المزارعات المغربيات في إسبانيا... بين تحسين الظروف ومواجهة الاستغلال
مع اقتراب موسم هجرة المزارعات المغربيات لجني فاكهة الفراولة في الحقول الإسبانية، أطلقت فيدرالية رابطة حقوق النساء حملة لتعزيز حماية الفئة العاملة، وضمان عملهنّ في ظروف آمنة بعيداً عن الاستغلال.
حنان حارت
المغرب ـ على مدار سنوات، أصبح ملف العاملات المغربيات الموسميات في مزارع إسبانيا أحد أبرز ملفات الهجرة الموسمية، حيث يوفر فرص عمل لآلاف النساء من أوساط فقيرة، ورغم التحسن النسبي في ظروف العمل، إلا أن العديد من التحديات لا تزال قائمة، مما يستدعي تعزيز الجهود لضمان بيئة عمل تحفظ كرامة العاملات وتكفل حقوقهن.
منذ انطلاق برنامج تشغيل العاملات المغربيات الموسميات في مزارع إسبانيا عام 2006، تم تحقيق تقدم قانوني مهم، أبرزها تحقيق المساواة في الحقوق بين العاملات المغربيات ونظرائهن من العمال الإسبان. ومع ذلك، رغم هذه التحسينات، لا تزال هناك تحديات قائمة، من بينها عدم الالتزام بعدد ساعات العمل التي ينص عليها القانون، بالإضافة إلى مشكلات تتعلق بظروف السكن. بعض العاملات يشتكين من الاكتظاظ في أماكن الإقامة وسوء التزامها بالمعايير الصحية المطلوبة، مما يعكس الحاجة إلى تعزيز الرقابة وضمان تطبيق القوانين بشكل أفضل لتحسين أوضاعهن.
وفي إطار التحضيرات لموسم 2025، بدأت الجهات المختصة في إسبانيا والمغرب استعداداتها لضمان سير العملية بسلاسة، حيث سيتم اختيار حوالي 4000 عاملة مغربية.
وبحسب تقارير حقوقية، فإن العديد من العاملات لا تدركن تفاصيل عقود العمل الموقعة باللغة الإسبانية، مما يجعلهن عرضة للاستغلال، سواء في الأجر أو في ساعات العمل، أو حتى في حالات التحرش الجنسي.
وحول ذلك أكدت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا، أن الفيدرالية تعمل منذ عام 2010 على هذا الملف بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المغربية والإسبانية، موضحة أن الحملة الأخيرة التي أطلقتها الفيدرالية تأتي ضمن متابعة مستمرة للأوضاع، حيث شملت زيارات ميدانية إلى مقاطعات جنوب إسبانيا لتوثيق ظروف عمل العاملات المغربيات.
وأشارت سميرة موحيا إلى أن غياب الوعي بحقوق العاملات يعد من أبرز التحديات، مبينة أنه "خلال رصدنا لأوضاع المزارعات تبين أن أغلبهنّ تجهلن تفاصيل بنود العقود التي توقع باللغة الإسبانية، مما يجعلهن عرضة للاستغلال سواء في الأجر أو ساعات العمل، أو حتى التعرض للتحرش الجنسي، وغياب التوجيه القانوني والإرشاد مما يزيد من هشاشتهن".
وأوضحت أن الانتهاكات الخطيرة التي كشفت عام 2018، مثل التحرش الجنسي ضد العاملات المغربيات، دفعت الفيدرالية إلى تكثيف جهودها "لقد شملت هذه الجهود الترافع لدى السلطات الوطنية والإسبانية، وتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا"، مؤكدة أن الجمعية نجحت في تسليط الضوء على الملف دولياً، مما ساهم في إدخال إصلاحات تشريعية مهمة.
وفيما يخص توصيات الفيدرالية، شددت على ضرورة تعزيز الإرشاد القانوني والتوعية، مع تنظيم دورات تدريبية قبل السفر، لتوعية العاملات بحقوقهن وواجباتهن وتعريفهن بالقوانين الإسبانية المتعلقة بالعمل واللجوء، مؤكدة على أهمية إشراك منظمات المجتمع المدني في كل من المغرب وإسبانيا ضمن آلية متكاملة لمراقبة أوضاع العاملات، وتوفير قنوات اتصال آمنة لهن للإبلاغ عن أي انتهاكات تتعرضن لها.
ودعت سميرة موحيا أيضاً إلى تقديم حوافز حكومية لتشجيع العاملات على تأسيس مشاريع صغيرة أو تعاونيات فلاحية عند عودتهن إلى المغرب، لضمان دمجهن في الاقتصاد المحلي "من غير المقبول أن تعمل تلك النساء طوال الموسم في ظروف صعبة، ثم تعدن إلى نفس دوامة الفقر والتهميش، يجب أن تكون هذه الهجرة فرصة لبناء مستقبل مستدام لهن ولعائلاتهن".
وفي ختام حديثها، قالت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا إن "حماية كرامة هؤلاء النساء ليست مسؤولية فردية، بل هي التزام أخلاقي وقانوني يتطلب تعاوناً بين الحكومات والمنظمات الحقوقية ككل".