ثمانينية تؤكد أن مجزرة "سيفو" مستمرة بهجمات الدولة التركية
شهدت عائلة فهيمة يعقوب البالغة من العمر 85 عاماً المسيحية مجزرة سيفو في عام 1914، ورغم كبر سنها، إلا أنها لا تزال تتذكر القصص المؤلمة وتقول إن المجزرة مستمرة حتى يومنا الراهن.
عبير محمد
قامشلو ـ سيفو أو الإبادة الجماعية الآشورية/السريانية، تعني العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الدولة العثمانية، بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية، ضد الآشوريين والسريان والمدنيين المسيحيين الكلدان والسريان الأرثوذكس والكنيسة الشرقية والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية.
خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها حدثت مجازر ضد الشعوب والطوائف في المناطق الشرقية من الدولة العثمانية ومناطق بلاد فارس (إمبراطورية قاجار)، وأدت هذه العمليات التي نفذتها القوات العثمانية إلى مقتل مئات الآلاف من الآشوريين/السريان/الكلدان، وتهجير ونفي آخرين من مواطنهم الأصلية في جنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران.
وتعددت أساليب ارتكاب المجازر، وفي مقدمتها الترحيل القسري، الإجبار على اعتناق الإسلام، الاغتصاب والإبادة الجماعية، وقد سُميت هذه المجازر التي وقعت في الفترة ما بين عامي 1914 ـ 1920 بعدة أسماء ولعل أهمها اسم "سيفو" وهي كلمة سريانية غربية تعني السيف.
"مئات الآلاف من أنصاف القصص"
فهيمة يعقوب تبلغ من العمر 85 عاماً، بعد المجزرة استقرت عائلتها في ريف مدينة آمد بشمال كردستان، وانتقلوا إلى سوريا عام 1944 ويعيشون هناك منذ ذلك الحين.
ورغم كبر سنها وأمراضها الكثيرة، إلا أنها لم تنسى ودائماً تقص القصص التي حدثت في تلك الفترة، وقالت إن "الدولة العثمانية كانت تمارس الظلم والعنف بالسيوف وكان عمل الأغوات والبكوات التابعين لها هو السرقة والقتل والنهب. كان لدى عائلة والدتي قرى كثيرة، كلها تابعة للغرزيين، وعندما بدأت المجزرة، أمر الأتراك البكوات والأغوات بقتل كل واحد من هؤلاء المسيحيين وأخذ زوجاتهم وبيوتهم وكل ممتلكاتهم، وفي كل قرية قُتل الرجال بطرق مختلفة، وأخذوا النساء والأطفال. أما النساء اللواتي لم تكن ترفضن ذلك رموهن من على المنحدرات".
"اقتلعوا الجدائل المزينة بالذهب من الجذور"
وذكرت فهيمة يعقوب أن خالتها التي كانت من شهود المجزرة كانت تتحدث عنها دائماً، لذلك هي تعرف أحداث المجزرة "عندما حدثت المجزرة، كانت والدتي تبلغ من العمر 7 سنوات، وعايشت خالتي جمالة بنيامين أيضاً المجزرة، وكانت تعاني دائماً. كانت تروي لي القصص والحوادث إلى أن فارقت الحياة، كل القصص بتفاصيلها ظلت في ذاكرتي، ففي المجزرة أراد الآغا هناك أن يأخذ خالتي بالقوة، لكنها لم تقبل ذلك، وعندما تمردت عليهم، قام خادمان باقتلاع جدائها المجدولة بالخيوط الذهبية من جذورها فأصيبت بالعمى في إحدى عينيها".
"المجازر مستمرة حتى اليوم"
وأشارت فهيمة يعقوب إلى أن الدولة التركية مستمرة في المجازر ضد الشعوب حتى يومنا هذا، مضيفةً "كانت جولا ميركي أرض آبائنا وأجدادنا، ونتيجة المجازر والعمليات سلبت كلها من أهلها الأصليين. لقد شنت الدولة العثمانية العديد من المجازر على المسيحيين وخاصة الأرمن، فضحى الأرمن بأنفسهم للانتقام، لقد قاوموا ولم يتمكن الأتراك من تدمير جذورهم".
"العيش معاً بالحب والعدالة"
ولفتت فهيمة يعقوب إلى أن الوضع دائماً مليء بالتناقضات والحروب والصراعات، مطالبة بوقف الحروب والمجازر "إن الظلم والاضطهاد الذي مارسته ولا تزال تمارسه الدولة العثمانية هو ظلم وعنف لم يسبق له مثيل في التاريخ. لماذا يقتل الناس بعضهم البعض؟، لماذا هناك دائماً حروب وصراعات؟ علينا جميعاً أن نعيش مع بعضنا البعض بالتساوي والعدالة بأدياننا وطوائفنا وأفكارنا ومعتقداتنا. لا نريد أن تتكرر المجازر مرة أخرى".