص بتصميم الأزياء والأعمال والحرف اليدوية، تعليم النساء والفتيات خاصة المعنفات منهن والمعيلات هذه المهن بهدف تعزيز ثقتهن بأنفسهن وتمكينهن اقتصادياً.

تمكنت العديد من النساء بإقليم شمال وشرق سوريا التغلب على الصعوبات التي تواجههن، لتثبتن ذواتهن وتبرزن دورهن عبر صقل مواهبهن المتعددة في الساحات العملية، من بين هؤلاء النساء اللواتي لم تستسلمن ولم تخضعن لظروف النزوح القاسية عزيزة العطبة التي أصبحت قدوة للكثير من نساء محيطها.

بعد استفادتها من الدعم المعنوي والمادي الذي تقدمه التنظيمات والشخصيات النسوية الداعمة بمقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا والمشجعة لدور المرأة في الحياة العامة لدفعها على الانخراط في كافة المجالات، قررت عزيزة العطبة ذات الأربعين عاماً، نازحة من ريف حلب افتتاح مشروعها الخاص وصقل موهبتها في تصميم الأزياء والأعمال اليدوية.

وعن سبب اختيارها للدراسة في معهد الفنون النسوية أوضحت "حبي وشغفي للفنون النسوية وتصاميم الأزياء، دفعني لدراسة في هذا الاختصاص وتحقيق حلمي، لكن زواجي حال دون استكمال دراستي إلى جانب الظروف والحرب التي شهدتها مدينتي، لذلك اضطررت للنزوح مع أسرتي إلى مدينة حماة وهناك عملت كمدرسة فنون نسوية لعدة سنوات".

وحول بداية مسيرتها قالت "كانت أولى خطواتي تنظيم معرض خاص بالفنون النسوية، حيث اكتسبت خبرة ومهارات وأفكار وتصاميم ورسومات مميزة ومختلفة عبر الأعمال والأزياء التي تم عرضها في معرض دمشق الدولي، مما دفعني للانطلاق من المنزل حيث كنت في بعض الأحيان أستعين بالانترنت لاستخراج بعض التصاميم، لابتكر واستوحي من فكرة واحدة العديد من النماذج على ذات النمط لذلك خطر في بال افتتاح مشروعي الخاص بالأعمال اليدوية".

وعن طبيعة عملها أوضحت "أقوم بخطواتي الأولى بابتكار التصميم ثم رسمه على ورق وذلك  بحسب اختيار وطلب الزبائن، وأتفنن التصميم والرسم على فساتين خاصة بالحفلات والمناسبات الخاصة التي أزينها بقطفات الورود المصنوعة يدوياً وأضيف لها الخرز واللؤلؤ الملون وذلك بعد أن أحصل على الملابس من ورشة الخياطة، هناك العديد من الاكسسوارات اليدوية التي أصنعها منها الأساور وربطات الشعر والطرحات والتاج التي تستخدم في المناسبات والحفلات، وأيضا أصنع باقات من الورد الاصطناعي وذلك بلف شريط ملون على شكل وردة ثم أقوم بلزقها على القطعة بالشكل المطلوب".

وتطرقت عزيزة العطبة إلى مشاركتها في المهرجانات والمعارض "حصلت على شهادة تميز في معرض دمشق الدولي، وكوني معلمة فنون نسوية لذوي الاحتياجات الخاصة نلت على ذلك شهادة دولية بجدارة".

وعن مساعيها وأهدافها من خلال مشروعها أكدت "كوني امرأة أعيش دور الأم والأب معاً، وأشعر بالنساء وما تعانينه، لذلك أسعى جاهدة لاستقطاب أكبر عدد من الفتيات والنساء المعفنات، وأركز على النساء اللواتي خرجن مؤخراً من مخيم الهول كونهن لا تملكن معيل لمساعدتهن، كون هذه الحرفة ساعدتني على تحقيق استقلالي الاقتصادي الذاتي رغم كل الصعوبات التي واجهتني، لأكون قدوة لهن للاعتماد على ذواتهن وتحقيق الاستقلال الاقتصادي لهن ولأسرهن، كما سيساعدهن على الانخراط في كافة المجالات العملية الأمر الذي سيعزز من ثقتهن بأنفسهن وسيجعلهن أقوى للخوض في معترك الحياة".

ولفتت إلى الاهتمام الكبير الذي توليه التنظيمات والحركات النسوية الداعمة للمرأة في المنطقة "تلعب المرأة  دور مهم وتأخذ مكانة مرموقة في المجتمع وهناك تشجيع ودعم مادي ونفسي كبير تحصل عليه، وفرص عمل كثيرة تمنح للمرأة على كافة الأصعدة والمجالات، وهذا ما تميزت به مناطق إقليم شمال وشرق سوريا على عكس المناطق السورية الأخرى التي لا تعطي لدور المرأة أي اهتمام،  وبحكم أني من مدينة حماة السورية، واجهت العديد من الصعوبات منها غلاء الأسعار وصعوبة في تأمين عمل، لهذا قررت الانتقال إلى مدينة الرقة وافتتاح مشروعي الخاص كون الظروف مواتية هنا أكثر".

وتطرقت للاهتمام والدعم الكبيرين الذي تلقاه مشروعها منذ بداية إطلاقه "لم يكد يصل صدى مشروعي الأرجاء حتى تلقى الكثير من الدعم المعنوي والمادي من قبل الأشخاص الداعمين لدور ومواهب المرأة ومشاريعها الخاصة، حيث تم دعوتي للخضوع لدورات فكرية ومهنية وورشات عمل من قبل الجهات المهتمة بالمرأة التي من شأنها تمكيني للانخراط في سوق العمل بعد زيادة خبرتي وتطوير مهاراتي الشخصية والتأهيل أكثر لمعرفة كيفية إدارة المشاريع، وكوني قد انقطعت مدة زمنية لا بأس بها عن ممارسة مهنتي".

وعما يميز الأعمال المصنوعة يدوياً عن الآلية قالت "الأولى تتصف بجودة عالية، على عكس القطع المصنوعة آلياً التي تعد نوعيتها منخفضة والمواد الداخلة في صناعتها تتعرض للتلف سريعاً، كما أن الأعمال اليدوية تتطلب جهد كبير من حيث الدقة وتركيز عالي خاصة القطع ذات الحجم الصغير منها".

وبينت أن هناك أقبال كبير على منتوجاتها "اتلقى العديد من الطلبات يومياً لما لأن أعمالي تتميز بالأبداع والفن الملفت، لهذا قررت أن أعلم بناتي هذه المهنة الفنية لكي أؤمن لهن مستقبل لما له من مردود كافي".

وتفتخر كونها تضع بصمة في الإنتاج المحلي خاصة في منطقة أنهكتها الحرب لسنوات طويلة "أسعى لتوسيع قاعدة عملي في المنطقة، وتصديره إلى المناطق المجاورة والدول الأخرى، فهذا سيساهم في رفع اقتصاد المنطقة"، معتبرةً أنها من خلال عملها يمكنها إحياء تراث الأعمال اليدوية وذلك عبر تدريب الفئة الشابة التي تعتبر أجيال المستقبل وبذلك يتم ابعادهم عن الانحلال الاجتماعي.

ووجهت عزيزة العطبة رسالة في نهاية حديثها حثت فيها النساء على الاعتماد على ذواتهن وأن تكون الداعم الأول لنفسها، وأن يكون لها دورها ريادي وإداري إلى جانب الرجل، "بإمكانها أن تلعب دورها وتفعله على الساحات العملية، وأن تثبت ذاتها وتحقق استقلالها الاقتصادي، وتساهم في تطوير والنهوض في الإنتاج المحلي والتجاري والمهني في مجتمعها".