'الرياضة النسائية جزء لا يتجزأ من التغيير الثقافي والاجتماعي'
هناك محاولات جادة للنهوض بالرياضة النسائية في الجزائر، إلا أن العقبات لا تزال قائمة، ورغم ذلك، تتزايد نسبة اللواتي تخضن غمار الرياضة وتحققن نجاحات بارزة.

رابعة خريص
الجزائر ـ أكدت الرياضية الجزائرية آسيا شويحة دندان، على أن الرياضة النسائية أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من حركة التغيير الثقافي والاجتماعي، ولكنها لا تزال بحاجة إلى دعم أكبر على مختلف الأصعدة.
لطالما شكلت الرياضة جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية الجزائرية، حيث شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ولم تقتصر على الرياضات الشعبية فحسب، بل توسعت لتشمل مجالات متنوعة مثل الجيدو والملاكمة والكاراتيه.
تقول الرياضية آسيا شويحة دندان وهي في العقد الثالث من عُمرها، وواحدة من النساء اللواتي صنعن نجاحهن بأنفسهن وشققن طريقهن الخاص رُغم كل المُنغصات والتحديات والصُعوبات "حقيقة الرياضةً شهدت تطوراً ملحوظاً منذُ الاستقلال، ففي البداية كانت تُركز فقط على الرياضات الشعبية وأكثرها شُهرة كرة القدم وألعاب القوى وكرة اليد، ومع مرور الوقت وجهت الجزائر أنظارها نحو رياضات أخرى مثل الجيدو والملاكمة والكاراتيه، وبمرور الوقت رُفعت الراية الوطنية عالياً في أكبر المحافل الدولية بعد ظهور موجة من الأبطال في مختلف الاختصاصات الصعبة ونذكر على سبيل المثال حسيبة بولمرقة لاعبة ألعاب القوى التي تفوقت مراراً وتكراراً في سباقات الجري للمسافات المتوسطة والطويلة".
وحول أبرز المحطات التي ساهمت في تعزيز المشهد الرياضي في الجزائر أوضحت "يمكن الإشارة إلى قرار الأكاديميات الرياضية المتخصصة وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية مثل بناء الملاعب والقاعات الرياضية وكذلك استضافة البطولات الدُولية وهو الخيار الذي كان له دور كبير في رفع المستوى الرياضي".
وأشارت إلى أن الجزائر بذلت جهوداً كبيرة في تطوير الرياضة النسائية، من خلال تنظيم بطولات متنوعة وتوفير دعم خاص للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود غير كافية بالنظر إلى احتياجات البطلات الجزائريات، سواء فيما يتعلق بالتمويل، أو التكوين، أو حتى تغيير الذهنية المجتمعية، فبالرغم من أن الرياضة النسائية أصبحت اليوم عنصراً أساسياً في التربية وتعزيز الانفتاح الفكري داخل المجتمع، إلا أن هناك عقبات أخرى تستحق الاهتمام، مثل ندرة البطولات وقلة المدربات المتخصصات في مختلف المجالات "تطوير الرياضة النسائية يتطلب تجاوز بعض الذهنيات والتقاليد التي لا تدعم ممارستها، بل في بعض الأحيان تعيق انتشارها وتشجيعها".
وأكدت أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في تسليط الضوء على الرياضة النسائية وتشجيع الفتيات على الانخراط فيها "بالنسبة للإعلام الجزائري نعتقد أن هُناك تغيير كبير ففي السنوات الأخيرة لمسنا اهتماماً كبيراً منه لنشر الثقافة الرياضية ومنه التوعية بممارسة النشاط الرياضي لدى النساء".
وأوضحت أن العادات والتقاليد تلعب دوراً في تشكيل نظرة المجتمع تجاه الرياضة النسائية، وترى أن الرياضة النسائية لازالت مرفوضة لا سيما في المناطق المحافظة بسبب استمرار بعض العادات والتقاليد الموروثة التي تحيل دون ممارسة الفتيات للألعاب الرياضية ولذلك يُمكن التأكيد على أن القيود الأسرية والاجتماعية تُعتبرُ أحد منغصات الرياضة النسائية، وخلاصة القول أن الرياضة بحاجة ماسة إلى مزيد من الانفتاح والدعم.
وأضافت "على الرغم من هذا، لاحظنا في السنوات الأخيرة تغيرات إيجابية في بعض المناطق إذ أصبحت الأسرة الجزائرية أكثر وعياً بأهمية الرياضة للفتيات لا سيما بعد بروز بطلات أثبتن قدرتهن على التألق".
وحول انطلاقتها في عالم الرياضة قالت "لقد نشأت في عائلة رياضية، فمعظم أفراد عائلتي مدربين ولاعبين في كرة السلة وهي الرياضة التي جذبتني منذ الصغر وتمكنت من بلوغ مراتب جد متقدمة بها، وهو ما ساعدني في دعم عائلتي لي، حيث تلقيت دعماً كبيراً من والدي فهو مدرب في تخصص كرة السلة، لكن للأسف ولظروف معينة توقف فريقي لكنني أصريت على مواصلة مشواري الجامعي ودرست علوم وتقنيات النشاط البدني والرياضي وتخصصت في رياضة كرة السلة".
وأوضحت "بعد إنهائي المرحلة الجامعية غيرت نظرتي نحو إنشاء نادي رياضي في المدينة التي اقطن فيها وهي الأغواط (بوابة الصحراء الجزائرية أو كما يُطلق عليها عاصمة السهوب وتبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 400 كلم)، وما عزز هذه الفكرة أن الرياضة النسائية تكاد تكون منعدمة تماماً في الجنوب الجزائري، وكانت أهدافي متعددة وهي الارتقاء بالرياضة النسائية بهدف دعم صحة ونفسية المرأة والتقليل من حجم ضغوطاتها النفسية التي تتعرض لها في حياتها اليومية"، لافتةً إلى أنها لم تتخلى عن حلمها وحبها لكرة السلة، فأنشأت نادي رياضي لكرة سلة للفتيات.
وحول إقبال النساء والفتيات على النادي قالت "يمكنني إجراء مقارنة بسيطة بين الفترة التي افتتحت فيها النادي عام 2017 وما هو عليه الآن 2025، والملاحظ اليوم وجود فرق كبير جداً بالنظر إلى اتساع رقعة الاهتمام النسوي بالرياضة".