الرياضة الجبلية... تحدي جديد للمغربيات لمواجهة متاعب الحياة
أكدت ممارسات للرياضة الجبلية، أن هذا النشاط بات متنفساً لهن من ضغوطات الحياة، وطقساً لا بد منه للتخلص من المتاعب اليومية، كما يشكل تحدياً كبيراً لإثبات الذات واكتساب لياقة بدينة وصحة نفسية.
رجاء خيرات
المغرب ـ أصبحت العديد من النساء المغربيات بمختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية والمهنية تمارسن الرياضة الجبلية كنشاط يشعرهن بالتحرر من أعباء الحياة اليومية ومتاعبها، كما أنه وسيلة لتكسير الروتين المهني الأسبوعي وثقل المسؤوليات الأسرية التي باتت تثقل كاهلهن.
تمكنت هؤلاء النساء من تحقيق أهداف مبهرة في مجال رياضة الجبل، بعد أن تحولن من هاويات للطبيعة الجبلية، إلى محترفات في هذه الرياضة، حتى أن بعضهن وصلن لقمم عالية، مثل قمة "كاليمنجارو" وهي أعلى قمة في أفريقيا، كما تطمحن لبلوغ قمم أخرى مثل إفرست، وهو ما اعتبرنه إنجازاً غير مسبوق في حياتهن، مؤكدات على أن هذه الخطوة غيرت الكثير من مسارهن الشخصي والأسري.
رياضة لا محيد عنها
وقالت الكاتبة العامة لنادي أطلس مراكش للتزحلق ورياضة الجبل عائشة دحلان إن الرياضة الجبلية كانت في البداية بمثابة هواية فقط، لكونها تعشق الطبيعة والجبل، لتتحول بعد ذلك هذه الرياضة بالنسبة لها إلى نشاط دائم تمارسه كل يوم أحد.
وأضافت أن التزلج على الجليد شكل نشاطاً معتاداً في حياة أسرتها، وأن أبناءها الثلاثة هم أبطال في رياضة التزحلق على الجليد، شاركوا في بطولات وطنية ودولية وحازوا على جوائز، حيث كانوا ولا زالوا يمارسونها بشكل مستمر، حتى بعد أن غادروا المغرب للعيش في بلاد المهجر.
وأكدت أنها لا تستطيع أن تعيش بدون الرياضة الجبلية، وهي اليوم تتحمل مسؤولية الكاتبة العامة في نادي أطلس مراكش للتزحلق ورياضة الجبل، وفي كل رحلة تنظمها برفقة مجموعة من الأشخاص من بينهم نساء مواظبات على هذه الرياضة، تتعلم شيئاً جديداً، كما أن كل رحلة تقوم بها لا تشبه الرحلة التي سبقتها، وهو ما يضفي على الرحلات الجبلية نوعاً من التجديد الدائم.
وحول رحلتها الصيفية الأخيرة لقمة كاليمنجارو برفقة عدد من صديقاتها، اعتبرت عائشة دحلان أنها واحدة من أهم الرحلات والتجارب التي قامت بها، مؤكدة أنها تتطلع إلى قمم أخرى في المستقبل.
وفي ختام حديثها قالت عائشة دحلان إن الرياضة الجبلية ليست مجرد هواية، بل هي ثقافة وعالم واسع من دخله لا يستطيع الانفكاك من قبضته، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي تحتجن لفسحة من التحرر من أعباء الحياة وضغوطاتها والالتزامات الأسرية الثقيلة والمملة.
"الرياضة الجبلية تعلمنا أن نتحدى أنفسنا"
بدورها أكدت عضوة نادي أطلس مراكش للتزحلق والرياضة الجبلية زكية حجوبي أن رياضة الجبل كان لها تأثير كبير في حياتها، سواء على المستوى النفسي أو الجسدي، هذه الرياضة مكنتها التخلص من التوتر والقلق اللذين كانا يلازمانها طيلة الأسبوع "بمجرد ما تطأ أقدامنا الجبل، فإننا نفرغ كل الطاقة السلبية التي نكون قد راكمناها طيلة أسبوع من العمل، الصعود إلى قمة الجبل يولد لدينا إحساساً قوياً بالتحدي، ليس تحدي الجبل، بل تحدي أنفسنا".
وأضافت أن الأحاسيس التي تنتابها وهي في الجبل لا يمكن وصفها، حيث منسوب الثقة في النفس يرتفع، وقوة الصبر والتحمل تزداد، مؤكدة أن هذه الرياضة كان لها تأثير إيجابي حتى على أسرتها.
وأوضحت أن هذا التأثير على نفسيتها مس حتى أسرتها التي أصبحت تشجعها بعد أن لاحظوا التغيير الملموس الذي ظهر على شخصيتها "في البداية لم يتقبل أفراد أسرتي أن ألتزم بممارسة الرياضة الجبلية كل عطلة نهاية الأسبوع، فهي تتطلب تفرغاً ليوم كامل وأحيانا ليومين أو ثلاثة بحسب بُعد الوجهة المطلوبة عن مراكش، لكن بعد أن لاحظوا الفرق الذي أحدثته هذه الرياضة على صحتي النفسية والجسدية، باتوا يشجعونني".
وأكدت أنها لم تعد تستطيع أن تستغني عن الرياضة الجبلية لأنها منحتها أشياء لم يكن من الممكن بلوغها، فقد أنقذتها من الاستسلام للروتين والملل، وجعلتها تتمتع بطاقة إيجابية طيلة الأسبوع، حتى باتت تنتظر بفارغ الصبر حلول يوم الأحد للمضي في رحلة جديدة.
وأشارت زكية حجوبي إلى أنها سبق وأن صعدت إلى قمم عديدة بالمغرب، مثل "توبال"، "سيروا"، "بويلان" وغيرها، وكان آخرها رحلة الصعود إلى قمة "كاليمنجارو" بتنزانيا.
الجبل معلم
من جهتها اعتبرت المحاسبة مليكة الزوين أن الرياضة الجبلية ليست مجرد هواية فقط، بل هي وسيلة لكسر الخوف وتعلم التحدي والصبر.
وأضافت أن المرأة التي تمارس هذه الرياضة تكتسب قوة جسدية ونفسية، خاصة بعد تسلق القمم، حيث تضع أمامها هدف الوصول إلى القمة، وهو ما يمثل حافزاً كبيراً أمامها للصمود والتحدي، تحدي نفسها أولاً، ثم تحدي المعيقات والإكراهات التي تواجهها أثناء ممارستها.
وأشارت إلى أن كل رحلة صعود إلى الجبل تكون محفوفة بالمخاطر، لكن كل ذلك يتلاشى أمام المتعة التي تحققها هذه الرياضة التي لا تشبه باقي الرياضات، كما أن كل رحلة جبلية تختلف عن سابقاتها.
وعن تجربتها في هذه المغامرة التي وصفتها بالممتعة، أكدت أنها في البداية كانت تود أن تخوض التجربة فقط، حيث رافقت مجموعة من الأشخاص نساءً ورجالاً في رحلة إلى الجبل، لكن بعد ذلك عندما اكتشفت متعة الرحلة ومدى تأثيرها على نفسيتها، أصبحت عادة لا يمكن الاستغناء عنها.
ولفتت إلى أن الانغماس في الطبيعة بشكل عام يمنح راحة نفسية، لكن الجبل ينفرد بكونه معلم، يعلم الصبر والقدرة على التحمل والتحدي، والوصول إلى قمة جبلية يحفز على خوض مغامرة جديدة، إن الأمر أشبه بسلسلة لا تنتهي.
وفي ختام حديثها أكدت مليكة الزوين أن رياضة الجبل "بلية" أي إدمان، لكنه إدمان جميل وإيجابي له فوائد عديدة، سواء على الصحة الجسدية أو النفسية، كما أن تأثيره يمتد لكل المحيطين بمن يمارسه.