'استهداف الصحفيات الفلسطينيات جريمة ممنهجة ضد الحقيقة وحرية التعبير'

تعاني الصحفيات الفلسطينيات من استهداف ممنهج يهدد حياتهن وحرية التعبير في انتهاك صارخ للقوانين الدولية.

نغم كراجة

غزة ـ أطلقت لجنة المرأة في نقابة الصحفيين الفلسطينيين حملة تحت شعار "صحفيات في زمن الحرب" ضمن فعاليات 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الممنهجة التي تواجهها الصحفيات الفلسطينيات جراء ممارسات القوات الإسرائيلية، ورفع أصواتهن في وجه محاولات طمس الحقيقة وتكميم الإعلام.

في ظل تصاعد الانتهاكات الممنهجة ضد الصحافة، تتعرض الصحفيات الفلسطينيات لاستهداف مباشر يهدد حياتهن وحريتهن، تتجاوز هذه الاعتداءات حدود القوانين الدولية حيث تمتد إلى القتل، والتهجير القسري، وتدمير المؤسسات الإعلامية، ورغم المخاطر الجسيمة تواصلن نقل الحقيقة بجرأة تعكس صموداً استثنائياً في وجه الظلم.

توضح ثريا أبو زهري، منسقة حملة دعم الصحفيات الفلسطينيات تحت شعار "صحفيات في زمن الحرب"، أن الحملة جاءت كصرخة مدوية لرفع أصواتهن وإبراز معاناتهن المستمرة، وانطلقت اليوم الخميس الخامس من كانون الأول/ديسمبر وتستمر حتى العاشر منه، تهدف إلى فضح الجرائم المنظمة التي تستهدف الصحفيات الفلسطينيات، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة. 

 

 

جرائم الاحتلال بحق الصحفيات: انتهاكات صارخة للقانون الدولي

وبينت ثريا أبو زهري "رغم التزام الصحفيات الفلسطينيات بشارات الصحافة المميزة التي تكفلها القوانين الدولية لحمايتهن، تصر القوات الإسرائيلية على استهدافهن بشكل مباشر وممنهج، وفي حصيلة مروعة قُتلت 25 صحفية فلسطينية وأصيبت 22 أخريات خلال العام الجاري فقط، هذه الأرقام المؤلمة تسلط الضوء على استهداف متعمد ومقصود لحرية الصحافة، ما يجعل هذه الممارسات ترتقي إلى جرائم حرب وفقاً للمعايير الدولية".

استهداف الإعلاميات رغم ارتدائهن الدروع الواقية يعكس استهتار القوات الإسرائيلية بالمعايير الدولية التي تضمن حماية الصحفيين في مناطق النزاع، هذا القصف المباشر يشكل انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق التي تحمي المدنيين والعاملين في مجال الإعلام أثناء الحروب، وفي هذا السياق شددت ثريا أبو زهري على ضرورة إحالة "إسرائيل" إلى العدالة الدولية، مؤكدة أن الجرائم المرتكبة ضد الصحفيات ليست مجرد اعتداء على أفراد، بل هي محاولة لطمس الحقيقة وكسر صوت الحرية.

 

النزوح القسري والتدمير الممنهج معاناة إنسانية بلا حدود

لم تقتصر ممارسات القوات الإسرائيلية على القتل والإصابات بل امتدت إلى تهجير 90% من الصحفيات الفلسطينيات قسراً من منازلهن، هذا النزوح الجماعي يمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة التي تضمن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، الحرب الإسرائيلية الجارية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ لم تستثنِ أحداً حيث أصبحت منازل الإعلاميات هدفاً رئيسياً للقصف والتدمير في محاولة لترهيبهن وإسكات أصواتهن الشجاعة. 

إلى جانب النزوح، شهدت البنية التحتية الإعلامية الفلسطينية تدميراً غير مسبوق فقد استهدفت القوات الإسرائيلية 73 مؤسسة إعلامية بشكل كامل أو جزئي بما في ذلك 12 إذاعة، و6 صحف، و15 وكالة أنباء، وأوضحت ثريا أبو زهري أن "هذه الهجمات تهدف إلى شل الإعلام الفلسطيني وتقويض دوره الحيوي في نقل الوقائع للعالم، يُعد هذا الاستهداف الممنهج مخالفة جسيمة للقوانين الإنسانية الدولية التي تحظر تدمير الأعيان المدنية".

 

حرية الصحافة في خطر: التهديد المباشر للصحفيات الفلسطينيات

الاستهداف الإسرائيلي لمنازل 300 صحفية فلسطينية، سواء بالتدمير الكلي أو الجزئي، يشكل تصعيداً خطيراً في السياسة الرامية إلى التضييق على الإعلاميات، "هذا العدوان المستمر لا ينتهك حقوق الصحفيات وحسب بل يهدد حرية الإعلام برمتها حيث يسعى الاحتلال إلى تقويض قدرة الصحفيات على نقل الحقيقة إلى العالم". 

وأضافت "رغم هذه الانتهاكات، تلعب الصحفيات الفلسطينيات دوراً محورياً في توثيق الجرائم وفضح انتهاكات حقوق الإنسان، يُدرك الاحتلال خطورة هذا الدور لذلك يتعمد تغييب الرواية الفلسطينية عبر استهداف الإعلاميات بالقتل أو تدمير معداتهن، هذه السياسة الممنهجة تمثل اعتداءً سافراً على حرية التعبير، وتستلزم موقفاً دولياً صارماً لوقف العدوان". 

 

دور الصحفيات الفلسطينيات: شجاعة في مواجهة الخطر

تؤدي الصحفيات الفلسطينيات دوراً استثنائياً في زمن الحرب، حيث يجازفن بحياتهن لنقل الحقيقة وكشف الجرائم الإسرائيلية، ووفقاً لما أفادت به عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين صفاء الحسنات، فإن الإعلاميات الفلسطينيات يمثلن شهوداً على المآسي الإنسانية اليومية، وتواجهن تهديدات القصف، والمضايقات، والاعتقال، وحتى القتل، ومع ذلك، مستمرات في أداء رسالتهن الإعلامية بشجاعة منقطعة النظير. 

وبينت أن "إحدى أكبر التحديات التي تواجه الصحفيات الفلسطينيات هي التمييز بين العمل الصحفي المهني وبين محاولات الاستقطاب الإعلامي، إذ يُطلب منهن التمسك بالموضوعية رغم الضغوط الهائلة التي تُمارس عليهن من أطراف النزاع المختلفة، ومع ذلك ينجحن في تسليط الضوء على قضايا إنسانية محورية مثل العنف ضد النساء، مقتل المدنيين والانتهاكات الممنهجة بحقهم".

 

 

المجتمع الدولي ودوره في حماية الصحفيات الفلسطينيات

في ظل هذه الجرائم المتواصلة، تؤكد حملة دعم الصحفيات الفلسطينيات على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإدانة هذه الانتهاكات الممنهجة، والتأكيد على أن استهداف الإعلاميات الفلسطينيات محاولة لطمس الرواية الفلسطينية وإسكات الأصوات التي توثق الحقيقة. 

وأكدت صفاء الحسنات أن الحملة "تطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف العدوان الإسرائيلي، ودعم الصحفيات الفلسطينيات من خلال توفير حماية قانونية ودولية لهن"، كما دعت إلى إعادة بناء المؤسسات الإعلامية الفلسطينية التي دُمرت نتيجة العدوان، وضمان عودة الإعلاميات إلى منازلهن بأمان.   

 

"جرائم الاحتلال ضد الإعلام محاولة طمس الحقيقة"

تشكل المحاولات الإسرائيلية لتغييب الرواية الفلسطينية عبر قتل الصحفيات وتدمير أدواتهن المهنية جريمة مزدوجة ضد حرية التعبير وحق الشعوب في المعرفة، هذه الانتهاكات تهدف إلى تقويض قدرة الإعلام على نقل حقيقة ما يجري على الأرض، وهو ما يستلزم موقفاً حاسماً من قبل الهيئات الدولية المعنية بحرية الصحافة؛ وفقاً لما قالته صفاء الحسنات.

وشددت على أن "قتل 25 صحفية وإصابة 22 أخريات خلال عام واحد هو مؤشر واضح على وجود سياسة ممنهجة تستهدف الإعلاميات الفلسطينيات، هذه الجرائم تستوجب تحقيقاً دولياً شفافاً لضمان محاسبة المسؤولين عنها ومنع تكرارها مستقبلاً".

وترى أنه رغم كل التحديات، تبقى الصحفيات الفلسطينيات رمزاً للصمود والإصرار على نقل الحقيقة للعالم، "لقد أظهرن أنهن أكثر من مجرد ناقلات للأخبار؛ إنهن شاهدات على معاناة شعبهن وأصوات تناضل ضد محاولات طمس الهوية الفلسطينية". 

إن الحملة التي أُطلقت لرفع صوت الإعلاميات الفلسطينيات تمثل خطوة مهمة في طريق تحقيق العدالة لهن، ودعمهن في مواجهة آلة القمع الإسرائيلية، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يجب أن ينهض لدعم حرية الصحافة وضمان سلامة الصحفيين، خاصة في مناطق النزاع.