المحكمة الدستورية العليا تدين الإخفاقات الإجرائية في مقتل شابة خلال احتجاجات كوباني
أصدرت المحكمة الدستورية التركية قراراً يؤكد وقوع انتهاك لحق الشابة كادر أورتكايا، بعد ست سنوات على مقتلها خلال محاولتها العبور إلى كوباني في إطار الاحتجاجات على هجوم داعش على مدينة كوباني.

مركز الأخبار ـ أثارت قضية مقتل الشابة كادر أورتكايا خلال احتجاجات كوباني عام 2014 جدلاً واسعاً حول مصداقية التحقيقات وممارسات السلطات الأمنية في تركيا، خصوصاً بعد الكشف عن ثغرات في مسار التقصي وتقديم عائلتها دعوى أمام المحكمة الدستورية، ما فتح الباب لإعادة النظر في تفاصيل القضية.
في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2014، وخلال مشاركتها في الاحتجاجات المناهضة لهجمات داعش على مدينة كوباني، حاولت الطالبة الجامعية البالغة من العمر 28 عاماً كادر أورتكايا العبور من منطقة برسوس التابعة لأورفا إلى داخل الأراضي السورية، وأثناء محاولتها اجتياز الحدود أُصيبت بإطلاق نار من قبل الجيش التركي ما أدى إلى وفاتها.
وفي وقت لاحق صدر قرار بعدم متابعة الإجراءات القضائية بشأن مقتلها، وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2020، أدلى شقيقها الأكبر جلال أورتكايا، بإفادة أمام المحكمة الدستورية في تركيا مؤكداً أن تم انتهاك حق شقيقته في العيش.
وأفادت وكالة ميزوبوتاميا للأنباء (MA) أن كادر أورتكايا قُتلت على يد القوات العسكرية التابعة للجيش التركي خلال مشاركتها في مظاهرة على الحدود تضامناً مع كوباني ضد هجمات داعش، مشيرةً إلى وجود ثغرات في مسار التحقيق حول مقتلها، من أبرزها فشل السلطات في جمع الأدلة اللازمة، واتخاذ التدابير بشكل متأخر، إلى جانب أن سبب الوفاة لم يُفهم إلا بعد سنوات من وقوع الحادث.
كما تم التلميح إلى محاولات تهدف إلى التستر على مجريات التحقيق، ما يُثير تساؤلات حول مدى الالتزام بحماية الحق في الحياة وضمان الشفافية في المساءلة القانونية، وعززت هذه التطورات المخاوف من وجود انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات.
وقَبِلت المحكمة الدستورية العليا (AYM) النظر في الدعوى المقدمة بخصوص مقتل كادر أورتكايا، وأكملت تقييم ملف القضية، لتصدر قراراً يؤكد وجود انتهاك لحقوق الإنسان، مشددةً على أن أقوال الأشخاص الذين شهدوا الحادثة قد تم تسجيلها، في حين أن إفادات عناصر القوات العسكرية لم تُؤخذ إلا بعد أكثر من عام من وقوع الحادث.
الانتهاكات التي تم ممارستها ضد كادر أورتكايا
واعتبرت المحكمة هذا الوضع مؤشراً على عدم جدية التحقيق قائلةً "هذا الوضع يعكس تأثيراً سلبياً على مصداقية التحقيق، فمن الواضح أن في واقعة وفاة لم يتم تحديد ظروفها وشروطها بوضوح منذ البداية، ولم يُقم المسؤولون بتوثيق المشاهدات في الوقت المناسب، لذلك فإن إفادات الشهود تُعد مهمة للغاية ويجب أن تُؤخذ في وقتها".
ويُعد هذا القرار خطوة مهمة في تسليط الضوء على أوجه القصور في آليات التحقيق، ويعزز أهمية المساءلة لضمان حماية الحق في الحياة وفقًا للمعايير القانونية.
وكشفت المحكمة الدستورية التركية (AYM) في قرارها أن هناك تناقضاً واضحاً بين إفادات الشهود حول استخدام الغاز المسيل للدموع خلال الحادثة، مؤكدةً أن السلطات العامة لم تُجرِ تحقيقاً جديداً أو تستدعِ الشهود مجدداً لتوضيح هذا التناقض، ما اعتبره القضاة مؤشراً خطيراً على وجود إهمال في عملية التحقيق.
وأضاف القرار أن الأقوال والتصريحات التي تم أخذها بعد فترة طويلة من وقوع الحادثة تُعزز الشكوك بشأن تقاعس السلطات في جمع الأدلة في الوقت المناسب، ما يُثير تساؤلات مشروعة حول نزاهة الإجراءات ومدى الالتزام بضمان الحق في الحياة.
ومن خلال هذه الإشارات، تؤكد المحكمة على ضرورة أن تكون التحقيقات الجنائية فعالة وجادة منذ اللحظة الأولى، وألا يُترك المجال لثغرات قد تُقوض العدالة.
ورأت المحكمة الدستورية (AYM) أن التشريح الذي أُجري بعد مقتل كادر أورتكايا لم يكن كافياً منذ البداية، إذ تبيّن أن فتح القبر وإعادة فحص الجثة تم بعد مرور أربع سنوات على الحادث، وكان التقرير النهائي الذي أُعد عام 2020 يشير إلى سبب مختلف للوفاة عن ذلك الذي ورد في تقرير التشريح الأولي (لم يكن بسبب شظايا أو رصاصة).
"وجود ثغرات خطيرة في التحقيق الجنائي"
واعتبرت المحكمة أن هذه التطورات تدلّ على وجود ثغرات خطيرة في التحقيق الجنائي، مشيرة في قرارها إلى أن التأخير في إصدار هذا التقرير لو كان قد تم في الوقت المناسب، لكان من شأنه التأثير على سير التحقيق وتوجيهه نحو فهم أكثر دقة لظروف الحادث.
وجاء في نص القرار أنه لو تم اتخاذه في حينه، لكان قد أثر على مجريات التحقيق وأدى إلى مقاربة مختلفة في التعامل مع الأدلة والظروف المحيطة بالحادث. وقضت المحكمة بانتهاك الجانب الإجرائي للحق في الحياة، وقررت منح مقدم الطلب تعويضات معنوية.