رجاء خيرات

مراكش ـ أجمعت المشاركات في المعرض النسوي على أن تصوير الحياة البرية هو فن والتزام بقضايا البيئة وتربية الأجيال على احترامها‫، إضافة إلى إبراز التنوع البيولوجي‫، وليبقى هاجسهن المشترك نشر الوعي والتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة والمجال الطبيعي‫.

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نظمت الجمعية المغربية لمصورات الحياة البرية بشراكة مع المجلس الجماعي لمراكش، أمس الأحد العاشر من آذار‫/مارس، معرضاً نسوياً جماعياً تحت شعار ‫"أسرار البراري بعدسات نسائية‫" جمع ثلة من مصورات الحياة البرية اللواتي عرضن صور التقطنها عبر تجولهن في العديد من المنتزهات والمحميات الطبيعية داخل المغرب وخارجه.

وقالت رئيسة الجمعية المغربية لمصورات الحياة البرية حليمة بو صديق، إن هذا المعرض الذي يجمع خمس نساء شغوفات بتصوير الحياة البرية هو توظيف لفن الصورة من أجل نشر قيم الجمال ومحاربة الأمية البصرية والتعريف بالأوساط الطبيعية بالمغرب وكذلك الأنواع الحيوانية والنباتية التي تستوطنها‫.  

وأوضحت أنها رفقة ثلة من مصورات الحياة البرية ارتأين أن تحيين اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار من خلال عرض صور التقطتها عدساتهن عبر تجارب ومسارات مختلفة في مجال التصوير، حيث لكل واحدة منهن عينها التي تقتفي مكامن الجمال الطبيعي، ليبقى هاجسهن المشترك هو نشر الوعي والتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة والمجال الطبيعي‫.

وعن الصعوبات التي تواجه مصورة الحياة البرية، أكدت أن هذه الأخيرة مطالبة بأن تتحلى بالصبر والتأني وهي تقتفي أثر الحيوان الذي ترغب في تصويره، وقد تقضي ساعات طويلة وأحياناً أياماً من أجل التقاط تلك اللحظة‫، مشيرةً إلى أن "مصورة الحياة البرية وهي تجوب المنتجعات تحتاج أحياناً لأن تتخفى، حيث أنها تصبح مطالبة بأن تصبح قطعة من المجال دون أن تؤثر فيه أو يشعر بها الكائن الذي ترغب في التقاط صور له، مما يستوجب نوعاً من التمويه الذي ليس متاحاً دائماً".

وأشارت حليمة بو صديق إلى أن هذه الصعوبات تجدها المصورة غالباً مع الطيور لأنها حساسة جداً، ومن دون تمويه يصبح الاقتراب منها والتقاط صور لها صعب المنال‫، مضيفةً أن مصورة الحياة البرية تكتشف عالماً بيولوجياً متنوعاً من الكائنات بتنوع تضاريسه ومناخه‫.

وعن الجمعية المغربية لمصورات الحياة البرية، قالت سبق لها أن نظمت مجموعة من المعارض في عدد من المدن المغربية، كما أطرت ورشات عديدة لفائدة الطلاب بالمؤسسات التعليمية، من أجل التعريف بالتراث البيولوجي المتنوع الذي يميز المغرب، وكذا التحسيس بأهمية الحفاظ عليه وعلى الموارد الطبيعية التي تزخر بها البلاد، بعيداً عن مظاهر التدخل العشوائي والتلوث الذي يؤدي إلى نفوق أنواع كثيرة من الكائنات البرية‫.

 

 

من جهتها أشارت أستاذة اللغة الفرنسية بمدينة فاس والمصورة وفاء المهدي إلى أنها عاشقة للتصوير الضوئي منذ صغرها، حيث نشأت في عنف أب يحترف التصوير الأكاديمي‫، مضيفةً أن بدايتها في التصوير الفوتوغرافي كانت مع تصوير المناظر الطبيعية، قبل أن تلتحق بالجمعية المغربية لمصورات الحياة البرية لتبدأ رحلة جديدة في تصوير الحياة البرية، حيث وقعت في حب الطيور والكائنات التي تصورها‫.

ومن خلال هذه التجربة الجديدة أكدت أنها اكتشفت أن "هناك اختلاف كبير ما بين تصوير الطبيعة الجامدة أو الصامتة ‫(الورود والأزهار‫) وتصوير الحياة البرية، حيث يصبح التعامل مع الكائن الحي الذي نتقاسم معه  مجموعة من الأمور سواء مكث في مكانه أو هرب من أمامنا فهو يشاركنا أحاسيس وسلوكيات جميلة، مما يولد لدينا الرغبة في اكتشاف المزيد من المعلومات عن هذا الكائن‫، ونتطلع لرؤيته في وضعيات أخرى مختلفة".

ولفتت إلى أن تصوير الحياة البرية لها بداية لكن لا نهاية لها، إذ بمجرد ما تقع في فخها حتى تجد نفسك متورطاً فيها "شاركت في المعرض بنماذج من الطيور المهاجرة بالمغرب، ثم نموذجين من الثدييات والتي تعيش في شمال أفريقيا خاصةً في المغرب، ثم بعض الحشرات كالفراشات"‫.

وعن الصعوبات التي تواجه مصورة الحياة البرية أكدت أن آلات التصوير المستعملة وبعض الاكسسوارات الثقيلة وهو ما يتطلب لياقة بدنية عالية لحملها لمسافات طويلة، ثم ارتياد بعض المحميات والمنتجعات ليس بالأمر السهل، لأن المصورة تحتاج لرفقة لقضاء أيام هناك، لافتةً إلى أنه مع مرور الوقت تصبح المصورة مسكونة بهاجس حماية هذه الكائنات التي تصورها‫.  

 

 

بدورها عبرت إحدى المصورات العارضات سعيدة بونا عن سعادتها بالمشاركة في هذا المعرض النسوي إلى جانب أربع مصورات أخريات، من أجل إبراز التنوع البيولوجي سواء بالمغرب أو خارجه‫، مشيرةً إلى أن التجربة التي تخوضها اليوم هي فريدة من نوعها لأنه لم يسبق لنساء مغربيات أن احترفن تصوير الحياة البرية ونظمن معرضا نسوياً جماعياً تعرضن من خلاله الصور التي التقطنها‫.

وعن تجربتها قالت ‫"حكايتي مع التصوير بدأت منذ عام 2004 بآلة تصوير صغيرة لم تكن تفارقني، ومنذ ذلك الوقت بدأ شغفي بالتقاط الصور يفرض نفسه، وبحكم عملي في مجال التدريس كنت مكلفة بتنشيط النادي البيئي للمؤسسة التي أدرس بها، وهو ما مكنني من التعرف عن قرب على التنوع البيولوجي والطرق المعتمدة في التحسيس بضرورة الحفاظ على البيئة في أوساط الطلاب‫.  

 

وتشارك المصورة وعضوة الجمعية ليلى بن شقرون بمجموعة متنوعة من الصور التي التقطتها بمناطق مختلفة، سواء داخل المغرب أو خارجه وتحديداً بجنوب أفريقيا وكينيا‫ "ولجت عالم تصوير الحياة البرية من باب الفن التشكيلي لكونها فنانة تشكيلية وعاشقة للطبيعة والألوان‫".

وعن بداياتها في هذه التجربة أوضحت، أن ذلك جاء عندما رافقت مجموعة من الأصدقاء خلال رحلة إلى كينيا، حيث شغفت بتصوير الحياة البرية هناك، نظراً لما يزخر به هذا البلد من تنوع بيولوجي غني بالحيوانات والكائنات البرية، لتعود بعد ذلك مرة أخرى إلى هناك من أجل تصوير هذه الكائنات التي تعشقها‫.  

وبينت أنه من بين الرسائل التي تحملها هذه التجربة هو التعريف بغنى الثروات الطبيعية التي تزخر بها المغرب، والتعرف على بعض الكائنات التي لا توجد بالمغرب، ثم التحسيس في أوساط الناشئة بضرورة الحفاظ عليها نظراً لأهميتها في الحفاظ على التوازن الطبيعي‫، معبرةً عن سعادتها بكون المرأة ولجت هذا المجال الذي كان حتى وقت قريب حكراً على الرجال، ولم تكن هناك نساء تحترفن تصوير الحياة البرية‫.  

 

 

بدورها أكدت أستاذة علوم الحياة والأرض والمصورة أنيسة الخطابي أن مشاركتها في المعرض تأتي احتفاءً بمصورات الحياة البرية خلال يومهن العالمي، لافتة إلى أنها تشارك بمجموعة من الصور التي التقطتها بالمنطقة الرطبة بمرتيل ‫(شمال المغرب‫) لطيور مهاجرة، وأخرى مقيمة مثل البومة وهي نوع مهدد اليوم، في حين أن باقي الطيور مثل النحام الوردي (الفلامينغو) وغيره من الأصناف التي لا تقل أهمية، نظراً لكونها تجوب عدداً من الدول التي يفترض فيها أن تحترم هذه الطيور‫.

ولفتت إلى أن هذه الطيور المهاجرة تدخل في الشبكات الغذائية، وبالتالي فهي تلعب دوراً أساسياً في المنظومات البيئية‫.

وعن أهمية المعرض بينت أنه يهدف إلى التعريف بالغنى الطبيعي الذي يزخر به المغرب، وتحسيس المواطنين/ت بأهمية الحفاظ على الأوساط الطبيعية لكي يستمر هذا التنوع البيولوجي الذي يلعب دوراً مهماً في المنظومات البيئية، فضلاً عن أهميته في التربية على جمال وروعة الطبيعة "لا يمكن أن يكون لنا هذا الغنى الطبيعي وهذا الجمال دون أن ندرك أهميته من خلال بعض السلوكيات المدمرة للأوساط الطبيعية‫".

 

 

وعبرت إحدى زائرات المعرض ثريا إقبال عن إعجابها بالمعرض الذي يعتبر ثمرة جهود لخمس نساء شغفن بتصوير الحياة البرية، حيث يعرضن صوراً تعبر عن جمال الطبيعة وروعتها، وهو ما يعكس الجمال والرقي الكامنين في نفوسهن‫.  

ولفتت إلى أنهن تقتنصن لحظات جميلة من الزمن تخلدنها بإحساس عال، من خلال القبض عليها بعدسة كاميراتهن واقتسامها مع زوار المعرض، لافتةً إلى أن الصور تعبر عما يختزنه من مكنون خاص ونظرة نسائية تعتني بالتفاصيل ‫(زاوية الضوء، اختيار الكائنات‫) التي تصور هشاشة الكائن الحي وجماليته، وهو ما يذكرنا بجمال النظرة إلى الوجود ووصف المصورة لمكون أساسي من مكونات الطبيعة، حيث تصبح جزءاً من هذا الفضاء الرحب والأرض الواسعة الجميلة التي تعج بأسرار الكون وعظمة الخالق‫.