تشوهات الأجنة في غزة هاجس يلاحق النساء

نتيجة استخدام القوات الإسرائيلية القنابل الفسفورية وأخرى تزن أطنان من المتفجرات، تعاني النساء في قطاع غزة من مشكلة تشوهات الأجنة في ظل نقص الأدوية والرعاية الطبية.

رفيف اسليم

غزة ـ انتشرت في الآونة الأخيرة في قطاع غزة تشوهات الأجنة، نتيجة لاشتداد الحرب وزيادة الغازات السامة التي تستنشقها النساء والفتيات، محدثة خلل في تكوين أعضاء الجنين أو بعض الوظائف الحيوية لديه، فما بين 100 حالة يولد 25 منها مصابة بتشوهات الأجنة وسط تردي الخدمات الطبية.

تقول أخصائية النساء والتوليد هيا حجازي، إن تشوهات الأجنة تعني مشكلة تظهر على الأجنة منذ لحظة الولادة في بنية الجسم بعضو واحد أو أكثر، وقد تكون ملحوظة أو غير ملحوظة وقد تظهر بعد عدة سنوات من الولادة، مشيرة إلى أن هناك عيوب من الممكن حلها وأخرى لا يمكن ذلك، وعيوب يعيش بها الطفل دون تدخل طبي، والبعض الآخر يحتاج لتدخل طبي سريع.

يظهر الخلل الجيني لعدة أسباب أولها العوامل الوراثية حيث يظهر الخلل الجيني في زواج الأقارب بالصفات الوراثية المحمولة، ثانياً العدوى مثل الحصبة الألمانية، ثالثاً التعرض لعوامل خارجية مثل الفسفور والدخان والاشعاع والكيماويات وهذا ما حدث مع نساء قطاع غزة، ورابعاً نقص التغذية وعدم تناول الفلوك أسيد من خلال الطعام أو الحبوب، وأخيراً أمراض الأم المزمنة كالسكري التي تنتقل للجنين.

وشددت هيا حجازي، على أن تشوهات الأجنة تزداد بشكل ملفت في مناطق الصراعات والحروب، ففي الحرب المندلعة بقطاع غزة تعرضت النساء بشكل كبير للكيماويات والغازات السامة بمختلف أنواعها والتي تعتبر بعضها محرمة دولياً، كما ساهم غياب التغذية والمكملات الغذائية اللازمة، واختفاء الرعاية الطبية خلال وما قبل الحمل والمتابعة إلى زيادة ارتفاع وتيرة نسب تشوه الأجنة.

ويعتبر الزواج المبكر هو عامل أساسي في تشوهات الأجنة، فالأهالي في قطاع غزة لجأوا إلى تزويج الفتيات خلال الحرب في عمر مبكر للتخلص من مصروفهن ومسؤولياتهن على حد سواء، إضافة إلى الزواج المتأخر كون العديد من النساء استولت الحرب على بضع سنوات من أعمارهن، فكلما تأخرن بسن الزواج وتعرضن للعوامل البيئية زادت احتمالية إنجاب أجنة مشوهة.

وتحاول هيا حجازي، السيطرة على تشوهات الأجنة من خلال وصف المكملات الغذائية وإعطاء الفلوك أسيد، إضافة للمتابعة المتواصلة خلال الحمل لاكتشاف تلك التشوهات ومحاولة إنهائها في الحالات الخطرة، بينما خلال الحرب لا يمكنها فعل ذلك بسبب تدمير العديد من المرافق الصحية والطبية، لذلك حاصرت تلك العقبات المريضات بشكل تراكمي وشرس.

ولفتت إلى أن القوات الإسرائيلية تستخدم خلال الوقت الحالي متعمدة القنابل الفسفورية والقنابل التي تزن الأطنان من المتفجرات والتي تعادل استخدام السلاح النووي، في الوقت ذاته تمنع دخول الأدوية للنساء التي تعي أهميتها بالنسبة لهن، ويضاف لذلك الوضع النفسي المتردي للنساء اللواتي تهربن من الموت طوال الوقت وتسعين للبحث عن الطعام والماء، فكل ذلك يؤثر على وضع الجنين.

وأشارت إلى أن تشوهات القلب تعتبر من أكثر التشوهات المنتشرة في قطاع غزة وذلك وفقاً للعديد من الدراسات التي أجريت ما قبل الحرب في قطاع غزة، وذلك نتيجة للصراعات المتكررة في المدينة المحاصرة، لافتة إلى أن المواد المنبعثة مثل اليورانيوم المشع والرصاص، والفسفور الأبيض المتراكم بالتراب والمياه كان له نتيجة لتشوهات الأجنة.

وأكدت هيا حجازي، أنه ليس شرطاً أن تلد المرأة جنين مشوه في العام ذاته، بل من الممكن استمرار تأثير ذلك في السنوات القادمة، فبحسب دراسات أجريت على الأجنة في الهجمات التي تم شنها مسبقاً على القطاع أثبت تراكم تلك المواد في الجسد، مما يوحي بخطورة المواد الكيماوية المنبعثة.

تعاني الأمهات من القلق والتوتر والخوف المستمر، فالكثير منهن بات خبر حملها كارثة تقع في نفسها، متوجهة للبحث عن مراكز طبية تجري سونار ثلاثي ورباعي الأبعاد للكشف عن التشوهات المبكرة، مشيرةً إلى أنه إنجاب طفل من ذوي الإعاقة يعني قضاء غالبية سنوات عمره في جلسات العلاج مما يعني تدمير أحلامه وطفولته.

وبينت هيا الحجازي أن تشوهات الأجنة تؤثر على المجتمع من خلال إنشاء منظومة كاملة لمتابعة ذلك الجيل، عبر إنشاء مراكز التأهيل المختلفة، مما يعني ضغط على الموارد الاقتصادية التي يمكن استغلالها بشكل آخر، مشيرة إلى أن العديد من النساء لا تفكرن بالارتباط خوفاً من موت الطفل وإنجاب جنين مشوه والكثير منهن تفكرن بالهجرة وعدم العودة خوفاً من ذلك الشبح.