رسامة كاريكاتير تكشف هيمنة المافيا الفنية على المشهد الثقافي في سنه
ترى شيدا فدائي أن السبيل الوحيد نحو مستقبل حر للفن يكمن في اتحاد الفنانين المستقلين الذين يواجهون في مختلف المجالات الفنية عراقيل تفرضها الجماعات المرتبطة بالحكومة، والتي تحتكر إصدار التراخيص وتنظيم المعارض والتحكم في الإعلانات.

ماریا قدیمي
سنه ـ يُبلّغ بعض الفنانين عن تجربتهم في مواجهة القيود والتحديات في أنشطتهم، ويقولون إن جماعات مافيوية وأشخاصاً نافذين في بعض المجالات الفنية يسيطرون على الوصول إلى التراخيص وفرص عرض الأعمال، رغم أنهم يلعبون دوراً مهماً في تنظيم المهرجانات، وورش العمل، والمعارض، والإعلانات في المدن.
قالت رسامة الكاريكاتير من مدينة سنه شيدا فدائي عن الأشخاص النافذين في المجال الفني "الأفراد والمجموعات المرتبطة بالفن يسيطرون بالكامل على مجال الكاريكاتير، وجميع التراخيص بأيديهم، حتى في فن الكاريكاتير، هناك أشخاص مرتبطون بالحكومة، وهم من يتولون التخطيط، لا يُسمح لأي شخص بالعمل سوى من تختارهم هذه المجموعة"
وشددت على أنه "يجب أن يكون لدينا فضاء يُمنح فيه الأفراد حق العمل والتعبير بناءً على قدراتهم وكفاءاتهم ونشاطهم، لا على أساس مدى ارتباطهم بالنظام، فوجود مجموعات مستقلة ونزيهة تعمل حالياً هو أمر يبعث على الأمل، بعض هذه المجموعات نجحت في تنظيم معارض تتميز بقوة جودة الأعمال، كما أنها حرة ومستقلة ولا يمكن لأحد أن ينتقدها".
وأوضحت أن "بعض الفنانين يحتكرون نشاطهم الفني ويسيطرون على مجالات فنية معينة، ولا يسمحون للآخرين بالدخول إليها، هؤلاء عادة لا يرتبطون بالنظام الحكومي، لكنهم يقيّدون توسع مهنتهم على الآخرين، في المقابل، هناك مجموعة أخرى مرتبطة تماماً بالنظام، ومن يريد العمل في الساحة الفنية عليه إما الانضمام إليهم أو الانسحاب منها."
ومن جهة أخرى، فإن معظم الأشخاص الذين يحظون بدعم النظام لا يمتلكون تخصصاً حقيقياً ولا سيرة ذاتية قوية، من حيث الشكل والتقنية، لديهم الكثير من العيوب، وقد يبدون كفنانين في نظر العامة، لكن الفنانين الحقيقيين يوجهون انتقادات جدية لأعمالهم، بحسب بقول شيدا فدائي.
تجارب الفنانين المستقلين
وعن طبيعة عملها قالت شيدا فدائي "أعمل في مجال التصميم الغرافيكي والإعلانات، وقد كنت حتى الآن مستقلة، وتعاونت فقط مع الأعمال والأنشطة الاقتصادية الصغيرة، المصانع والشركات الخاصة، لم أعمل في إعلانات الأشخاص المرتبطين بالنظام، ولا المجالس، ولا حتى الدوائر الحكومية، هذا كان اختياري الشخصي".
وأضافت "في الوقت نفسه، أعرف أشخاصاً يسيطرون على جميع الإعلانات في المدينة بدعم من النظام، ويتحكمون بالكامل في اللوحات الإعلانية والبيلبوردات، في هذه البلاد، لا توجد بيئة مناسبة للجميع؛ إما أن تصبح تابعاً، أو تبقى محصوراً في دائرة صغيرة دون أي فرصة للنشاط".
القيود وانغلاق الفضاء الفني
وأكدت شيدا فدائي أنه "في مجال الكاريكاتير والرسوم الكرتونية، أمتنع عن المشاركة في ورش العمل التي ينظمها الأشخاص المرتبطون بالنظام، ولا أسعى للحصول على التراخيص التي يملكونها، لكن الوضع مغلق إلى درجة أن الفنان، من دون الفضاء الافتراضي، لا يكاد يجد وسيلة لعرض أعماله، هؤلاء الأشخاص المرتبطون والمنبوذون لا يملكون أي مبرر ولا يمكن الدفاع عنهم".
وأضافت "في مجال الرسم أيضاً، لدينا أشخاص يعملون بأساليب (الهايبر رياليزم (الواقعية المفرطة) والسوبر رياليزم (الواقعية الفائقة) وهم معروفون حتى على المستوى الدولي، لكن بسبب وجود مافيا الرسم، لا يُرَون ولا يُسمح لهم حتى بإقامة معرض بسيط".
وأوضحت أن "الأشخاص المرتبطون بالنظام ليسوا فقط ضعفاء من حيث الشخصية، بل أيضاً من الناحية الفنية، وبعضهم الآخرين يتواصلون معهم فقط من أجل الربح والاستفادة، وهذا أيضاً خيانة للفن، وأعتقد أنه مهما كانت شخصيتك، طالما أنك لا تظلم أحداً، فلا مشكلة؛ لكن أولئك الذين يرتبطون بالنظام في المجال الفني، غالباً ما يمارسون الظلم والخيانة بحق الآخرين".
ضرورة التضامن وخلق فضاء مستقل لمستقبل الفن
وعن تجاهل الفنانين المستقلين في المهرجانات والمعارض، بيّنت شيدا فدائي أن "المشكلة لا تتوقف هنا؛ حتى عندما ينجح الفنانون المستقلون في المهرجانات، إذا لم يكونوا أعضاء في المجموعة المرتبطة بالنظام، لا يُسمح لهم بالظهور، لقد شاركت في مهرجان مستقل وحصلت على مركز متقدم، لكن لاحقاً لم يُذكر اسمي أبداً، رغم أن ذلك كان فخراً كبيراً للمحافظة، هؤلاء الأشخاص لا يمكن الدفاع عن فنهم، ولا عن شخصياتهم، ولا عن علاقاتهم، وإذا انتقدهم أحد، يُقصى من الساحة الفنية ويتعرض لمضايقات".
وفي ختام حديثها، قالت شيدا فدائي "يجب أن نتحد، التشتت لا يخدم أحداً، يجب تشكيل جبهة من الفنانين المستقلين لخلق فضاء حر لنشاطنا، لا أن نتحول نحن إلى مافيا أخرى، بل أن نخلق بيئة للفنانين الأحرار والمستقلين كي ندير هذه الظاهرة معاً ونصل إلى نتيجة، هذه نقطة انطلاق لمستقبل الفن؛ مستقبل لا يجب أن يُسلَّم للمافيات، رسالتنا هي ألا نصمت، كيلا يعاني القادمون من آلامنا".