رياضية جزائرية: غياب الثقافة يعيق تطور الرياضة النسائية

في ظل تزايد الوعي بأهمية الرياضة كمنهج حياة، تسلط نوال بن دربال، الرياضية الجزائرية في رياضة الأوزان الحرة والكاراتيه، الضوء على تحديات النساء في المجال الرياضي داخل الجزائر، حيث لا تزال الممارسة النسوية حبيسة مفاهيم الرشاقة وشكل الجسد.

رابعة خريص

الجزائر ـ كان الإصرار والعزيمة، وحدهما الدافعان نحو النجاح الذي حققته في الرياضة التي تمارسها حالياً، إذ حصلت على حوالي 22 شهادة في رياضة الأوزان الحرة وتمارين إعادة التأهيل وأخرى حول الاستطالة أول الإطالة (تمارين تهدف إلى تمديد العضلات وتحسين مرونتها) وجميع هذه الاختصاصات غير متواجدة في الجزائر وما هو موجود مقتصر فقط على الرياضة الأكسجينية أو الهوائية أو رياضة كمال الأجسام.

نوال بن دربال، رياضية جزائرية في الأوزان الحرة ولاعبة في رياضة الكاراتيه، وتُعد رياضة الأوزان الحرة فريدة من نوعها لمساهمتها في علاج الحالات المرضية المزمنة لدى النساء كمرض السكري وضغط الدم المرتفع وأمراض المفاصل وتكييس المبايض الذي يصيب النساء كثيراً وتستعمل عادة تمارين إعادة التأهيل بعد الولادة.

 

بداية الفكرة

تقول نوال بن دربال "في سن صغيرة كان لدى حب وميول اتجاه رياضة كرة السلة ومارستها لمدة ستة سنوات في النادي الرياضي، لكن فكرة ممارسة رياضة الأوزان الحرة والسفر إلى الخارج من أجل التدريب الرياضي راودتني عام 2017 عندما كُنت أتدرب في قاعة رياضية مع فتيات ونساء، واكتشفت حينها عدم إيلاء اهتمام إضافي بالأمراض الأكثر شيوعاً بين النساء وعجز المدربات على التعامل مع هذه الحالات، ومع مرور الوقت قررت السفر إلى الخارج من أجل التدرب على رياضة الأوزان الحرة رغبة في إيجاد حلول غير تقليدية ومبتكرة لمثل هذه الحالات التي تصادفنا كثيراً أثناء التدريب، وعندما عدت أدراجي افتتحت قاعة رياضية خاصة بالنساء وكُنت أنشطُ كثيراً على مواقع التواصل الافتراضي".

ومن أبرز التحديات التي واجهتها في بداية مشوارها الرياضي، أوضحت أن رفضت عائلتها للفكرة لكن وبمرور الوقت وبعد مسيرة حافلة بالعطاء والتميز كسبت دعم عائلتها وتشجيعها لها وأصبحت أقوى، وأكملت ما بدأت به بممارسة رياضات أخرى مثل الكاراتيه، مضيفةً "لدي حالياً الحزام البني بالنظر إلى انتقالي إلى مستوى متقدم في فنون الدفاع عن النفس".

وعن واقع الممارسة الرياضية النسوية واتجاهات المرأة الجزائرية، تقول إنه "بعد الممارسة الميدانية واحتكاكي اليومي بالنساء لفت انتباهي غياب ثقافة الرياضة وجعلها منهجاً وأسلوب حياة عند الأغلبية، ومن تُقبلن على ممارستها يعود إلى خوفهن من الإصابة بالأمراض المزمنة أو من أجل الحفاظ على رشاقة الجسم أو بناءً على توجيهات يعطيها الطبيب بعد جلسات العلاج".

ولفتت إلى أن "أكثرية الفئات إقبالاً على ممارسة الرياضة هن اللواتي تتراوح أعمارهن بين 35 ـ 54 عاماً، فخلال هذه الفترة تُفكر المرأة في طرق مواجهة ترهل الجلد الناتج عن تقدم العمر"، موضحةً "واجهت صعوبات وضغوطات كثيرة في البداية، لأن هذا المجال كان خارج اهتمام المرأة، كما أنني كُنت الأولى والوحيدة في هذا الميدان على مستوى المدينة التي أقطن فيها".

 

تغيير ثقافة المرأة

وترى أنه "يجب طرح هذا الموضوع للنقاش من أجل تغيير ثقافة المرأة التي تنحصر فقط في الحصول على جسد رشيق"، قائلة "نادراً جداً ما يفتح هذا الموضوع للنقاش رغم أنه بات من الضروري جداً زيادة التوعية بأهمية ممارستها من أجل الحصول على جسم قوي خاصة وأن التعود عليها بانتظام لا يتطلب إطلاقاً الإقبال على النوادي أو الصالات الرياضية النسائية، فبإمكانهن ممارستها في البيت لا سيما إذا كانت اللوازم متوفرة"، مشددة على دور الجمعيات الرياضية في ترقية ممارسة الألعاب الرياضية وتطوير مهارات المرأة من حيث تقوية عضلات الجسم.

وهناك حسب نوال بن دربال عقبات أخرى تستحق تسليط الضوء عليها ويتعلق الأمر بغياب التغطية الإعلامية وأهمية الإعلام الرياضي في نشر الثقافة الرياضية لدى النساء، وتقول "في عام 2023 أطلقت مبادرة شملت نساء ورجال وأطفال تحت اسم الرياضة من أجل الجميع ورغم الإقبال الواسع الذي حظيت به لكنها لم تحظ بتغطية إعلامية وتوقفت للأسف"، ومن هُنا تُؤكد أن "الإعلام يلعب دوراً كبيراً في التوعية بممارسة النشاط الرياضي"، وتنصح بـ "برمجة حصص تدريبية على القنوات التلفزيونية تكون صباحية أو مسائية وتحت إشراف مدربات لا تتعلق بالرشاقة وإنما كمنهج لا بد منه وثقافة لا يمكننا الاستغناء عنها".