الإنسانية في زمن الحرب... متطوعات تتحدين الصعوبات لمساعدة الآخرين

"قضت الحرب على الأخضر واليابس" جملة تقال عندما لا يجد الشخص أبسط سبل ومقومات الحياة، وهو ما يمر به أهالي السودان الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في مواجهة ظروف قاسية بسبب الحرب.

آية إبراهيم

السودان ـ تسببت المواجهات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان في شح جميع مقومات الحياة الضرورية، الأمر الذي دفع السودانيات للمشاركة في العمل التطوعي في مختلف المجالات بتقديم الدعم والمواد الغذائية والدواء.

يعيش السودان أوضاع مأساوية في ظل استمرار المواجهات التي أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وسط تحذيرات من وصول البلاد إلى أزمة غير مسبوقة ومجاعة كبيرة، وانهيار في عدد من القطاعات أبرزها القطاع الصحي بعد خروج عدد من المؤسسات الصحية عن الخدمة.

دعاء عبد الرحمن طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أم درمان عملت في مجال العمل التطوعي بعد الحرب في غرفة طوارئ بحرى حيث كانت تقوم بإيصال المواد الغذائية للمحتاجين، تقول إنهم إلى جانب توفير المواد الغذائية يعملون على توفير الاحتياجات الطبية المختلفة، إضافة لمساعدة المواطنين على الخروج من مناطق الاشتباكات إلى أماكن آمنة.

وأوضحت أنها عملت في المنظمة الطوعية "كلنا قيم" من خلال مشروع "بروش الخير" وهو عبارة عن وجبة إفطار تم تقديمها للصائمين خلال شهر رمضان في الشوارع العامة وذلك بإفطار 3500 صائم في 5 نقاط بولاية البحر الأحمر شرق البلاد "حالياً نعمل على مشروع مطبخ خيري يقدم وجبة يومية للوافدين من الحرب بمراكز الإيواء يستفيد منها 150 شخص يومياً".

وحول التحديات التي تواجهها في العمل التطوعي، أوضحت أن أبرز التحديات تتمثل في إيصال الاحتياجات للمتواجدين في مناطق الاشتباك وانقطاع خدمات الاتصال كذلك التعامل مع الفئات المختلفة "عملنا على تنظيف المكان من مخلفات الحرب والجثث في الشوارع والتي كانت معظمها لجنود، فكنا بحاجة لشخص مختص لمساعدتنا لأن الجنود بحوزتهم معدات حربية والتي من الصعب التعامل معها".

ورغم المخاطر التي يمكن مواجهتها في العمل التطوعي خصوصاً في مناطق الاشتباك وما يمكن أن تتعرض له المرأة في ظل هذه الظروف إلا أن دعاء عبد الرحمن تُصر على الاستمرار والعمل من أجل مساعدة الآخرين والتضحية بحياتها مقابل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وخلال الشهر الماضي لقيت المتطوعة ساجدة عبد المولى حتفها بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غرب البلاد جراء إصابتها بطلق طائش أثناء تأدية واجبها بالمشفى الجنوبي حسب ما أعلنت غرفة طوارئ معسكر أبوشوك للنازحين بمدينة الفاشر.

 

 

وقالت معلمة مرحلة الأساسي ندى محمد عبد القادر إنها نزحت من العاصمة الخرطوم بعد اندلاع الحرب إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد حيث قامت بمساعدة نساء أخريات من الحي الذي تسكن فيه بإنشاء مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم (فرحة في زمن الحرب) من أجل دعم الوافدين ومتابعة حقوقهم.

ولفتت إلى أن المجموعة تطورت وقمن بفتح جمعية عمومية واختيار مكتب تنفيذي لمتابعة إجراءات واحتياجات الوافدين مع الجهات المختصة حتى نجحن في الحصول على سلال غذائية تم توزيعها على مستحقيها.

وأوضحت أنه بعد هذه التجربة قامت منظمة (كلنا قيم) وهي منظمة طوعية، مشيرة إلى أنها رغم التحديات والصعاب التي واجهتها إلا أنها أحبت العمل التطوعي الذي يمثل بالنسبة لها قمة الإنسانية.

 

 

وتعد الناشطة في العمل التطوعي سوهندا عبد الوهاب وهي محامية تقطن بمدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم أحد أبرز الناشطات في العمل التطوعي بالسودان ما قبل الحرب وزاد نشاطها بشكل أكبر بعد الحرب.

ولم تغادر سوهندا عبد الوهاب مقر إقامتها بمدينة أم درمان وبقيت تمارس عملها التطوعي برفقة زوجها بتقديم وجبات طعام كل يوم جمعة للفقراء والمحتاجين، إضافة لاستعراض الحالات الطارئة للمرضى ومد يد العون لهم إلى جانب ذلك تقوم كل موسم من مواسم رمضان والأعياد بتقديم مستلزمات المناسبتين من احتياجات رمضان وكسوة العيد وخراف الأضحية.

وتستخدم في عملها التطوعي صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" التي يتواجد فيها 568 ألف متابع وذلك من خلال توجيه نداءات لفاعلي الخير من أجل تقديم العون للفقراء والمحتاجين وقد نجحت بشكل كبير.