من مكان مفعم ببهجة المشجعين إلى ركام ومعتقلات
بعد تجريف وتدمير غالبية النوادي الرياضية خلال الحرب الأخيرة في غزة باحثة رياضية تؤكد بأن عملية البناء والترميم مرهونة بالوضع السياسي، وإعادة الإعمار في قطاع غزة.

رفيف اسليم
غزة ـ اختفت مظاهر الحياة الرياضية في قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لأسباب مختلفة أهمها تدمير القوات الإسرائيلية لغالبية النوادي والصالات الرياضية في المدينة المحاصرة، وانشغال النساء بأمور أخرى تبعاً لطبيعة الحياة التي فرضها الهجوم عليهن.
تقول الباحثة الرياضية نيلي المصري، بأن الحياة الرياضية كانت تبرز بجميع مظاهرها المختلفة كالمشي، والركض، وكرتي الطائرة والسلة، والملاكمة، وألعاب القوى المختلفة، والمسابقات الرياضية في مختلف المجالات مثل دوري كرة القدم, وكرة القاعدة، الكرة اللينة، بحضور نسائي قوي وفعال وبصمة مميزة في عموم المجال الرياضي.
وأكدت أن النساء والفتيات في قطاع غزة لم تكن تحصرن أنفسهن في ألعاب معينة، بل مشاركتهن واضحة في جميع الألعاب والدوريات، وفي حصولهن على العديد من الميداليات والكؤوس، وبرزت منهن اللاعبة، والمدربة، والحكم الرياضي التي تجلس خلف الطاولة لتقيم المباريات.
وعن تدمير النوادي، أوضحت أنه "منذ السابع من أكتوبر كانت القوات الإسرائيلية تتعمد تدمير البنية التحتية لجميع مظاهر الحياة وخاصة الرياضية في قطاع غزة، فقد قصفت غالبية النوادي، بل وحول بعضها لمراكز اعتقال المواطنين الفلسطينيين مثل نادي اليرموك، وحتى شارع كورنيش غزة تم تدميره وتجريفه محولة إياه لصحراء قاحلة مليئة بالركام، مما حرم عشرات الآلاف من تلك الرياضة".
وبحسب نيلي المصري، فإن استعادة النشاط الرياضي في قطاع غزة يحتاج الكثير من الوقت، لترميم ما تبقى من الأماكن الرياضية سواء مقرات الأندية التي تخدم العديد من أفراد المجتمع من الرياضيين أو غيرهم، أو الأندية والصالات، والملاعب، لافتةً إلى أن عملية البناء والترميم مرهونة بالوضع السياسي، وبدء الإعمار في قطاع غزة.
وتتوقع ترميم الحياة الرياضية في قطاع غزة من خلال توظيفها في أنشطة العلاج والدعم النفسي، والبدء في مباريات صغيرة وفردية كتلك التي يقوم بها بعض الشباب بعد تنظيف النوادي التي ما زالت معشبة للعب كرة القدم، مبينةً أن النساء أيضاً بدأن بالبحث عن الصالات الرياضية التي لم تطالها آلة القصف للتسجيل فيها.
ولفتت إلى أن "الشعب الفلسطيني يعشق الألعاب الرياضية لذلك يعز عليه مفارقتها أو الابتعاد عنها، فحتى خلال الهجوم كانت بعض الفتيات ينظمن مباريات صغيرة في مراكز الإيواء، وعند الإعلان عن وقف إطلاق النار احتفلن من خلال مباراة أيضاً، مشيرةً أنه خلال أوقات الليل أو النهار قبل الهجوم لم تكن تتوقف الفعاليات الرياضية".
ولا تنكر نيلي المصري فائدة الرياضة في تعزيز ثقة المرأة أو الفتاة بنفسها، وتقوية مناعتها، وقد ظهر الفارق بين الرياضيين وغيرهم في تحمل عقبات الحياة المختلفة خلال الهجوم والنزوح المستمر "كون المرأة يقع على كاهلها كافة الأدوار أي دوري الرجل والمرأة معاً فإنها بحاجة الآن للعودة إلى ممارسة رياضتها المفضلة".
وعن الضحايا الرياضيين والرياضيات خلال الهجوم بينت أن هناك ما يقارب 600 قتيل، وفقاً للإحصائية الصادرة عن المجلس الأعلى للشباب والرياضة، أبرزهن سوار المدهون، وياسمين دغمش لاعبة كرة السلة للكراسي المتحركة، التي اشتهرت بشغفها الكبير لممارسة تلك اللعبة حتى في بيتها وحلمها بالمشاركة في مباريات دولية، ومحاولتها تغير وجهة نظر المجتمع حول ممارسة الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة للرياضة.
وفي الختام تمنت الباحثة الرياضية نيلي المصري، عودة الأنشطة الرياضية المختلفة في قطاع غزة من جديد كونها المتنفس الوحيد لكافة فئات المجتمع، وأن يتم إيجاد حلول للنازحين كي تتمكن الجهات المختصة من العمل على ترميم بعض النوادي التي تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين الذين فقدوا بيوتهم سواء في الشمال أو الجنوب، لتعود تلك المدرجات مكان لانطلاق هتافات المشجعين وليس لنحيب ضحايا الغارات الإسرائيلية.