حارسات وحراس الأمن الخاص... نضال متواصل لانتزاع الحقوق الأساسية
بالرغم من الضغوطات المجتمعية التي كانت تواجه لبنى نجيب، إلا أنها استطاعت تأسيس جمعية للدفاع عن أكثر من مليون و200 ألف حارس وحارسة أمن خاص، والآلاف من العاملات في المؤسسات العمومية اللواتي تعملن في ظل ظروف صعبة.
حنان حارت
المغرب ـ اقتحمت لبنى نجيب، مجالاً ظل لوقت قريب حكراً على الرجال، فهي أول حارسة أمن خاص، وهي المغربية الوحيدة التي أسست جمعية للدفاع عن الحقوق الأساسية لحارسات وحراس الأمن الخاص والنساء العاملات في المهن البسيطة بالمؤسسات العمومية.
تعمل لبنى نجيب منذ 18 عاماً كحارسة أمن خاص، صادفتها عدة صعوبات في بدايتها، لاعتبارها أول امرأة تقتحم هذا المجال، وتقول "خضت حرباً ضد العقلية الذكورية التي كانت ترفض تواجد المرأة في مجال كان يقال عنه إنه حكراً على الرجال، تمت محاربتي بشتى الطرق"، لافتة إلى أن نجاحها ضايق عدداً من المنافسين الذين انخرطوا في حملة تشهير وسب وشتم عبر منصات التواصل الافتراضي بالإضافة إلى نشر صور خاصة لها.
وتابعت "لقد أثرت علي تلك الهجمة الشرسة، مما جعلني أوقف نشاطي لفترة، وذلك لتدهور صحتي النفسية"، مشيرة إلى أنها لجأت إلى إحدى الجمعيات الحقوقية النسائية، فتم تقديم الدعم النفسي لها، مما ساعدها على استرجاع توازنها.
تلك الضغوطات المجتمعية كانت حافزاً للبنى نجيب، إذ انخرطت في نقابة مهنية، وأسست عام 2018 جمعيتها للدفاع عن أكثر من مليون و200 ألف حارس أمن خاص من الجنسين، والآلاف من العاملات في المؤسسات العمومية اللواتي تعملن في ظل وضع صعب، تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، وأبسط الحقوق في نطاق العمل.
وبينت أنها بذلت جهود كبيرة من أجل إيصال معاناة هذه الفئة من العمال والعاملات إلى الجهات المعنية، كما فضحت الاستغلال الذي يطالهم خلال تأدية عملهم، موضحة أن "هذه الفئة العاملة، ليست لها أجور مناسبة ولا تستفيد من التغطية الصحية، وذلك لأنه لا يتم التصريح بساعات العمل الحقيقية في الضمان الاجتماعي وليس لها الحق في العطل".
وأضافت "بالنسبة للعاملات في الطبخ والنظافة في المؤسسات التعليمية والمستشفيات، يعانين من استغلال كبير وظروف عمل قاسية"، مشيرةً إلى أن أجورهن هزيلة (حوالي 70 و80 دولاراً)، رغم أنهن تعملن لساعات طويلة تصل إلى 14 ساعة يومياً وهو ما يتنافى مع ساعات العمل القانونية الممثلة في 8 ساعات في اليوم حسب المادة 184 من مدونة العمل المغربية "رواتبهن لا تصل إلى الحد الأدنى للأجور، كما أنهن لا تستفدن من أي زيادات في الأجور التي تقرها الحكومة".
وقالت إن هذه الفئة من العاملات تعمل في القطاع العمومي "نرى كما لو أن الجهات المعنية تعطي الضوء الأخضر لشركات المناولة لممارسة الاستغلال والانتهاكات بحق هذه الفئة من العاملات الكادحات اللواتي تعملن من أجل إعالة أسرهن".
وأضافت لبنى نجيب أن العاملات بالقطاع تتعرضن لاستغلال مهني وجنسي ويتم تكليفهن بمهام خارج اختصاصاتهن مثل التنظيف في منازل المدراء وإن رفض هذه المهام قد يؤدي إلى طردهن في ظل غياب حماية قانونية فعالة، مشيرة إلى أن هذا الاستغلال يحدث في مؤسسات عمومية التي يفترض التزامها بتطبيق القانون "للأسف أن شركات المناولة تلعب دور الوسيط وتغطي على كل الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة من العاملات".
وأبرزت أن أغلب العاملات هن أميات وغير واعيات بحقوقهن، مما يعمق من معاناتهن، لافتة إلى أن الوزارات الوصية مطالبة بإصدار مذكرات صارمة تلزم تلك الشركات باحترام دفاتر التحملات وتطبيق القوانين الاجتماعية بشكل فعلي "إن مسؤولية الحكومة تكمن في ضمان الحقوق الأساسية لهذه الفئة التي تواجه ظروفاً صعبة دون تدخل حقيقي لإنصافها".
وأكدت على أن هذه الفئة من العاملات لا تجد أي التفاتة من الجهات الوصية، لافتة إلى أن هناك عاملات مضى عليهن نحو خمسة شهور دون الحصول على رواتبهن "للأسف الجهات المسؤولة تمارس سياسة الآذان الصماء ولا توجد نية في إصلاح القطاع"، مطالبة الجهات المسؤولة بفتح حوار جاد مع النساء العاملات في هذا القطاع.
وعن وضع حارسات وحراس الأمن الخاص، ذكرت أنهم يعملون كذلك لأكثر من 12 ساعة يومياً دون الحصول على تعويض عن الساعات الإضافية وهو ما يشكل خرقاً واضحاً لقانون العمل، مشيرة إلى أن الوزارة المعنية ترفض فتح باب الحوار وتنتهج سياسة الباب المسدود "النقابة وجهت عدداً كبيراً من المراسلات بهذا الخصوص، وللأسف لم يتم التجاوب معها".
وأوردت أن فئة الحراس وحارسات الأمن الخاص تعيش وضعاً ضبابياً، لأنهم مستثنون من مدونة العمل، إذ أنه حين وضعت المدونة لم تكن هناك شركات للأمن الخاص، وحين ذكر الحراس في مواد المدونة لم يتم تحديد أي حراس يقصدون "لقد ظلت هذه الثغرة القانونية، تستغلها شركات المناولة التي تتعاقد مع مؤسسات من الباطن".
وبينت لبنى نجيب أن حضور النساء في مجال حراسة الأمن الخاص، خلال الآونة الأخيرة لم يعد محتكراً على الرجال فقط، بل أضحت المرأة قادرة على العمل في شتى المجالات وبات بإمكانها كذلك حماية الأفراد والمنشآت، مؤكدة على أن النقابة بصدد تقديم مقترح قانون خاص بهدف تأطير هذا القطاع، وانتزاع الحقوق الأساسية للعاملات وحارسات وحراس الأمن الخاص.