الجهل بالقوانين وعقلية فئة من النساء التي تشرع العنف من أسباب انتشار الظاهرة

تعاني المناطق الريفية في تونس من انتشار ظواهر العنف ضد النساء ويعود ذلك إلى جهلهنّ بالقوانين أو معرفة الاجراءات التي تقمنّ عليه في حال تعرضن للانتهاكات.

إخلاص حمروني

تونس ـ أحيت تونس في 25 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فعاليات اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، لتسليط الضوء على العنف الذي تتعرض له النساء على المستوى الوطني، وإحياء الالتزامات الدولية لإيقاف العنف ضد النساء ومحاسبة منتهكي هذه الحقوق وتقديمهم إلى العدالة.

جاء إحياء هذه الفعالية العالمية في وقت تعترف فيه السلطات التونسية بأن العنف ضد المرأة يعد أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في العالم، وتعلن إدانتها المطلقة لأي شكل من أشكال العنف الممارس على المرأة، سواء في الفضاءات الخاصة أو العامة أو على الفضاء الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، لما يمثله العنف من انتهاك لحقوق الإنسان.

وباعتبار أن أي انتهاك لحرمة المرأة هو انتهاك لحرمة الإنسانية ورغم أن تونس كانت من البلدان الرائدة في سنّ قوانين مدافعة عن المرأة وداعية لضمان حقوقها إلا أن أغلب التونسيات ولاسيما القاطنات في الجنوب والوسط التونسي تبقين غير راضيات عن أوضاعهن وغير راضيات أيضاً عن احتفالات تونس باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة بحكم أنها لم تتمكن بعد من رفع الظلم عن المرأة.

ترى بديعة قادري التي أبدت معرفتها باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أن "وعي النساء في الوسط وفي الجنوب التونسي بكافة حقوقهن منقوص، ورغم ذلك يسعين إلى الحصول على حقوقهنّ شيئاً فشيئاً بحكم تغير عقليتهن وتطور أفكارهن".

وأكدت أن "المرأة أصبحت ترفض العنف وبعض التجاوزات التي تمس من كرامتها", مشيرة إلى أنه رغم ارتفاع قضايا العنف وخاصة العنف الزوجي وتعدد حوادث الاغتصاب والتحرش وقتل النساء تصر المرأة في المناطق الداخلية على الدفاع عن حقوقها ورفضها لكل أشكال العنف.

 

 

بدورها أكدت عفيفة هاني من مدينة ولاية سيدي بوزيد أن "فكرة الدفاع عن حقوق المرأة انتشرت في جميع ربوع البلاد وأن المرأة في كل مدن الوسط والجنوب تسعى للمحافظة والدفاع عن حقوقها ومواجهة العنف لتصبح كياناً مستقلاً في منزلها"، موضحة أن الاحتفالات بفعاليات تخص حقوق المرأة يساعد بقية النساء غير الواعيات على فهم القوانين المدافعة عن حقوقهنّ.

وأضافت "يعد حراك المجتمع المدني في مجال التوعية أمر مهم للنساء لإقناعهن بضرورة الدفاع عن مصالحهن والتمسك بحقوقهنّ لأنه في تونس رغم وجود ترسانة من القوانين المحافظة على حقوق المرأة يبقى تمكينها سواء في الوسط ولا في الجنوب دون المأمول".

 

 

من جانب آخر ترى الشابة إيناس عمري من سيدي بوزيد، أن الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة هو في حقيقة الأمر مناصرة معلنة لقضايا المرأة التي تتنوع بين عنف واستغلال وتحرش وصعوبة الولوج لمناصب هامة، مشيرةً إلى الدور الفعال الذي يلعبه نشطاء المجتمع المدني في تحصيل حقوق المرأة والدفاع عنها.

وأضافت "إن انتشار الظواهر الاجتماعية من عنف وتحرش وقتل في المناطق الداخلية يعود إلى جهل 70 بالمائة من النساء بالقوانين المدافعة عن حقوقهن وعدم الاطلاع أو معرفة الإجراءات التي تقمن بها في حال تعرضهن إلى انتهاكات لحقوقهن من جهة وجهلهن لأسماء المؤسسات التي تحميها من جهة أخرى.

وقالت "نجحت الكثير من النساء المطلعات على القوانين في تحصيل نسبة كبيرة من حقوقهن، أما بقية النساء فقد بقينّ "حبيسات العقلية البالية" التي ترى أن ظاهرة تعنيف المرأة "أمرأ بسيطاً" يمكن تجاوزه حفاظاً على تماسك العائلة وخاصة من أجل الأطفال".

وترى إيناس عمري أن هذا التفكير السلبي يعد أكثر خطورة من حادثة العنف ذاتها ويجب محاربته وتوعية النساء بهدف تغيير هذه الفكرة العقائدية والعمل على إقناعهن بأنه لا يوجد مبرر للعنف، وتوعيتهن بأن السكوت على العنف يعد مس من إنسانيتهن وتعدي واضح على حقوقهن.