ملف العودة الأمنة حبر على ورق والاتفاقيات بدون تطبيق
طالبت نازحات من مدينة عفرين المحتلة مقيمات في مخيمات النزوح بإقليم شمال وشرق سوريا أن يكون هناك طرف ثالث في الاتفاق لضمان عودة آمنة جماعية للنازحين.

نور الأحمد
الرقة ـ انتقدت نازحات عفرين والشهباء المقيمات في مخيم الطبقة بإقليم شمال شرق سوريا الاتفاقيات التي تنص على عودة آمنة للنازحين من عفرين المحتلة قائلات أنها "حبر على ورق" ولم تطبق على أرض الواقع، مطالبات بضمانات دولية من أجل عودة آمنة.
موجة عارمة من الاستياء أبدتها عوائل وخاصةً نساء مقاطعة عفرين المحتلة اللواتي تعشن تحت خيم النزوح المهترئة في مقاطعة الطبقة عقب تجربتهم في العودة الفردية إلى منازلهم في عفرين بعد إعلان الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة المؤقتة حول عودة المهجرين.
وواجه العائدون انتهاكات جراء الانفلات الأمني وسيطرة المرتزقة على الحياة في مدينتهم، فهؤلاء المرتزقة سلبوا منهم منازلهم وأراضيهم، وهذه القصص دفعت الآلاف لعدم المجازفة بالعودة إلا بعد تحقيق شرط الأمان وإعادة الممتلكات إلى أصحابها.
"فرحة مطعونة بخاصرتها"
تقول عدلة بكر عن التحديات التي يواجهونها تحت خيم النزح أنه "في ظل حلول فصل الصيف والارتفاع الشديد في درجات الحرارة تصبح الخيم كاللهيب الحارق ولا تطاق، والأطفال وكبار السن لا يحتملوا هذا الوضع، إضافةً إلى عدم توفر المياه والكهرباء في المخيم وهذا ما جعل من المعاناة مضاعفة".
ولفتت إلى مشروعها الصغير "لعدم توفر فرص عمل في المخيم اضطررنا للبحث عن أي مهنة أو مشروع لنواجه الصعوبات المعيشية، واستفدت من معرفة بسيطة بالخياطة لذا اشتريت ماكينة، وبدأت بالخياطة ورتق الملابس القديمة للنازحين في المخيم، وأسعاري رمزية لأني من هؤلاء النازحين وأعرف ما يعانونه".
وعن الصعوبات التي تواجهها في عملها بينت أنه "لا تتوفر ساعات الكهرباء بشكل جيد، وهذا ما يتسبب في تأخير إنجازي لعملي في وقته، لذا أقوم باستخدام ماكينة الخياطة اليدوية، والتي تسبب لي التعب وألم في قدمي ويدي، فكوني امرأة كبيرة بالسن لا أحتمل هذا الكم من المجهود".
وأشارت عدلة بكر إلى الاتفاق الذي جرى بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي والرئيس غير المنتخب للحكومة المؤقتة أحمد الشرع "الجولاني"، وقالت أنه "زاد الأمل لدينا بالعودة الآمنة وهذا ما دفع العديد من العوائل لاتخاذ قرار العودة لأنهم سئموا مما يعشونه من ظروف النزوح الصعبة تحت الخيم لكن الموقف صدمهم فلم يجدوا ما رسموه بمخيلتهم من تغير الحال بل كان سيناريو الانتهاكات والظلم يتكرر والسياسيات التي يتبعها الاحتلال والمرتزقة بحق الأهالي مستمر".
وقررت زيارة عفرين علها تجد الأمان والسلام في منزلها الذي أجبرت على تركه منذ العام 2018 "تحمست جداً للعودة إلى عفرين بعد مرور أكثر من ثمانية أعوام ،كان الشوق واللهفة يقوداني اليها، وذهبت مع زوجي لنطمئن على منزلنا وأرضنا التي تملؤها أشجار الزيتون لنعرف حال المنزل طيلة هذه السنوات وفعلاً لم يتضرر كثيراً لكن الفرحة لم تكتمل بل كانت مطعونة بخاصرتها لأن أحد المرتزقة استولى عليه ولم يسمح لنا بالدخول إلا شريطة دفع مبلغ مالي كبير".
وأضافت "العديد من العوائل عادت إلى عفرين بأمل الأمان والاستقرار ولكن لم يتمكن العائدون من دخول منازلهم أو حتى الاقتراب من أراضيهم الزراعية إلا مقابل دفع مبالغ كبيرة، كان هدفهم الهروب من الواقع المأساوي هنا والعودة للعمل في أراضيهم وتأمين مصدر رزقهم"، متسائلةً "بأي حق نُحرم من منازلنا وأراضينا، وترتكب بحقنا جرائم الخطف والقتل لأننا كرد؟".
وطالبت عدلة بكر الحكومة المؤقتة بإيقاف انتهاكات المرتزقة التي سيطرت على العديد من المناطق وجزأت سوريا "الأرض السورية من حق شعبها ويجب أن يكون الشعب السوري متحد وتوفير ضمان لحقوق وحرية كافة المكونات وأن تتحقق الوحدة الوطنية بعيداً عن الاقصاء لأي مكون فسوريا هي بلد التنوع الديني والعرقي والثقافي".
وشددت على ضرورة أن تبرم اتفاقيات لصالح الشعب السوري وتكون هناك ضمانات حقيقة تطبق على أرض الواقع "نفتقد الأمان والاستقرار في سوريا ونريد أن يحل السلام فيكفينا حروب دامية لأربعة عشر عاماُ، وبالرغم من كل شيء إلا أننا صامدون ولن نستسلم، ولدينا أمل بالعودة إلى ديارنا وأن ننعم بالسلام".
"الحرمان من الأرض سياسات ممنهجة مستمرة"
أما خديجة حمو فقد عاشت لفترة في عفرين بعد احتلالها لحماية منزلها قبل أن تجبر على النزوح إلى مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وقالت عن تلك الفترة "تعرضنا للعديد من الانتهاكات والجرائم على يد مرتزقة الاحتلال التركي وخاصة بحق النساء منها القتل والاغتصاب والخطف مقابل دفع فدية مالية، فالمرتزقة أجبروا الأهالي على دفع المال مقابل زراعة أراضيهم ناهيك عن قطع الأشجار عمداً بقصد التخريب والتدمير فكنا نفقد الأمن والأمان وحتى اليوم يتبع المرتزقة نفس السياسية الوحشية".
"اتفاقيات بلا ضمانات"
وأكدت خديجة حمو أن الاتفاق المبرم بعودة آمنة حبر على ورق ولم ينفذ "تم التوقيع على اتفاقية تنص على عودة آمنة للنازحين وطرد المحتل ووحدة سوريا، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ على أرض الواقع وبقي حبر على ورق والعوائل التي وثقت بوعود الحكومة المؤقتة وعادت إلى عفرين تحمل أمل السلام والأمان فوجئت بأن جرائم وانتهاكات المرتزقة لم تتغير".
ودعت المجتمع الدولي والعالم ليكون له موقف جاد تجاه ملف أهالي عفرين ومحاسبة المتورطين بجرائم وانتهاكات ترقى لجرائم ضد الإنسانية وأن يكون هناك طرف ثالث في الاتفاق لضمان عودة آمنة جماعية للنازحين "يكفينا تسعة أعوام من التهجير القسري".