"كوني الكون يا حواء" معرض يلفت الأنظار إلى معاناة المرأة في حرب غزة

أقيم معرض "كوني الكون يا حواء" كصرخة فنية ومجتمعية؛ يحاكي معاناة الفلسطينيات تحت وطأة العنف والقهر الاجتماعي والنفسي في ظل حرب طال أمدها سلبتهن أبسط حقوقهن.

نغم كراجة

غزة ـ في إطار حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، أقامت جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية معرضاً فنياً بعنوان "كوني الكون يا حواء"، سلط الضوء على معاناة الفلسطينيات المتفاقمة على المستويات النفسية والاجتماعية في ظل الدمار والنزوح الذي يعصف بالقطاع منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

نظمت جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية معرضاً فنياً أمس الثلاثاء الثالث من كانون الأول/ديسمبر، بالتعاون مع مؤسسة كير وبتمويل من المؤسسة النرويجية، وزينت جدران المعرض بلافتات كُتبت عليها شعارات تحمل أملاً بالغد، وألماً بالواقع، منها "لا للعنف ضد المرأة"، "لا تغتال طفولتي بزواجي"، "يدً بيد نحمي النساء والفتيات من العنف"، هذه العبارات للتذكّر بحجم الألم الذي تعيشه الفلسطينيات في ظل غياب الحماية والرعاية الكافية. 

حيث أوضحت علا أبو ورد، منسقة أنشطة التثقيف في الجمعية، أن هذا المعرض هو تتويج لسلسلة من الفعاليات التي انطلقت في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي تضمنت جلسات دعم نفسي مكثفة ولقاءات ترفيهية نُظمت داخل مراكز الإيواء المنتشرة في شمال القطاع، حيث تعاني النساء ظروف قاسية وسط انعدام شبه تام للمقومات الأساسية، مضيفةً أنه عُقدت ورش توعوية ناقشت قضايا اجتماعية أبرزها ارتفاع معدلات الزواج المبكر والعنف الأسري، وهي قضايا تفاقمت نتيجة الحرب التي باتت تضاعف المعاناة اليومية للنساء والفتيات. 

وأكدت أن "فريق الإغاثة الطبية عملت على توزيع طرود إغاثية وصحية تلبيةً لاحتياجات النساء، كما نظم ندوات تثقيفية تطرقت إلى أهمية الصحة النفسية وسط النزوح القسري والانتهاكات الجسيمة التي تواجهها المرأة، وما تمر به النساء اليوم ليس كأي حرب شهدناها من قبل؛ هذه المرة، هن تواجهن عنفاً مضاعفاً، عنفاً مباشراً من غارات وقصف، وآخر غير مباشر ناجم عن الفقر والتشريد والضغط النفسي والاجتماعي المتزايد".

وبينت علا أبو ورد أن الحملة جاءت لتؤكد الرفض لكافة أشكال العنف، سواء المباشر الناتج عن الحرب المستمر، أو غير المباشر الذي تعكسه الضغوط الاجتماعية والنفسية، في وقت لا تزال المرأة الفلسطينية تقف بمفردها في مواجهة كم هائل من الأزمات.

تخلل المعرض لوحات فنية من أبداع الفنانة التشكيلية هبة أبو طاقية التي وظفت الفن لتوثيق معاناة الفلسطينيات، حيث أن إحدى لوحاتها صورت امرأة تحمل وطنها المثقل بالدمار على ظهرها في إشارة إلى دور النساء البارز في الحفاظ على شتات العائلة والوطن رغم النزوح والدمار، بينما عكست لوحة أخرى العنف الأسري، وذلك من خلال رسم امرأة تصارع ألمها بصمت كي تبقى بجانب أبنائها.

وفي ختام حديثها كشفت علا أبو ورد عن أرقام صادمة، حيث أشارت إلى أن أكثر من 70% من ضحايا النساء هن من النساء والفتيات، بالإضافة إلى إصابة ما يزيد عن 10,000 امرأة من أصل 70,000 إصابة عامة في القطاع "هذه أرقام كارثية تعكس حجم الاستهداف المنهجي للفلسطينيات، سواء في حياتهن اليومية أو في أماكن نزوحهن، كيف يمكن للعالم أن يقف صامتاً أمام هذه المأساة؟".

 

 

وحول دور لوحاتها في شرح معاناة الفلسطينيات قالت هبة أبو طاقية "الفن بات وسيلتي للتعبير عن الألم والصمود، أردت من خلال لوحاتي أن أقول للعالم إن النساء هنا لسن مجرد أرقام في إحصائيات القصف والدمار، كل امرأة فلسطينية تحمل قصة ألم معها قصة صمود تتجاوز كل الحدود".

 

 

من جانبها، تحدثت نور أبو طاقية، الأخصائية النفسية المشاركة في الحملة عن الأثر النفسي المدمر الذي تعانيه النساء والفتيات جراء الحرب "هذه الحرب كشفت عن وجه مظلم جديد للعنف، النساء لا تواجهن فقط قسوة الحرب والنزوح بل تتحملن أيضاً تبعات الفقر والجوع وانهيار المنظومة الاجتماعية بالكامل، والهدف من الحملة تعزيز وعي النساء بحقوقهن، سواء الاجتماعية أو النفسية أو السياسية، والعمل على انتشالهن من هذا الواقع المؤلم".

وأضافت أن الحملة، التي تمتد على مدار 16 يوماً، ستركز على أهمية حماية النساء من كل أشكال العنف، مشيرةً إلى أنهن تدفعن ثمناً باهظاً لتراكم الأزمات "لا يمكن أن تستمر هذه الحرب دون أن يكون للنساء نصيب مضاعف من الألم، لقد استمعت إلى قصص نساء تحملن أهوالاً لا يمكن تصورها، امرأة فقدت أطفالها تحت الأنقاض، وأخرى تعيش نزوحاً مستمراً، وأخرى تصارع ألماً نفسياً بسبب العنف الأسري، نحن هنا لنقول بصوت واحد كفى".

واختتمت نور أبو طاقية قولها "نطالب بإنهاء فوري لحرب الإبادة هذه، وتأمين أماكن لائقة وآمنة للنساء، وتوفير الاحتياجات الأساسية التي باتت حلماً بعيد المنال، المرأة الفلسطينية ليست ضحية فقط؛ هي صانعة الحياة، رغم كل الألم الذي تعيشه".

اختزل المعرض رسالة أعمق من مجرد رفض العنف، إنها دعوة لإنقاذ الفلسطينيات من مأساة مضاعفة يزيدها العنف الأسري والاجتماعي خطورة، وأكد القائمين على معرض "كوني الكون يا حواء" أن الفن والصوت الإنساني قادران على كشف الحقيقة وإيصال رسالة أمل "رغم الظلام، ستظل المرأة الفلسطينية شمساً تنير درب الصمود والنضال".