أمومة تحت الخيم... رحلة من الألم والصبر في مخيمات النزوح
في زوايا الخيم التي لا تحجب البرد ولا تحمي من الحر، تخوض الأمهات حرباً صامتة من أجل البقاء في واقع لا يرحم، تروين قصص نزوحهن لبعضهن البعض أمام خيمهن على أمل العودة يوماً ما.

شيرين محمد
قامشلو ـ وسط نقص الرعاية الصحية بالحوامل، وشح التغذية وظروف معيشية لا تراعي أبسط معايير السلامة، تتحول الأمومة من حلم جميل إلى عبء ثقيل مليء بالمخاطر في المخيمات.
"أعيش أمومتي تحت المخيمات"
بين الخيام وصوت الرياح الباردة وحر الصيف تخوض الحوامل والمرضعات في مخيمات النزوح معركة يومية للحفاظ على حياتهن وحياة أطفالهن.
تروي فطيم الأحمد النازحة من سري كانيه/رأس العين، والتي تعيش في خيمة صغيرة في إحدى زوايا مخيم نوروز الواقع في ناحية ديريك التابعة لمدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، 5 سنوات من معاناتها خاصةً في فترة الحمل والرضاعة، وتقول "نزحت بملابسي ولم أجلب شيء من منزلي المدمر حالياً، لدي خمس أطفال أصغرهم ولد منذ شهرين".
وسط نقص الرعاية الصحية بالحوامل، وشح التغذية وظروف معيشية لا تراعي أبسط معايير السلامة، تتحول الأمومة من حلم جميل إلى عبء ثقيل مليء بالمخاطر، هكذا تصف معاناتها في المخيم "النساء في المخيم بشكل خاص المرضعات والحوامل يعانين صعوبات مضاعفة، فرغم وجود المتابعة الطبية التي خصصتها إدارة المخيم، إلا أننا نرى بأنها قليلة فالحوامل والمرضعات يجب أن تتوفر لهن رعاية صحية مختلفة ومكثفة، خاصة بعد الولادة ومن جميع النواحي النفسية والمعنوية والمادية أيضاً"، مبينةً أن وضعهم المادي سيء، وعمل زوجها لا يكفي للمستلزمات الصحية والغذائية لها ولأطفالها "زوجي يعمل في المياومة ولا تكفي أجرة اليوم لكل ما نحتاجه وهذا ما يزيد من الصعوبات التي أواجهها في حياتي اليومية".
"نعيش في دوامة العقبات المادية والنفسية"
"الحمل والرضاعة وتربية الأطفال في المخيم ليست كما في أي مكان آخر"، بهذه الكلمات تكمل فطيم الأحمد حديثها عن المعاناة المستمرة للنساء في المخيم "تعاني العديد من النساء من فقر الدم وسوء التغذية لأن الإمكانيات المادية لا تسمح لهن بأن يحافظن على صحتهن وخاصة في فترة الحمل والرضاعة، لأن وضع المرأة يختلف فتحتاج رعاية خاصة وتغذية سليمة وراحة مضاعفة عن النساء الأخريات"، مضيفةً أنها تعاني من فقر الدم منذ أن ولدت طفلها الأخير.
وبينت أن الفقر يحيط بهم مع قلة فرص العمل "ما يجنيه زوجي في اليوم يكفي لإطعامنا لهذا اليوم فقط، فمن أين نأتي بالأغذية الغنية بالفيتامينات التي تغذينا نحن وأبنائنا. حتى عمليتي القيصرية استدنت لأجريها وحتى الآن لم استطع إيفاء الدين. إن لم تكن تغذية الأم سليمة فالطفل سيصبح لديه أمراض مناعة وغيرها، كما أن نقص التغذية ينعكس بشكل مباشر على كمية الحليب وجودته، فكل هذه الصعوبات تجعلنا نعيش في دائرة من التعب والتوتر المستمرة، إلى جانب الصعوبات التي نعاني منها كنازحين".
"حل ملف النازحين مهم جداً"
وأكدت أنه "تبقى الأمهات في مخيمات اللجوء خاصة الحوامل والمرضعات بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية تؤمن لهن حق الحياة لا أكثر"، لافتةً إلى ضرورة الإسراع في حل ملف النازحين والأراضي المحتلة من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، داعية الجهات المعنية ومنظمات حقوق الإنسان لمتابعة أحوال النازحين في المخيمات "على المنظمات الحقوقية والمختصة بالنساء والأطفال القيام بواجبها تجاهنا".
واختتمت فطيم الأحمد حديثها بالقول أنه "يجب توفير مراكز صحية مخصصة للحوامل والمرضعات في المخيمات، وأن يدعمونا ببرامج تغذية، وتوفير مستلزمات الولادة الآمنة بالإضافة إلى الأدوية والرعاية، كما أننا نحتاج إلى تعزيز الزيارات الميدانية من قبل المنظمات الدولية المختصة، كما أن الأطفال داخل المخيم يجب أن يتم متابعة صحتهن النفسية والصحية أيضاً".