ليبيات تقتحمن مجال صيانة الهواتف في تحدٍ للأعراف والصور النمطية
يعد مشروع طموح الذي يحمل اسم "شركة طموح النسائية" قصة نجاح تُبرز قوة الإرادة النسائية في ولوج كافة المجالات حتى التي يحتكرها الرجال.
منى توكا
ليبيا ـ مع تطور دور المرأة في المجتمع وتحديها للصور النمطية والأدوار الجندرية التقليدية، برزت تجارب نسائية فريدة في مجالات كانت حكراً على الرجال. ومن هذه التجارب، تأسيس أول شركة نسائية لصيانة الهواتف والحواسيب، حيث أثبتت النساء أنهن قادرات على الإبداع في هذا المجال التقني.
تجسد "شركة طموح النسائية" روح الريادة النسائية، حيث تمكن من التغلب على التحديات وتحقيق إنجازات ملموسة. الفريق لا يسعى فقط لتقديم خدمات صيانة عالية الجودة، بل يهدف أيضاً إلى تمكين النساء وتعزيز دورهن في المجالات التقنية.
من الهندسة إلى الريادة
تحدثت المهندسة خديجة المجدوب، مديرة شركة "طموح النسائية" وصاحبة الفكرة، عن بداية المشروع قائلة "الفكرة جاءت من تخصصي في الهندسة الإلكترونية. كنت دائماً أحل مشاكل الحواسيب لزميلاتي، مما أكسبني خبرة في مجال البرمجيات. وبعد التخرج، التحقت بدورة تدريبية لصيانة الهواتف نظمتها منظمة اليونيسف، وهناك تعرفت على زميلاتي اللاتي شاركن معي الشغف نفسه".
وأوضحت أنه بعد هذا التدريب، تم تشكيل فريق "طموح"، حيث شاركن في مسابقات محلية وحصلن في عام 2019 على المركز الثاني في جائزة أفضل مبادرة شبابية مجتمعية بمدينة سبها من بين 40 مشروعاً، مضيفةً "بدأنا العمل من المنزل عام 2020 مع الزبائن من الأقارب والأصدقاء، مما ساهم في تسويق خدماتنا. وفي عام 2021، أطلقنا صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرنا مقاطع فيديو لعملنا، مما جذب زبائن من مختلف أنحاء ليبيا".
وأشارت خديجة مجدوب إلى أن الفريق توسع تدريجياً، حيث بدأ بتقديم خدمات التوصيل النسائية وإنشاء فريق تسويقي في المناطق الجنوبية. وفي عام 2023، توسع المشروع ليشمل مبيعات الأجهزة مع إطلاق مبادرات مثل تخفيضات لطلبة الجامعات، لافتةً إلى أن "هدفنا هو فتح فروع لفريق طموح في مختلف أنحاء ليبيا، ونحن الآن فريق متكامل من 7 مهندسات".
تحديات النساء في المجال التقني
رجاء صالح، عضوة في "شركة طموح النسائية"، سلطت الضوء على واحدة من أبرز المشكلات التي تواجه النساء في هذا المجال، حيث قالت "النساء عادة تتخوفن من تسريب صورهن أو فيديوهاتهن عند تسليم أجهزتهن للرجال. لذلك، كان هدفنا الأساسي هو تقديم خدمة آمنة تضمن الخصوصية".
وأضافت أن الشركة تسعى أيضاً لتقليل نسبة الأجهزة المتعطلة والمركونة عند النساء من خلال تقديم خدمات صيانة متميزة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للنساء عبر دورات تدريبية متخصصة.
التحدي والشغف
بدورها، تحدثت مريم محمد إبراهيم عن شغفها بالإلكترونيات وصيانة الهواتف، مشيرة إلى أن حبها لهذا المجال بدأ عندما كانت ترى شقيقها يصلح هاتفها مقابل مبالغ مالية. وقالت "قلت له يوماً ما إنني سأتحداه وسأصلح هاتفي بنفسي. هذا التحدي دفعني لدخول المجال، والتحقت بتدريب نظمته منظمة سوبر نوفا الإيطالية، حيث اكتسبت خبرة كبيرة".
وأوضحت أن العمل في هذا المجال أظهر لها أن المرأة قادرة على تحقيق أي هدف، شرط ألا تستسلم لأي عوائق. وتوجهت برسالة للنساء "لا تسمحن لأي عائق بإيقافكن، المرأة قادرة على التفوق في أي مجال".
شغف يتحول إلى مهنة
من جانبها، قالت عزيزة محمد، إحدى موظفات الشركة "شاركنا في دورة تدريبية مع 15 فتاة بسبب رغبتنا في تعلم صيانة الهواتف وإنشاء عمل خاص بنا كنساء. ومن خلال خبرتنا في فريق طموح، استطعنا إثبات قدراتنا في المجال التقني".
وختاماً، تتفق عضوات الفريق على رسالة واحدة "المرأة قادرة على كسر الحواجز وتحدي الأعراف، وتحقيق النجاح في أي مجال تختاره".