السويداء... الاحتجاجات مستمرة والنساء تطالبن بحريتهن وحقوقهن المسلوبة

يستمر الحراك الشعبي في مدينة السويداء السورية ومع دخوله الأسبوع الثالث ازدادت مشاركة النساء اللواتي أكدن على أنهن لن تستسلمن لتهديدات حكومة دمشق، لأنهن تطالبن بحقوقهن وحرياتهن المسلوبة منهن.

بيريتان ساريا

مركز الأخبار - يستمر الحراك الشعبي السلمي في مدينة السويداء السورية، التي يتكون غالبية سكانها من الدروز، وتوسعت رقعته مع دخوله الأسبوع الثالث.

منذ الأيام الأولى للاحتجاجات التي انطلقت في 20 آب/أغسطس، قام أهالي السويداء بإغلاق فرع حزب البعث وبرلمانه ومكاتبه الحكومية الموجودة في المدينة، وبينما تعمل حكومة دمشق على سحب قواتها الأمنية من بعض النقاط العسكرية المتواجدة في المدينة، فإنها من جانب آخر تقوم بفرز جنودها في النقاط الواقعة بين المطار والقرى.

ورغم أن حكومة دمشق امتنعت حتى الآن عن التدخل في الاحتجاجات، إلا أن نساء السويداء تعتقدن بأنه قد يكون هناك مخططات سرية، لأن قواتها تحاول ترهيب الأهالي السويداء.

وأكدت الناشطات المشاركات في الحراك الشعبي في السويداء على أنهن تتخذن من ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا التي تقودها المرأة الكردية والإدارة الذاتية الديمقراطية مثالاً لأنفسهم.

 

"نطالب بحقوقنا وحريتنا التي سلبت منا"

أوضحت الناشطة وعضوة المكتب الداخلي لشؤون المرأة في حزب اللواء السوري رقية الشاعر أن المرأة لعبت الدور الأهم في الحراك الشعبي في السويداء "إن مشاركة النساء تزداد تدريجياً، بأقلامهن وفكرهن، وكتبن لافتات هذه المظاهرات بأيديهن، إن المشاركة الكبيرة للمرأة هنا تظهر مدى تطورها وإدراكها لدورها السياسي، تم سحق دور المرأة في المجتمع خلال فترة حكم حزب البعث واقتصر على الأعمال المنزلية فقط، إننا كنساء السويداء، نطالب الآن بكافة الحقوق والحريات التي سلبت منا خلال حكم حزب البعث، كنساء سنناضل حتى يتم الاعتراف رسمياً بحقوقنا في المجتمع والسياسة، إن مشاركة نساء السويداء في هذه المظاهرات وموقفهن يدل على أن المرأة السورية قررت أن تلعب دورها على أكمل وجه".

 

"المرأة الكردية أصبحت نموذجا لجميع النساء"

ذكرت رقية الشاعر أن نساء السويداء تأثرن بثورة المرأة في شمال وشرق سوريا التي قادتها المرأة الكردية، "قدمت المرأة الكردية نموذجاً لجميع النساء، وأظهرت كم تتحلى بالقوة للنضال ونيل حقوقها من خلال حمل السلاح، وحققت العديد من الإنجازات على أرض الواقع، وحاربت ضد الذكورية والعبودية، وبالرغم من كل الظروف التي تحيط بها، تمكنت من لعب دورهن الذي أصبح مثالاً يحتذى به، نحيي جميع النساء الكرديات وقواتها، إننا نحيي جميع النساء اللواتي تملكن تلك القوة لإدارة البلدان".

 

"لن تخضع حفيدات زنوبيا للعبودية"

وأضافت "رسالتنا لكافة النساء السوريات حفيدات زنوبيا، اللواتي تظهرن لكل نساء العالم حقيقة التاريخ والحضارة والقوة، هي أن المرأة بإمكانها أن تقوم بإدارة البلاد والمجتمع وبإمكانها بناء حضارة أيضاً، إن مكانكِ ليس فقط داخل المنزل وبالقرب من عائلتك، بل المشاركة في اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بإدارة البلاد، عندما نتحرر سنقوم بدورنا ومهامنا، ومن الآن فصاعداً لن نخضع للعبودية أبداً".

 

نداء للتضامن مع السويداء

وعبرت عن قلقها من سحب حكومة دمشق جنودها من العديد من النقاط العسكرية والأمنية في السويداء في الآونة الأخيرة "لا يزال هذا الانسحاب وأسبابه سرية، هذه خطوة خطرة، إننا نعرف السياسة التي تتبعها الحكومة"، موجهةً نداءً لجميع أهالي سوريا للتضامن مع نساء وأهالي السويداء.

 

"لن تتمكن التهديدات من ثنينا عن الاستمرار في النضال"

من جانبها قالت إحدى الناشطات لم تستطع الكشف عن اسمها، أن الاحتجاجات تستمر بالتوسع يوماً بعد يوم "إن حكومة دمشق لا تحاول التدخل في الاحتجاجات، لكنها مستمرة في محاولة ترهيب المحتجين/ات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتروج لهجوم مرتقب من قبل مرتزقة داعش، ولكن بالرغم من ذلك نسبة مشاركة النساء والشباب في هذا الحراك الشعبي كبيرة جداً".

وأضافت "نحن نعرف السياسات التي تتبعها حكومة دمشق جيداً، بإمكانها أن تفعل كما حدث في تموز عام 2018 وقد ينظمون هجوماً لداعش ويحاولون كسر إرادتنا، لكننا مصممون وسنواصل فعالياتنا، لأن حريتنا وحياتنا كلها سلبت منا، نريد الحرية والديمقراطية لأنفسنا ولكل الشعب السوري وللنساء أجمع".

 

"كفى ظلماً وقمعاً"

بدورها قالت الناشطة خمسة هانم أن الشعب السوري تعرض طوال الـ 12 عاماً الماضية لضغوطات وآلام وفقر وإذلال وقتل وتشريد "سوريا التي أصبحت من أفقر دول العالم حيث لا يتجاوز دخل الموظف 14 دولاراً، تعتبر من بين أغنى دول العالم من الناحية الاقتصادية والموارد طبيعية، إن البلاد تدار مع قبل نظام قمعي ودكتاتوري، هل هناك دولة في العالم بأسره يحصل مواطنيها على راتب بقيمة ١٤ دولارا؟ هذا غير عادل وظلم".

وأشارت إلى أن المرأة السورية أجبرت على العيش في ظل أصعب الظروف الإنسانية والاجتماعية وتحملت أعباء حرب وحشية بدفعها بدائل ثمينة من أجل حماية أطفالها وأسرتها، واليوم هناك الآلاف من النساء في سوريا اللواتي فقدن أزواجهن أو عائلاتهم أو فقدن أنفسهن، "تعيش نسائنا في ظل أصعب الظروف والانتهاكات داخل المخيمات في البلدان التي تلجأن إليها، تعيش المرأة في سوريا اليوم تحت خط الفقر، محرومة من الحقوق أو قانون يعمل على حماية حقوقها، وبعد كل هذه السنوات المليئة بالألم، لم يعد الشعب السوري قادر على تحمل هذه الظروف".

 

"الاحتجاجات تتقدم بمطالب مشروعة"

ولفتت إلى أن أهالي السويداء قد بدأوا مظاهراتهم ضد الظلم والاستغلال "تزداد الأوضاع سوءاً يوماً بعد يوم، بسبب الفقر وسياسة التهجير وتوزيع المخدرات والعصابات والخطف والسرقة، هذه الأسباب جعلت من الأوضاع أكثر صعوبة في السويداء، إن أهالي السويداء قالوا "كفى" وبدأوا بالحراك ضد الظلم والاستغلال، ومازالت هذه المظاهرات التي تشارك فيها كافة الطوائف والأديان مستمرة دون انقطاع أو توقف منذ أكثر من أسبوعين، إنهم مطالبهم مشروعة، ومنها إسقاط النظام وتشريع القانون رقم ٢٢٥٤ الذي يضمن حياة السوريين".

وأضافت "حمل المتظاهرون/ات لافتات تطالب بدولة لا تميز بين العلمانيين والمدنيين والإثنيات والطوائف، وبتطبيق القرار الأممي رقم ٢٢٥٤ وإطلاق سراح المعتقلين، ورُفع علم الطائفة الدرزية، لم يرفعوا هذا العلم لكونهم طائفيين، بل لأن ألوانه الخمسة ترمز لإحدى الثقافات وقد حمل هذا العلم إلى جانب العلم الثوري، وهو ما يدل على أن الحراك الشعبي في السويداء بدأ ولن يكون هناك تراجع".

 

"لقد قاومت نساء السويداء الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي"

وأشارت خمسة هانم إلى أن الاحتجاجات تشهد مشاركة كل من النساء والرجال وكبار السن والأطفال على الرغم من كافة الصعوبات "نساء السويداء لهن تاريخ من المقاومة، فقد شاركت حفيدات زنوبيا في الحرب التي جرت ضد الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي أيضاً"، مضيفةً "منذ بداية الاحتجاجات وحتى الآن لم تشهد المدينة أي من حالات نهب وسرقة واختطاف، لأن حراكنا هذا يهدف إلى الديمقراطية والحرية، أن احتياجاتنا الحالية تبرز بلون المرأة، إن النساء تشاركن في المظاهرات بشكل يليق بتاريخهن".

 

"أخواتنا الكرديات هن رمز الشجاعة والقوة"

وأوضحت في ختام حديثها أنهم يطالبون بإدارة ذاتية مستقلة لمدينة السويداء أسوة بمناطق شمال وشرق سوريا الخاصة التي تدار من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية، "إننا نجد تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، ناجحة وهو مثال يحتذى به، إن نساء السويداء تنظرن إلى أخواتهن الكرديات كمثال للشجاعة والقوة ومعرفة الذات، نبعث تحياتنا لإخواننا الكرد والنساء في شمال وشرق سوريا، لنناضل معاً للقضاء ضد الفساد في بلادنا، ولإنقاذ سوريا من كل أشكال الظلم، لنتمكن من العيش في سوريا بحرية".