بجني الأعشاب الجبلية وتقطيرها تؤمن فرص عمل لهن

تعمل النساء على جني الأعشاب الجبلية وتقطيرها لكسب مورد رزق واثبات ذواتهن لاسيما في ظل محدودية فرص العمل في المناطق الريفية.

إخلاص حمروني

تونس ـ العديد من نساء المناطق الريفية لم تغادرن قراهن الريفية، بل تشبثن بها وجعلن من أعشابها مصدر رزق لهن، واستفدن منها في صناعة الزيوت العطرية والطبية، ووفرن العديد من فرص العمل لهن.

عائشة عكروتي، أم لثلاثة أولاد، إحدى النساء اللواتي تعملن في جمع النباتات وجعلها ملاذ لها من البطالة، إذ تجفف الأعشاب وتقطّر الزيوت العطرية والطبية على اعتبار أن المواد الأولية متوفرة حيث تقطن، وفق حديثها.

وعن تجربتها قالت "اعيش بقرب جبل المطرقة، أذهب لأقطف منه ما توفر على أرضه من نباتات (أكليل الجبل، الشيح والزعتر لاستخراج الزيوت)، ففوائد هذه الأعشاب كثيرة كونها طبيعية ومروية بمياه الأمطار فرائحتها تكون فواحة من تلك التي تزرع في المنزل".

وأوضحت "أعمل على جمع الأعشاب من الجبل وحملها إلى المنزل؛ لأقوم بتقطيرها لاستخراج معطر الإكليل ومعطر الزعتر ومعطر الفليو وأيضاً الزيوت النباتية الأساسية النادرة"، مشيرة إلى أن هذا العمل متعب َويتطلب جهداً ومثابرة على غرار التنقل من سكنها إلى الجبل إضافة إلى صعوبة تقليع الأعشاب بسبب جفافها ونقص الأمطار، فهي تحتاج إلى عناية فائقة لكي تبقى جذور النبتة خضراء لا تموت.

وأضافت "سعيت إلى تطوير قدراتي وقمت بالعديد من الدورات التدريبية في تقطير الزيوت وأخرى في كيفية استعمال هذه الأعشاب؛ فلكل نبتة أو عشب استعمالات معينة وفوائد، فصنعت من خلال هذه الأعشاب العديد من أنواع الصابون مثل صابون الإكليل، صابون القهوة وصابون الورد وبعض كريمات التجميل".

وأكدت أن هذه الأعشاب توفر مصدر رزق للنساء لإثبات ذواتهن في ظل محدودية فرص العمل "على المرأة ألا تبقى حبيسة المنزل ويقتصر دورها في الاعتناء بالمنزل وتربية الأطفال، بل عليها أن تعمل وتسعى لإثبات وجودها في المجتمع".

 

 

على مقربة من مكان عائشة عكروتي، تجلس منية عبيدي وهي أم لطفلين، حاصلة على شهادة تعليم عال في التجارة الدولية والاقتصاد اللامادي منذ عام 2009، سعت إلى تثمين الموارد الطبيعية لجهتها من نباتات وبذور لتجعل منها مورد رزق لها وللعديد من النساء الريفيات اللواتي تحول الظروف الاقتصادية والاجتماعية دون تمكينهن من افتتاح مشاريعهن الخاصة.

وقالت "راودتني فكرة مشروع الاستفادة من الهندي الاحمر (التين الأحمر موجود بكثرة في الأوساط الطبيعية ومتوفر في جبال منطقتنا)، فاستخدمه لاستخراج معجون التين والعصير وأيضاً استعمله كملون غذائي طبيعي خال من أي إضافات كيميائية وكمسحوق للتجميل بحكم أن للتين الأحمر العديد من الفوائد، فهو يعالج ضغط الدم، أمراض السكر ومشاكل الهضم".

وأوضحت أنه يتم جني التين من الشجرة ومسحه من الشوك وغسله من الشوائب ثم قصه وعجنه وطبخه (حسب طلب الحرفاء لان البعض منهم يفضل طبخه بالسكر آخرون دون سكر)، مشيرة إلى أنه يتم استخدامه في صنع الحلويات فلونه طبيعي ومذاقه لذيذ كما يتم في بعض الأحيان استعماله كملون طبيعي.

وعن أهمية عملها، تقول "كان هذا المشروع نقطة تحول في حياتي، وغير من شخصيتي وأفكاري، أصبح لي عمل أطمح لتطويره وأحلم بالنجاح، أصبحت مستقلة بذاتي ومسؤولة عن قراراتي".

 

 

واتفقت عائشة عكروتي ومنية عبيدي على أن دور المرأة في الأوساط الريفية يجب ألا يقتصر على دورها التقليدي والذي حصرته النزعة الذكورية في شؤون المنزل وتربية الأولاد بل هو أشمل من ذلك، وشجعتا كل امرة على البحث عن مصدر رزق لتنعم باستقلالها المادي وتفرض وجودها.