قص الشعر... حل إجباري للنساء والأطفال في ظل أزمة المياه

يعكس حل قص الشعر رغم بساطته مدى تأثير الأزمة المائية في إدلب على حياة النساء اليومية، والتي طالت كل جوانب الحياة، بما في ذلك العناية الشخصية.

هديل العمر

إدلب ـ تواجه النساء في مخيمات إدلب تحديات يومية، ليس فقط بسبب الفقر والإهمال بل بسبب شح الموارد الأساسية مثل المياه الذي تتحمل تكاليف شرائه الكثيرات منهن بعد توقف الدعم عن معظم المخيمات، وهو ما دفعهن للبحث عن حلولاً غير تقليدية لمواجهة المشكلة عبر قص الشعر لتقنين استهلاك المياه.

كان شعر فدوى عبد الكريم 31 عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات "حيش" شمال إدلب، طويل وتعتني به بشكل خاص لكنها اضطرت تحت وطأة قلة المياه لقصه لأول مرة منذ سنوات وتقول "لم يكن خيار قص شعري وشعر بناتي سهلاً لكنني فعلت ذلك حتى لا أحتاج إلى استهلاك كمية كبيرة من الماء عند غسله، فنقص المياه صعب وليس لدي خيار آخر، فعندما يكون لديك طفل يحتاج إلى رعاية ونظافة، تصبح كل قطرة ماء ثمينة للغاية وتحدث فرقاً".

وأضافت "نعتمد على شراء المياه من الصهاريج وبأسعار مرتفعة، ولا تكفي الكميات التي اشتريها حتى للاحتياجات الأساسية كالشرب والطبخ، فما بالك بالغسل والاستحمام، لقد أصبحنا نستخدم المياه بحذر شديد وأصبح قص الشعر ضرورة رئيسية لنا في المخيمات خوفاً من القمل والأمراض الجلدية".

وتروي نور الناجي 29 عاماً وهي معلمة في إحدى مدارس مخيمات شمال إدلب، أن الطلاب الذكور ليس وحدهم من يقومون بتقصير شعرهم نتيجة قلة المياه وإنما الفتيات بدأن أيضاً يقصصن شعرهن للتخفيف من حاجتهن لاستخدام المياه وبعضهن يبكي بسبب اضطرارهن لهذا الخيار.

وتابعت "في هذه الأوقات الصعبة كل شيء يعتمد على كيفية التكيف مع القليل من الاختيار، فالحلول المؤقتة لم تعد كافية ولابد من حلول مستدامة لقضية نقص المياه المادة الأهم في حياتنا".

وأوضحت أنه "بالنسبة لجميع الفتيات كان الشعر الطويل يشكل جزءاً من هويتهن الشخصية، وقصه كان قراراً صعباً ولكنه طارئ، نحن نتعامل مع هذا الأمر كجزء من التضحيات اليومية".

من جانبها قالت ندى الغنوم 33 عاماً وهي تملك صالون بسيط للتجميل في مخيمات إدلب، إنها بدأت بتلقي طلبات كثيرة لقص الشعر من نساء وفتيات المخيم جراء الظروف الاقتصادية الصعبة ولتخفيف العبء عنهن في استهلاك المياه، حيث لم تكن تتلقى مثل هذا الكم من الطلبات من قبل.

وأشارت إلى أن صالونها أصبح مكاناً لتبادل الهموم بين النساء حول كيفية التعامل مع شح المياه في الحياة اليومية، ومعاناة توفير القدر الكافي للمياه من أجل الغسيل والاستحمام وعمليات التنظيف المختلفة، حيث يشكل شح الموارد اختبار حقيقي لصمود النساء وقدرتهن على التكيف مع التحديات المستمرة.