نسويات: بالقانون ومواجهة التحديات ستضمن السوريات دورهن في أماكن صنع القرار
أكدت النسويات خلال الجلسة الحوارية التي عقدت عبر الزووم، على أهمية ضمان دور المرأة بالمرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة عبر سن القوانين، معتبرات أن المرحلة الانتقالية لسوريا هي مرحلة مصيرية للسوريات في تحديد موقعهن من مستقبل سوريا.

مركز الأخبار ـ بالرغم من سعي النساء للحصول على حقوقهن بكافة المجالات، إلا أن تلك الحقوق تؤخذ منهن، مما يتطلب تضافراً لجهود النساء وتعزيز التضامن فيما بينهن رغم اختلاف الثقافات، لإشراك حقيقي لهن، ولعب دوراً ريادياً في الفضاء العام.
عقدت المبادرة السورية للحيز المدني scsi، أمس الثلاثاء 18 شباط/فبراير، جلسة حوارية تحت عنوان "دور المرأة في المرحلة الانتقالية"، ضمن سلسلة جلسات لقراءة التغيرات الحاصلة في المشهد السوري من خلال معرفة أدوار الفواعل المدنية من النساء والشباب والإعلام.
وشاركت في الجلسة الأولى الناشطة الحقوقية والسياسية والنسوية عبير حصاف، ومديرة الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري كندة حواصلي، ومديرة ملتقى نيسان الثقافي سلمى الصياد، وأدارت الجلسة الشريكة المؤسسة في المبادرة السورية للحيز المدني ربى محيسن.
ولفتت مديرة الوحدة المجتمعية في مركز الحوار السوري كندا حواصلي في مداخلتها إلى أهمية نضال النساء لنيل حقوقهن، موضحةً أن المساحات والحريات التي تسعى النساء الحصول عليها لا تمنح بل تؤخذ، وعليهن إدراك ذلك، لذا عليهن أن تبدين استعدادهن لمواجهة التحديات التي سوف تواجههن خلال سعيهن للمشاركة في المرحلة الانتقالية.
وأضافت "لن نبدأ من الصفر بل شكلنا أرضية خلال الأعوام الـ 14 الماضية بالأزمة التي عاشتها سوريا"، مشيرةً إلى التنوع الثقافي الذي تتميز به سوريا "يجب الاعتراف بالتنوع الديني والثقافي، وعدم تهميش أي مكون مهما كان، لأن إقصاء أي فئة كانت هو تهيئة الأرضية لإقصاء فئات أخرى، ويجب تقبل اختلاف الآراء بهذا التنوع لأننا لا نريد أن نبني سوريا بلون وشكل واحد، فما يميزنا هو الاختلاف والأهم أن نبحث عن نقاط التقاطع بيننا كنساء وتعزيزها".
وأكدت على أنه "علينا كنساء سوريات أن لا نقبل أي إساءة أو انتهاك بحق أي امرأة سورية كانت مهما زادت نقاط الاختلاف بيننا، علينا دعم بعضنا وأن نحافظ على خصوصيتنا كنساء ونعزز من مفهوم النقد بين بعضنا ونبتعد عن الإساءة وأن نعي أنه لا يوجد أحد معصوم عن الخطأ ولكن هذا يمكن إصلاحه بالنقد وليس بالتشهير، وهذا يعزز من تضامن النساء فيما بينهن".
ولفتت إلى أهمية تأهيل الشابات للعب دورهن بشكل فعلي "على من تسعى أن تكون مؤثرة في مواقع صنع القرار أن تستفاد من المساحة التي تمنح لها بفاعلية ونشاط وتأثير، وعلى جميع النساء المؤهلات جامعياً وتعليمياً لعب دورهن في النهوض بمجتمعهن"، مشددةً على ضرورة دعم النساء اللواتي حرمن من تعليم خلال الأزمة التي عاشتها سوريا، والرفع من كفاءتهن وإخراطهن في مجال المجتمع المدني "نريد إشراك حقيقي للمرأة وليس إشراك شكلي فقط، وتحسين من واقعها وتلبية احتياجاتها".
فيما أشارت مديرة ملتقى نيسان الثقافي سلمى الصياد إلى أهمية انخراط المرأة في المجال السياسي "الحوار المجتمعي يمكن أن يعطي أراء ومقترحات وتوصيات ولكن لا يملك قوة القرار، فدور المرأة في الحوار المجتمعي غير كافٍ، بينما الحوار السياسي يملك قوة أخذ القرارات وتنفيذ التوصيات، وهنا تكمن أهمية مشاركة المرأة في الحوار السياسي لتكون في أماكن اتخاذ القرارات".
وعن أسباب غياب المرأة في المجال السياسي قالت "تواجه النساء الكثير من التحديات في المجال السياسي وتجنباً لتلك التحديات، تختار معظمهن النشاط في المجال المدني لنسبة التحديات المنخفضة فيها، وخلال الأعوام الـ 14 الماضية اضطرت النساء للنزول لسوق العمل من أجل إعالة أسرهن في الظروف الصعبة، مما اكسبها عدة مهارات".
وأكدت المؤسسة في المبادرة السورية للحيز المدني ربى محيسن خلال إدارتها للجلسة أن بعض النساء يبتعدن عن مجال السياسة بسبب الهجمات التي تتعرضن لها من المجتمع وعلى وجه الخصوص التعليقات المسيئة التي تشهر بهن وبخصوصياتهن "يجب ألا يبقى دور المرأة محصوراً بمكتب أو هيئة خاصة بالمرأة، بل يجب أن تلعب دوراً ريادياً في الفضاء العام، وهذا بحاجة لتضافر جهود النساء وتعزيز التضامن فيما بينهن رغم اختلاف الثقافات".
وأضافت "سابقاً كانت تفقد المرأة المساحات الآمنة، أما الآن يمكن ضمان ذلك بالقوانين وعلى وجه الخصوص فيما يخص مشاركتها في البرلمان والأحزاب السياسية بتحديد نسبة كوتا نسائية لضمان دورها وكسر النظرة النمطية اتجاه النساء والاعتياد على تواجدها في مختلف المجالات".
وتابعت "يجب في هذه المرحلة إعلاء صوتها لنيل المناصفة بكل شيء من الدستور والأجسام السياسية، لأن معطيات أرض الواقع حالياً يتبين في تحضيرات المؤتمر الوطني والذي لا ينصف النساء حيث توجد امرأتين مقابل 5 رجال"، مشيرةً إلى أهمية تواجد المرأة في المرحلة الانتقالية، وأهمية وجود القوانين التي تضمن حقوقها وضرورة توعية الرجل في القضايا التي تمس النساء كزواج القاصرات وغيرها.
وبدورها تطرقت الناشطة الحقوقية والسياسية والنسوية عبير حصاف إلى التحديات التي تواجه النساء بغطاء ووصم اجتماعي وديني، مؤكدةً أن المرأة استطاعت خلال 14 عاماً من الأزمة السورية أن تكون وجهاً لوجه مع السياسة لتطالب بحقوقها.
وأوضحت أن دور المرأة مهم في مجال السياسي، منوهةً إلى تجربة النساء في ثورة فرنسا اللاتي لم تحصلن على حقوقهن بعد الثورة بسبب عدم تواجدهن في المجال السياسي وفرض المجتمع الذكوري لنفسه، وللاستفادة من هذه التجربة التاريخية أولت الأهمية للمشاركة السياسية.
وأفادت أن مشاركة المرأة في هذه المرحلة تساهم في بناء ورسم مفاهيم جديدة "المرأة لم تبقى نصف المجتمع فحسب ففي ظروف التي عاشتها خلال الأزمة من الحرب والنزوح تجاوزت هذا النصف، لذا يحق لها أن تشارك في العملية السياسية فضلاً عن أنها مواطنة لها الحق في المشاركة برأيها وبالقرارات وأن تكون جزءً من المرحلة الانتقالية، وتساهم في ترسيخ الديمقراطية، وننظر إلى جيل نسوي فاعل في بناء سوريا تعددية ديمقراطية لا مركزية".
وشددت عبير حصاف على أنه "يجب أن تنطلق المرأة من قيم مشتركة فيما بينها لمساعدة النساء الأخريات المستسلمات لأرض الواقع، والأخذ بيدهن ليشاركوا في بناء وضمان مستقبلهن، ويأتي ذلك بالتعارف على بعضهن، كما ستكون هناك تحديات وصعوبات، لذا يجب بناء شبكة نسائية وتشكيل جبهة لتوحيد صوتهن في المطالبة بحقوقهن".
ونوهت إلى التجربة الرائدة في إقليم شمال وشرق وسوريا "لتستفيد النساء من هذه التجربة يجب دعم بعضهن البعض للوصول إلى أماكن صنع القرار، وتعميم التجارب الناجحة، وقصص النجاح، وخلق مساحات تبادل للخبرات، لبناء جبهة وحراك نسوي قادر على لعب دوره في بناء سوريا الديمقراطية".
وأضافت أن "النسويات لسن ضد الرجال بل تطالبن بالإشراك معه، ولا نود إقصاءه، ولن نقبل أن يقصينا أيضاً، والتغير بجاجة للوقت لإحراز ذلك بالقوانين، لأن قضية المرأة ليست منافسة مع رجل"، مشيرةً إلى الكوتا النسائية في مؤسسات سوريا الجديدة يمكن ضمانها عبر القانون، لأن بدون القانون سيجعل الرجل تواجد المرأة كمرآة لعقله الذكوري، لذا يجب على المرأة أن تطور نفسها لتكون مؤهلة في أخذ دورها لأن الحقوق تؤخذ ولا تمنح، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت لربما تظهر أخطاء وعثرات ولكن تعتبر بداية جديدة للمرأة بعد حكم ذكوري طال 5 آلاف سنة.