"أصوات من أجل السلام" منتدى يرسم خريطة طريق نحو العدالة في سوريا

بمشاركة منظمات مدنية وحقوقية وشخصيات اجتماعية، يناقش المنتدى السنوي الثاني "أصوات من أجل السلام", العدالة الانتقالية، الانتقال السياسي، إعادة الاعمار ويخرج بتوصيات تعكس رؤى المجتمع لمستقبل أكثر عدالة وشمولية.

قامشلو ـ أكدت منظمات المجتمع المدني والحقوقي المشاركة في منتدى "أصوات من أجل السلام" بمدينة قامشلو في إقليم شمال وشرق سوريا، على أهمية بناء مسارات شاملة للعدالة الانتقالية، واعتماد نهج سياسي تشاركي يضمن تمثيل جميع المكونات، ويعزز دور المجتمع المدني في إعادة الإعمار وصياغة مستقبل سوريا.

بمناسبة اليوم الدولي للسلام، نظمت منظمات مدنية وحقوقية المنتدى السنوي الثاني تحت شعار "أصوات من أجل السلام"، حيث اجتمع الناشطين في حوار مفتوح حول مستقبل إقليم شمال وشرق سوريا، وناقش المنتدى قضايا العدالة الانتقالية، الانتقال السياسي، وإعادة الإعمار، بهدف تعزيز دور المجتمع المدني في بناء السلام المستدام، وتمكين المجتمعات المحلية من التعبير عن رؤاها، وتحديد أولوياتها، وصياغة توصيات عملية، مع ضمان تمثيل أصوات الضحايا والناجين.

اتسمت الجلسات بالنقاشات المفتوحة والمداخلات الفعالة من الحضور، وتركزت أعمال المنتدى حول ثلاثة محاور رئيسية، عكست التحديات والفرص التي تواجه مسارات السلام في المنطقة، كما سعت إلى بلورة رؤى محلية تعكس أولويات المجتمعات المتأثرة بالصراع.

 

الجلسة الاولى: العدالة الانتقالية

انطلقت فعاليات المنتدى بكلمة ترحيبية، أعقبها جلسة تعارف مفتوحة بين المشاركين لتعزيز التواصل، ثم بدأت الجلسة الأولى التي تناولت واقع العدالة الانتقالية، مسلطة الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بتطبيقها على المستويين المحلي والدولي، من جوانب سياسية وأمنية واجتماعية، كما ناقش الحضور أولويات آليات العدالة، بما في ذلك المساءلة، جبر الضرر، كشف الحقيقة، والإصلاح المؤسسي، مع التركيز على كيفية مواءمة هذه الآليات مع خصوصية السياق المحلي في المنطقة.

وكان لدور مؤسسات المجتمع المدني حيزاً مهماً في النقاش، حيث تم التأكيد على ضرورة مشاركة هذه المؤسسات في تعزيز العدالة الانتقالية وبناء الثقة، وضمان حضور أصوات الضحايا والناجين والمجتمعات المتأثرة في هذا المسار، وتم تشكيل مجموعات عمل ناقشت هذه المحاور، وخرجت بمجموعة من الأفكار التي تم عرضها ومناقشتها ضمن جلسة عامة.


         


        

الجلسة الثانية: الانتقال السياسي

تناولت الجلسة الثانية موضوع الانتقال السياسي وركزت على كيفية ضمان مشاركة حقيقية وفعالة لمكونات إقليم شمال وشرق سوريا في أي عملية سياسية قادمة، وعلى أهمية استقلالية المجتمع المدني في هذا الإطار، كما تم طرح أسئلة جوهرية حول الحقوق الأساسية للمكونات القومية والدينية، وضرورة صون هذه الحقوق ضمن أي اتفاق سياسي محتمل.

وناقش المشاركين كذلك أشكال الحكم المناسبة، ومدى ملاءمة اللامركزية كإطار لإدارة شؤون المنطقة، وإمكانية تضمين هذا الخيار في صياغة دستور دائم يضمن توزيع عادل للسلطة والموارد ويحافظ على وحدة البلاد، وقد عملت مجموعات عمل متخصصة على دراسة هذه المحاور وقدمت توصيات تم استعراضها بشكل جماعي مع فتح باب النقاشات الإضافية حولها.


         


        

الجلسة الثالثة: إعادة الإعمار والاحتياجات العاجلة

في الجلسة الثالثة، انتقل النقاش إلى ملف إعادة الإعمار، حيث ناقش المشاركين الأولويات الأكثر إلحاحاً لإعادة بناء ما دمرته سنوات الصراع، وأهمية إشراك المجتمعات المحلية في وضع الخطط وتنفيذها، بما يضمن تلبية احتياجات الناس ويعزز من ثقتهم بالمسارات السياسية والاجتماعية القادمة.

كما تم التأكيد على مبدأ "عدم الحاق الضرر"، وضرورة تفادي أن تتحول عمليات إعادة الاعمار إلى وسيلة لتكريس التغيير الديمغرافي أو تهميش أي مكون من مكونات المنطقة، وقدمت مجموعات العمل رؤى واقتراحات عملية حول آليات إعادة الإعمار التي تراعي العدالة الاجتماعية وتضمن الشفافية والمشاركة الشعبية.


         


        

مشاركة فعالة ونقاشات بناءة

وشهدت الجلسات الثلاث نقاشات موسعة، أتاحت للمشاركين التعبير عن وجهات نظرهم وتبادل الخبرات وتقديم مقترحات عملية وقابلة للتطبيق، وتم فتح باب النقاش بعد كل جلسة، حيث أتاحت إدارة المنتدى نالين أسعد المجال أمام الحضور للتعليق وطرح الأسئلة وتقديم الاضافات، ما أضفى على الفعالية طابعاً تشاركياً حيوياً ساهم في تعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية تجاه مستقبل المنطقة.

واختتمت أعمال المنتدى بتقديم ملخص عن نتائج الجلسات الثلاث، وتلخيص أبرز التوصيات الصادرة عن مجموعات العمل، مع التأكيد على استمرار التنسيق والتواصل بين المنظمات والمجتمعات المحلية لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات والبناء عليها في منتديات قادمة.

في ختام المنتدى، طرحت توصيات تهدف إلى دعم عملية سياسية عادلة وإعادة إعمار سوريا، مستندة إلى تجارب المجتمعات المحلية. شملت التوصيات دعوة لمنع خطاب الكراهية ومحاسبة مروجيه، وضمان تمثيل عادل لجميع المكونات في السياسات العامة، واعتماد اللامركزية الإدارية بما يراعي التنوع الثقافي والاجتماعي.

كما أكدت على أهمية دور المجتمع المدني في صياغة وثيقة مبادئ تحدد حقوق المشاركة السياسية، وتضمن تمثيل الفئات المهمشة مثل النساء والشباب وذوي الإعاقة، مع رفع هذه الوثيقة للجهات الرسمية والدولية لاعتمادها في أي تسوية مستقبلية.

وفيما يخص إعادة الإعمار والعودة الآمنة، ركزت التوصيات على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في تحديد الأولويات، واعتماد معايير شفافة في توزيع الموارد، ومراقبة تنفيذ المشاريع لمنع الفساد والتمييز، كما أكدت على إلغاء القوانين التي سلبت حقوق الملكية، وتوفير برامج تدريب للشباب والنساء وذوي الإعاقة، وتشكيل تحالفات مدنية سورية تتجاوز الحواجز الطائفية، وتطوير أدوات رقمية لرصد التقدم وضمان عدم الاقصاء، إضافة إلى تعويض المتضررين عن الأضرار المادية والتعليمية والاجتماعية.

أما في مجال العدالة الانتقالية، فقد شددت على أهمية ضمان عودة طوعية وكريمة للنازحين عبر توفير بيئة آمنة وخدمات أساسية، تطوير برامج شاملة لجبر الضرر وإعادة الممتلكات لأصحابها، الكشف عن مصير المفقودين وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لهم، إشراك الضحايا والناجين في تصميم وتنفيذ مسارات العدالة وتوثيق شهاداتهم، تشكيل لجان مجتمعية تمثيلية والاستفادة من التجارب الدولية، معالجة الأسباب الجذرية للنزوح لضمان عدم تكراره.