في الذكرى السنوية الأولى لاغتيالهما... رائدات ثورة المرأة فكر متجذر ونضال مستمر

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيالهما لا بد من التذكير بمناضلتي الحرية اللتان ضحتا بحياتهما من أجل نشر مفهوم الأمة الديمقراطية، إنهما الرئيسة المشتركة لمقاطعة قامشلو يسرى درويش ونائبتها ليمان شويش.

مركز الأخبار ـ "حان وقت الأمة الديمقراطية، لا يمكن إخافتهم بالمجازر" عبارة قد تكون أقرب ما هو عليه إلى كلام الفلاسفة، قالتها كل من يسرى درويش وليمان شويش، المناضلتان التي رأى الاحتلال التركي في اغتيالهما علاجاً لواهسه العدائي تجاه ثورة المرأة وحريتها.

 

من هي ليمان شويش ويسرى درويش؟

تحلتا بفكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي يدعو لحياة حرة، واتسمت رحلتهما في النضال بالإيمان بالحرية، وتمكنتا من المشاركة في إشعال شرارة ثورة 19 تموز/يوليو على مبدأ "jin jiyan azadî"، وكن من بين المناضلين/ات في ثورة روج آفا وتركن بصمتهن في القرن الواحد والعشرين، ليمان شويش الملقبة بـ "ريحان عامودا" من مواليد عام 1968مدينة عامودا بمقاطعة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، رأت أنه ليس فقط الدراسة تعبر عن كيان المرأة وحقيقتها لذلك بعد أن قضت ستة أعوام في الدراسة، اتجهت إلى العمل النضالي من أجل الحرية ففي عام 1989 انضمت إلى حركة النضال من أجل حرية المرأة والشعب الكردي، فكانت كفؤاً للوقوف في الصفوف الأمامية للثورة في روج آفا.

حبها للوطن والتضحية في سبيله دفعها للانخراط في العمل الجبهوي والنضال خاصة من أجل المرأة، فلم ترضى بأقل من الصفوف الأمامية للمناضلات الأوائل في روج آفا، قبلها تولت عدة مهام في مختلف بقاع كردستان وخارجه وكانت بذلك خير مثال للريادية المناضلة، فلم يكن طريق مسيرتها مكللاً بالزهور أو خالياً من الصعوبات فقد اعتقلت على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان لمدة ستة أشهر على خلفية نضالها وكفاحها من أجل قضيتها وقضية جميع الكرد وفي سبيل حرية المرأة، لتوجه بعد ذلك نضالها إلى مدينة السليمانية ومنها إلى روسيا حيث رأت أن النضال يجب أن يتوسع لحل القضية الكردية، إلا أن حب الوطن أعادها إليه لتواصل كفاحها إلى جانب العديد من النساء في روج آفا وشمال وشرق سوريا مع اندلاع ثورة 19 تموز، وبذلك أصبحت من الأوائل اللواتي وضعن اللبنة الأولى لقيام مشروع الأمة الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، ثم انتقلت إلى العمل الإداري لتصبح ممثلة مؤتمر ستار في إقليم كردستان ثم نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو.

وفي ذات المدينة وبالتحديد عام 1972 ولدت يسرى محمد درويش رفيقة درب نضال ليمان شويش، وهي خريجة الأدب الفرنسي، ثم انخرطت في أنشطة ثورة المرأة في روج آفا "ثورة 19 تموز عام 2012" وقيادتها، بدايةً كانت معلمة للغة الكردية، ثم مديرة مدرسة بتول الإعدادية في عامودا، إلى أن شاركت في تأسيس إدارة المدارس في ذات المدينة، ونظراً لكفاءتها تم انتخابها رئيسة مشتركة لمركز عامودا التعليمي، وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2022، تم انتخابها رئيسة مشتركة لمقاطعة قامشلو، كرست حياتها لإحداث تغيير شامل عبر تنظيم فعاليات اجتماعية وسياسية في المقاطعة.

 

لوكالتنا فرصة في لقاءهما وإيصال مواقفهما الإنسانية تجاه الأحداث

في إحدى اللقاءات حول مجزرة حلبجة التي ارتكبها نظام البعث العراقي عام 1988، ذكرت ليمان شويش أن سياسات المجازر بحق الشعب الكردي وكردستان لم يوضع لها حد، وأن "الإبادة الجماعية في حلبجة انكرت حقيقتها كل القوى الدولية والمنظمات التي تدعي دفاعها عن الحقوق الإنسانية"، معتبرةً أن وعي وذهنية مجزرة حلبجة تنفذ وتطبق في كل شبر من أراضي إقليم كردستان، كما أن السلطات لا تزال تهاجم الشعب الكردي في جميع أنحاء كردستان، بهدف القضاء على الكرد وتشريدهم، كما استُخدمت أسلحة الفسفور الأبيض الكيماوية في روج آفا، ورغم كل الوثائق لم تتم مقاضاة ومحاسبة الدولة التركية، وعادت الدول جميعاً لتتحرك وفقاً لمصالحها.

وكان ليسرى درويش التي لطالما نادت بوحدة العشب الكردي، ذات الرأي في مجزرة قامشلو التي ارتكبت في 12 آذار/مارس عام 2004، حيث قالت إن "العقلية العنصرية موجودة وتبدي عداءً واضحاً ضد الشعب الكردي وهويته في جميع أنحاء كردستان، إنها تتمثل في مجزرة حلبجة، وسياسة الإعدام في شرق كردستان، والهجوم وقتل الناس في شمال كردستان، فضلاً عن المذابح مثل مجزرة 12 آذار في روج آفا، سنحارب الفاشية دائماً بروح انتفاضة 12 آذار، نحن ندعو لمحاربة ومكافحة مفهوم العنصرية في كل المجالات".

 

"الأمة الديمقراطية الحل للمشاكل العالقة في المنطقة"

سارت يسرى درويش وليمان شويش على ذات الطريق وبذات الفكر الذي تجسد في نظام الأمة الديمقراطية حيث آمنتا به ورأتا فيه الحماية الحقيقية والحصانة لجميع الأمم المضطهدة والمهمشة على وجه الخصوص والعالم أجمع، حيث قالت ليمان شويش "هاجم نظام البعث المجتمع بمفهوم أمة واحدة ودولة واحدة ودين واحد، لهذا السبب نحن الشعب الكردي نقف ضد كل المجازر والهجمات الإرهابية، ولهذا السبب نعيد تنظيم أنفسنا مع نظام الأمة الديمقراطية ونبني منظومتنا الدفاعية، لا يمكن لأي قوى أن تخيف مجتمعنا بسهولة من خلال المجازر".

وقد كانت ليمان شويش من أبرز المطالبين/ات كممثلة عن مؤتمر ستار بإقليم كردستان بمحاكمة أسرى داعش الذين تم القبض عليهم واتخاذ الأحكام المناسبة تجاه الجرائم والمجازر التي ارتكبوها بحق الشعب الكردي ووضع حد للتهديد الذي يشكلونه على المنطقة والعالم.

كما رأت المناضلة يسرى درويش أن السبيل الأبرز وقد يكون الأوحد في القرن الواحد والعشرين لمحاربة ومكافحة مفهوم العنصرية في كل المجالات، هو التضامن ضد الهجمات والمجازر، وأن هذا الوقت لم يعد وقت للتفاخر بالقومية، بل أنه الوقت المناسب لإطلاق العنان لمشروع الأمة الديمقراطية وحرية المرأة، حيث رأت في شعوب روج آفا قوى لا تقهر.

 

القضاء على إرادة المرأة يعني القضاء على الديمقراطية

لم تُسلم الدولة التركية بهزيمة داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، لذلك عمدت إلى شن هجمات ممنهجة على مناطق الإقليم خاصة المتاخمة لحدودها، طالت من خلالها قيادات ورموز من الثورة النسائية بإقليم شمال وشرق سوريا وخارجه، ففي عام 2023 وتحديداً يوم الثلاثاء 20 حزيران/يونيو وعلى طريق قامشلو ـ تربسبيه، نفذ الاحتلال التركي باستخدام مسيرة تركية هجوماً فقدت على إثره كل من يسرى درويش وليمان شويش روحيهما في سبيل حرية المرأة وثورتها أثناء أدائهما لعملهما الميداني، وكانتا قد سطرتا مسيرة نضالية كسرتا بها شوكة أعداء الديمقراطية كما تركتا إرثاً مليئاً بالتضحيات، جاء هذا الاستهداف تزامناً مع قرار الإدارة الذاتية بمحاكمة قيادات وعناصر مرتزقة داعش القرار الذي لطالما رأت فيه يسرى درويش وليمان شويش حق مشروع لإقليم شمال وشرق سوريا إزاء ما ارتكبه داعش.

وبمراسيم مهيبة ودع الآلاف من أهالي مقاطعة قامشلو إلى مزار الشهيد إسماعيل في ناحية عامودا الرئيسة المشتركة للمقاطعة يسرى درويش ونائبتها ليمان شويش اللتان شكلتا مثالاً تقتدي به النساء الحالمات بالحرية، لقد ناضلتا من أجل الحفاظ على مكتسبات ثورة روج آفا وفي سبيل تحقيق الديمقراطية والسلام، واستهداف الاحتلال التركي للقيادات النسائية ما هو إلا لعرقلة تنفيذ مشروع الأمة الديمقراطية بالمقام والأول ولعدائه الشديد الأزل تجاه المرأة وكيانها.