مستقبل مهدد بالجهل... حرب يقودها الاحتلال التركي

يعاني الطلاب في القرى المحاذية للمناطق المحتلة من مواصلة تعليمهم بشكل سليم نتيجة القصف العشوائي الذي ينال من سيرورة العملية التعليمية بشكل متواصل.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ يعاني أكثر من 4250 طالب/ـة من التشتت والتوتر غالبيتهم من المرحلة الابتدائية نتيجة القصف العشوائي التركي على قراهم في إقليم شمال وشرق سوريا، ناهيك عن حالة الرعب التي تنال منهم، والانقطاع المستمر من العملية التعليمية.

تشهد العملية التعلمية في القرى الممتدة من شمال شرق منبج حتى شمال غربها الحدودية مع المناطق التي تحتلها تركيا ومرتزقتها تراجعاً ملحوظاً في سيرها بالشكل السليم، ويعود السبب للهجمات والقصف بشكل عشوائي.

بحسب ما أفادت به لجنة التربية والتعليم، وأهالي القرى الحدودية بأن القصف يسبب الخوف والرعب لدى الأطفال وينقطعون عن الدوام المدرسي في تلك الأثناء وتكرار ذلك أثر على المستوى الدراسي لديهم ولكن رغم ذلك يستمر الأهالي بإرسال أطفالهم إلى مدارس القرى المحيطة ليواصلوا تعليمهم.

وتنتشر في القرى المحاذية للمنطقة التي تحتلها تركيا ومرتزقتها 22 مدرسة تحوي 4250 طالب/ـة، ويدرس فيها 150 معلم/ـة.

وسلطت الرئيسة المشتركة للجنة التربية والتعليم في مقاطعة منبج نقشيفان محمد الضوء على الواقع التعليمي في القرى التي تتعرض للقصف بشكل مباشر مؤكدةً أن "الواقع التعليمي في القرى التي تتعرض للقصف مأساوي وهذا ما ينعكس سلباً على الطلاب".

وبينت أن الطالب "يحتاج الأمان الاستقرار لمواصلة تعليميه بينما الطلبة في تلك القرى يعيشون أجواء من الرعب وهذا ما يؤثر على حالتهم النفسية، ناهيك عن التأثير على مستقبلهم ومستواهم الدراسي لعدم تلقيهم المنهاج الدراسي بشكل المطلوب نتيجة الانقطاع المستمر من المدرسة بسبب تعرضها للقصف العشوائي"، لافتةً إلى أن المعلمين يحاولون قدر الإمكان تعويض ما يفوت الطالب أثناء فترات القصف، ولكن حتى أثناء التعويض يعاود الاحتلال القصف مرة أخرى وهذا يعيق سير العملية التعليمية، وهذا واقع 22 مدرسة متواجدة في القرى الحدودية.

وأضافت "حتى المدارس التي تتعرض للقصف لا يمكننا إعادة ترميمها وصيانتها لأنها دائماً عرضة للقصف العشوائي"، منوهةً إلى أن "رغم ذلك الكثير من الأهالي لم يستسلموا في إرسال أطفالهم للمدارس كيلا يفوتهم العام الدراسي".

وناشدت نقشيفان محمد منظمات المجتمع الدولي للحد من الانتهاكات التركية التي تعرض مستقبل الأطفال للخطر، مشددةً على ضرورة إنشاء جيل قادر على تحمل مسؤولية النهوض بالمجتمع.

ومن جانبها قالت أمينة السطوف من قرية أم جلود شمال غرب مدينة منبج الواقعة على خط التماس مع المناطق المحتلة "نتيجة القصف المستمر على القرية أغلب الأهالي انتشروا في المزارع المحيطة بها، لأن القرية باتت هدفاً للقصف العشوائي، والمدرسة الوحيدة في القرية والتي تستقبل طلاب المرحلة الابتدائية خرجت عن الخدمة بسبب تضررها من القصف، وخشيةً على أرواح الأطفال من القصف العشوائي لم نعد نرسل أطفالنا إليها"، وعن الحل البديل الذي وفروه لمواصلة التعليم بينت "يلجأ أطفالنا للتعلم في مدراس القرى المحيطة بنا والتي تبعد مسافات طويلة في ظل ظروف الشتاء والطرق الوعرة والموحلة، ولكننا مصرين على مواصلة تعليمهم لنخلق جيل واعي لأن لا خير في أمة أطفالها جهلة".

ومن قرية الوريدة غرب مدينة منبج أيضاً على خطوط التماس مع المناطقة المحتلة قالت زينب الأحمد عن الحالة النفسية التي يعاني منها الأطفال نتيجة همجية القصف "بسبب القصف المستمر والرعب الذي يخلفه القصف في نفوس الأطفال يمتنعون عن الذهاب إلى المدرسة، وهذا ما يجعل الأطفال ينقطعون عن دراستهم لفترات طويلة، مما يؤثر سلباً على تعليمهم ومستواهم الدراسي، وغالبية الأطفال نتيجة الخوف أصيبوا بمرض اليرقان"، ورفضت هذه الانتهاكات على قريتهم وطالبت بإيقاف هذا القصف الذي حول حياتهم إلى كابوس "نود أن نعيش كغيرنا دون خوف ورعب"، محملة  التحالف الدولي وروسيا نتائج هذه الانتهاكات "أمريكا وروسيا شريكتان مع تركيا في هذه الجرائم المرتكبة بحقنا، فالمصالح الدولية دائماً تكون على حساب الإنسان وصمتهم يؤكد ذلك".

وأما رسمية الحسن من القرية ذاتها لفتت إلى أنه "دائماً نعيش في حالة قلق وتوتر، لأن القصف في ساعات المساء مرعب، ونحن لسنا خائفين على أرواحنا فبمقدورنا مقاومة كل تلك الظروف ولكن الخوف على الأطفال والرعب الذي ينال منهم، ورغم ما نعيشه من مواجهة الموت وجهاً لوجه إلا أننا نرفض بشكل قطعي التخلي عن أرضنا، فنحن ندرك ما سيحل بقريتنا إذا خضعت لسيطرة الاحتلال التركي ستسرق وتنهب وتقطع أشجارها، ونحن لا نتهاون في التخلي عنها ومتشبثين بها بأرواحنا".

وأشارت إلى موقف المجتمع الدولي المخزي إزاء هذه الانتهاكات "الجميع يلعب دور المشاهد وهو جالس في منصبه دون أن يأبه لقتل النساء والأطفال وتشريدهم والقضاء على طفولتهم ومستقبلهم ناهيك عن الأمراض الناجمة عن هذه الظروف للكبار والصغار أيضاً"، منوهةً "نعيش بأمان في ظل الإدارة الذاتية وقوات مجلس منبج العسكري ولكن هذا الأمان الذي نعيشه بات محطة أنظار كل القوى المستبدة لذا يسعون للنيل منه بهذه الأساليب، والاحتلال التركي أكبر مثال، ويسعى للتوسع وهذا محل رفض بالنسبة لنا".

فيما أكدت عليا الحسين من ذات القرية على تمسكهم بأرضهم "هذه أرض أجدادنا لا نتخلى عن شجرة منها ولو كان الثمن أرواحنا"، لافتةً إلى أنه "نعيش نحن الكبار حالة يرثى لها فالكثير من المسنين عاجزين عن الحركة وأثناء القصف لا يستطيعوا حتى الفرار بأرواحهم"، مضيفةً "نحن الكبار عشنا حصتنا من هذه الحياة ولكن الأسف على الأطفال الذين بات مستقبلهم ضائع بين أنياب الاحتلال التركي فآلة الحرب نالت من كل شيء من مدارسهم وطفولتهم وحتى مستقبلهم"، مشيرةً إلى أنه "منذ أن دخل الاحتلال التركي للأراضي السورية تشهد العملية التعليمية في القرى المحاذية للمناطق المحتلة تراجعاً كبيراً، وهذا حال جميع القرى ليس قريتنا فحسب"، وتنهدت وهي تقول "نناشد ونرفض ولكن لا حياة لمن تنادي".