سعاد حسو: تنظيم المجتمع الإيزيدي ضرورة لحماية الهوية في ظل التحديات

تجربة الإيزيديين في سوريا، هي دليل حي على أن التنظيم، والإيمان بالهوية وتمكين المرأة، هي أدوات فعالة في وجه كل محاولات الإبادة والإنكار.

شيرين محمد

قامشلو ـ أكدت الإدارية في اتحاد ايزيدي سوريا أن التنظيم هو أساس النجاح، مبينةً أنه رغم التهجير والتهميش الذي عانى منه المجتمع الإيزيدي لم يتوقف عن السير نحو حريته وتطويره لمجتمعه.

يعد الإيزيديون من أقدم المكونات الدينية والعرقية في منطقة الشرق الأوسط، وقد عانوا لعقود من التهميش والاضطهاد، ومع ثورة روج آفا بدأت مكونات إقليم شمال وشرق سوريا ومنها الإيزيديون، بالتحرك نحو التنظيم المجتمعي والثقافي للدفاع عن هويتهم، وترسيخ وجودهم على أسس ديمقراطية ومجتمعية، وفي هذا السياق تأسست عدة مؤسسات ومنظمات تمثل الإيزيديين وتسعى إلى حمايتهم وتمكينهم، لا سيما في مجالات الشباب والمرأة والثقافة والتعليم.

 

التنظيم المجتمعي كان ولا يزال ضرورة لحماية الوجود

وقالت الإدارية في اتحاد ايزيديي سوريا سعاد حسو، أن "المجتمع الإيزيدي استطاع رغم سنوات الاضطهاد والتهجير أن يفتتح لنفسه مؤسسات مستقلة، ويثبت حضوره في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية"، مشددةً على أن "التنظيم المجتمعي كان ولا يزال ضرورة لحماية الوجود الإيزيدي من محاولات الطمس والإقصاء".

ولفتت إلى أن البدايات تعود إلى عام 2008، حين تم عقد أول مؤتمر لـ "بيت الإيزيدي" بشكل سري بسبب القمع الشديد الذي مارسه النظام الحاكم آنذاك بحق الأقليات، وعلى رأسهم الإيزيديون، الذين حرموا من حقوقهم وتعرضوا لحملات قتل وخطف ممنهجة، وشارك في المؤتمر عدد من الإيزيديين من إقليم الجزيرة، واستمر حتى ساعات الليل رغم المخاطر الأمنية الكبيرة.

وعن مرحلة ما بعد ثورة روج آفا تقول أنه "مع اندلاع ثورة روج آفا، بدأت مرحلة جديدة من الحراك العلني والتنظيمي"، مبينةً أنه "عقدنا مؤتمراً ثانياً باسم جمعية الإيزيديين في عفرين، وأسسنا بيت الإيزيديين في إقليم الجزيرة، ثم غيرنا اسم الجمعية إلى اتحاد إيزيديي عفرين عام 2016، وشكلنا لجاناً للشباب والنساء والمجتمع، وبدأنا بتوثيق تاريخنا وجمع الإحصائيات المتعلقة بنا، وفي ذات العام، تم تأسيس اتحاد خاص بالنساء الإيزيديات في عفرين، بهدف تمكين المرأة وتقديم تدريبات تثقيفية ومهنية لرفع وعي المجتمع وتطويره من مختلف الجوانب".

وأما عن دورهم في الثورة فأكدت أن "الثورة فرصة حقيقية للإيزيديين للمشاركة في بناء المجتمع"، وأنه تحت مظلتها "عملنا على تثقيف أنفسنا والمشاركة في كل المجالات، وكنا نحضر الطعام للمقاتلين والمقاتلات في الجبهات ونعمل كمجتمع موحد. أنشأنا مكاتب صغيرة في القرى لحل مشاكل المجتمع الإيزيدي، وألقينا محاضرات ودورات توعوية".

 

العمل على تطوير الاتحاد ليشمل جميع النساء الإيزيديات

وأشارت إلى أن "التهجير لم يقف عائقاً أمام عملنا وتطورنا، فبعد التهجير القسري من عفرين، انتقلنا إلى ناحية الشهباء، حيث استمرينا في بناء مؤسساتنا، وطورنا اتحاداتنا ووسعنا عملنا، لا سيما في مجال المرأة، فغيرنا اسم اتحاد المرأة في عفرين، إلى اتحاد المرأة في روج آفا، ليشمل النساء الايزيديات في كامل جغرافيا إقليم شمال وشرق سوريا".

وأضافت "عام 2020، تم تأسيس اتحاد الإيزيديين في سوريا، وعقد مؤتمر ناجح تبعه إنشاء فرع للاتحاد في أوروبا، ووفي عام 2024، عقد المؤتمر الثاني وتم توسيع الاتحاد ليضم ثلاثة مجالس في أوروبا وعفرين وإقليم الجزيرة"، مؤكدة أن، "للاتحاد رؤية مستقبلية واضحة، تتمثل في توحيد الصفوف الإيزيدية تحت مظلة واحدة، والعمل على بناء مقام ديني رمزي مشابه للمعبد الموجود في أرمينيا، لنؤكد أن ديانتنا باقية، وأننا مستمرون رغم كل التحديات".

 

"المرأة هي مرآة ثقافتنا"

وبينت أن المرأة الايزيدية لعبت دوراً محورياً في الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية "المرأة هي مرآة ثقافتنا، ومن خلالها حافظنا على لغتنا وتاريخنا، ولدينا تدريبات مستمرة للنساء، ولجان خاصة بالشباب والثقافة، ونعلم الأطفال الكردية والإنكليزية، ونرسخ التراث والغناء والفنون، لأنهم جيل المستقبل".

وفي ظل التهديدات المستمرة للأقليات والمكونات المختلفة في سوريا ترى سعاد حسو أن التنظيم هو السبيل الوحيد للبقاء، "رأينا في عفرين كيف تم تدمير معابدنا ومحاولة طمس ثقافتنا، كما استهدف المسيحيون والعلويون، لكننا في إقليم شمال وشرق سوريا استطعنا بالصمود والوحدة أن نحمي أنفسنا، رغم كل الهجمات التركية التي طالت البنى التحتية والخدمات لفترات متفاوتة لزعزعة الأمن والاستقرار".

وأوضحت الإدارية في اتحاد ايزيديي سوريا سعاد حسو أن "تجربة الإيزيديين في سوريا، هي دليل حي على أن التنظيم، والإيمان بالهوية وتمكين المرأة، هي أدوات فعالة في وجه كل محاولات الإبادة والإنكار. ورغم التهجير والقصف والحرب، لا يزال هذا المكون الأصيل من مكونات الشعب السوري صامداً ومتماسكاً، من أجل مستقبل أكثر عدالة وشراكة".