للتستر على جرائمها... طالبان تتبع سياسة القمع ضد وسائل الإعلام
استهدفت حركة طالبان وسائل الإعلام الأفغانية بالقمع والقيود الشديدة، وفي أحدث واقعة، تعرض راديو "بيكم" لهجوم وتم اعتقال العديد من موظفيها.

بهاران لهيب
كابول ـ خلال السنوات الثلاث من حكم طالبان، بالإضافة إلى قمع النساء ونشطاء حقوق الإنسان والأطفال ونشطاء وسائل التواصل الافتراضي والمتظاهرات اللاتي واجهن السجن والتعذيب والقتل والاغتيال والقمع، لم يكن الصحفيون المحليون بمنأى عن هذه التهديدات، ويواجه الرجال والنساء العاملين في وسائل الإعلام معاملة غير إنسانية وقيوداً شديدة كل يوم.
بحسب تقرير نشرته منظمة حماية الصحفيين الأفغانية في منتصف عام 2024 حول وضع العاملين في مجال الإعلام، تم تسجيل 181 حالة عنف، وتشمل هذه الانتهاكات إغلاق المنافذ الإعلامية تحت تهديدات طالبان، وضرب العاملين في مجال الإعلام، والسجن، وغير ذلك من التدابير القمعية.
وأظهر تقرير آخر نشره مركز الصحفيين الأفغان في عام 2023 أن طالبان أصدرت 17 توجيهاً لوسائل الإعلام، منها منع المرأة من العمل في الإذاعة والتلفزيون الوطنيين "أحد وسائل الإعلام المملوكة للدولة" وظهورها في الدراما التلفزيونية وبث الأفلام والمسلسلات، ومنع التغطية الإعلامية للاحتجاجات والتظاهرات المدنية، بالإضافة لفرض قيود على الوصول إلى المعلومات ونشر الأخبار وإنتاج المحتوى، وإلزام الصحفيين ووسائل الإعلام بتقديم طالبان باعتبارها الحكومة الرسمية لأفغانستان، إلى جانب حظر تشغيل الموسيقى في وسائل الإعلام.
كما أصدرت توجيهاً بالفصل بين النساء والرجال في وسائل الإعلام ومنع مقابلة النساء للرجال والعكس، وفرض قيود على المقابلات مع معارضي طالبان ومنتقديها وقيود على نشر الإعلانات التجارية ذات المحتوى السياسي والأمني والاجتماعي، وحظر بث البرامج التلفزيونية الدولية في أفغانستان، إلى جانب حظر انتقاد وسائل الإعلام لأداء مسؤولي طالبان.
بالإضافة لحظر التصوير والمقابلات المصورة، مع حظر بث أصوات النساء في وسائل الإعلام وحظر التعاون مع وسائل الإعلام المحظورة وأصوات النساء في وسائل الإعلام المحلية في ولاية هلمند ومنع الفتيات من الاتصال بالراديو والتلفزيون في ولاية خوست، بالإضافة لإصدار أمر لوسائل الإعلام بالامتناع عن استخدام المصطلحات الأجنبية، وحظر التصوير الفوتوغرافي والفيديو في الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية للمسؤولين المحليين في قندهار.
وبالإضافة إلى ذلك، وبموجب قانون نفذته "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التابعة لطالبان وأقره زعيمها، تم حظر تصوير الكائنات الحية، وفي بعض المحافظات تم إيقاف بث البرامج التلفزيونية تماماً.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، هاجمت طالبان شركات إعلامية في مختلف المحافظات، واعتقلت عدداً من العاملين في مجال الإعلام، وأغلقت بعض محطات الإذاعة، خاصة المحلية، وفي آخر حادثة، تعرض راديو "بيكم" لاستهداف من قبل طالبان التي هاجمت مقر المؤسسة الإعلامية في كابول واعتقلت ثلاثة موظفين من الإدارة.
بدأ راديو "بيكم" ومحطتها التلفزيونية العمل بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، تم الاستثمار في هذه الوسيلة الإعلامية من قبل مريم أميني، امرأة أفغانية تحمل الجنسية الفرنسية، وبحسب بعض المصادر فإن هذه الوسيلة الإعلامية بدأت عملها بالتشاور مع حركة طالبان.
قبل أيام قليلة، قامت قوات استخبارات طالبان بمداهمة مكتب راديو "بيكم"، ولم يكن مسؤولو أقسام الإعلام المختلفة متواجدين في المكتب ذلك اليوم، لكن الموظفين الآخرين كانوا في عملهم كالمعتاد، ومنهم شكرية شافا، إحدى الموظفات في المؤسسة الإعلامية قالت "كانت الساعة العاشرة صباحاً عندما حاصرت مركبات عسكرية تابعة لطالبان مكتبنا، دخل حوالي ستة مسلحين إلى المكتب، في البداية بدأوا بتهديدنا وشتمنا، ثم حبسونا جميعاً في غرفة واحدة، وقاموا بفحص جميع المستندات ومعدات العمل وأجهزة الحاسوب وهواتفنا".
وأوضحت أن "المرأة التي كانت تقوم بعملية التفتيش تم إجبارها من قبل طالبان، حيث أجرت عمليات تفتيش جسدية لجميع الموظفات، وأمرها المسلحين بأنه إذا وجد أي أجسام مشبوهة فإنه ستعتبر مذنبة إذا لم تبلغ عنها".
وأضافت "بعد ساعات قليلة، كان اثنان من مسلحي طالبان يقفان بجانبنا، ثم دخل عدة أشخاص آخرين الغرفة وقرأوا أسماء الأشخاص الموجودة في قائمتهم، لقد كان اسمي أيضاً ضمن قائمتهم، أخذوني إلى غرفة أخرى، وقاموا باستجواب كل واحد منا، وشتمونا، وسألونا عن عائلاتنا وأين نعيش، لقد أعادوا لي هاتفي أخيراً، ومع حلول الليل، سُمح لنا بالعودة إلى منزلنا، لكنهم أخذوا معهم ثلاثة من زملائنا، لم أذهب إلى المكتب منذ ذلك اليوم لأنه لم يُسمح لنا بالدخول وليس لدي أي فكرة عما حدث لزملائي".
وفي ختام حديثها، قالت شكرية شافا "هناك خلافات بين طالبان أنفسهم بشأن تقاسم السلطة، وأنا على ثقة بأن هذه الخلافات، مع صمود الشعب ومقاومته، وخاصة النساء، سوف تؤدي يوماً ما إلى انهيار هذه الحركة، في ذلك اليوم سوف تكتسب النساء القوة وسوف نحاسب هؤلاء المجرمين".