ريادة المرأة في إقليم كردستان خطوة نحو التمكين الاقتصادي

في إقليم كردستان، حيث تعاني العديد من الأسر من ضغوط اقتصادية متزايدة، تزداد أهمية دخول النساء إلى سوق العمل أو تأسيس مشاريعهن الخاصة، ليس فقط كوسيلة لتحقيق الذات، بل كخطوة استراتيجية للمساهمة في التنمية الاقتصادية.

كويه ـ تُعد المشاريع النسائية، خاصة تلك التي تعتمد على الحرف اليدوية أو التجارة الرقمية، أدوات قوية لتحقيق الاستقلال المالي وتعزيز مكانة المرأة في المجتمع، وما يميزها أنها تعتمد على الشغف، والإصرار، والتنظيم الجيد.

تمتلك النساء طاقات إبداعية وأفكاراً مبتكرة يمكن أن تتحول إلى مشاريع ناجحة إذا توفر لها التخطيط السليم والدعم المناسب، ويبدأ ذلك بالإيمان بالفكرة، ثم تحليل التحديات المحتملة والسعي لإيجاد حلول فعالة لها، يلي ذلك دراسة السوق وفهم احتياجات العملاء بدقة، مما يمهد الطريق لتطوير الفكرة وتحويلها إلى منتج أو خدمة قابلة للتسويق.

وغالباً ما تنطلق هذه المشاريع من المنزل، مستفيدة من منصات التواصل الافتراضية كوسيلة للوصول إلى الجمهور، مع التركيز على تحسين الجودة من خلال التفاعل المستمر مع ملاحظات العملاء، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

 

"على النساء أن تخطين بإرادة قوية"

وحول كيفية تحويل النساء لأفكارهن إلى مشاريع، كي تصبحن صاحبات استقلال اقتصادي، تقول الخبيرة في مجال الاقتصاد والتسويق بيان نوري "نطمح لإيصال رسالة واضحة للنساء، لكي لا تتركن أفكاركن حبيسة الذهن، بل تحولنها إلى واقع ملموس بخطوات واثقة وإرادة قوية، ففي هذا العصر تمتلك النساء طموحاًت كبيرة للمبادرة، لكن القليل منهن تجرؤن على خوض تجربة العمل الخاص أو تأسيس مشروع شخصي".

وأوضحت أنه "من الضروري أن تتمتع المرأة بحقها الكامل في تحقيق دخل مستقل، سواء عبر وظيفة أو من خلال مشروع خاص بها، وهذا الأمر يكتسب أهمية مضاعفة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة في إقليم كردستان، حيث تعاني العديد من الأسر من انخفاض حاد في الدخل، مما أدى إلى تفاقم الأزمات المعيشية، وعليه فإن دخول النساء إلى سوق العمل أو إطلاق مشاريعهن الخاصة لا يمثل فقط خطوة نحو تحقيق الذات، بل يشكل أيضاً دعماً فعّالاً لأسرهن، ويساهم في التخفيف من الأعباء الاقتصادية بشكل تدريجي".

ولفتت إلى أن المعطيات تشير إلى أنه مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل 40 عاماً، فإن النساء اليوم دخلن سوق العمل بشكل أفضل، وقد ارتفعت نسب مشاركتهن بشكل ملحوظ، ومع ذلك فإن هذه النسبة تتركز إما في القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث تعملن في مؤسسات وشركات، وليس في مشاريع خاصة بهن أو أعمال يمتلكنها بأنفسهن، ومن هنا فإن نسبة النساء اللواتي تمتلكن مشاريعهن الخاصة لا تزال منخفضة، خاصة في المجالات الكبرى".

 

"امتلاك النساء للشركات لا يزال ضعيفاً"

وأشارت بيان نوري إلى أن نسبة النساء اللواتي تمتلكن شركات في العراق تتراوح بين 1% إلى 2% فقط، وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنةً بـ 98% للرجال "هذا أمر مؤسف، إذ أن نسبة الرجال في سوق العمل أعلى بكثير لا أعلم إن كان هناك عائق كبير أمام النساء اللواتي لديهن دخل جيد أو حتى أولئك اللواتي يعانين من ضعف الدخل، لكن الفكرة القوية يمكن أن تكون نقطة انطلاق نحو دخل جيد ومشروع خاص، خصوصا أن غالبية النساء اليوم متعلمات وتحملن شهادات جامعية، لذلك يجب أن تتوجهن نحو سوق العمل، وألا يدفن أفكارهن في عقولهن دون تنفيذ".

 

"هناك فجوة واضحة في الوظائف الكبرى"

وتابعت "نلاحظ اليوم وجود فجوة كبيرة في توزيع النساء على الوظائف الكبرى، بينما لا تظهر هذه الفجوة في الوظائف الصغيرة، فعلى سبيل المثال، عدد الموظفات ليس أقل من عدد الرجال، بل قد يكون مساوياً أو حتى أكثر في بعض الأحيان، لكن عندما نأتي إلى المناصب العليا أو المشاريع الكبرى، نجد أن نسبة النساء فيها منخفضة مقارنةً بالرجال".

وقالت بيان نوري في ختام حديثها "رغم أن المجتمع اليوم أصبح أكثر تقبلاً لفكرة أن المرأة يمكن أن تتولى مسؤوليات كبيرة أو تعمل في وظائف صعبة، إلا أنني أعتقد أن النظرة العامة قد تغيرت كثيراً خلال السنوات الماضية نحو الأفضل، لأننا نرى أن النساء قد أثبتن نجاحهن في مختلف مجالات العمل".