التعليم والتكوين أكثر ما يؤرق أطفال التوحد في الجزائر

أكدت ليلى والي أن هناك نقص كبير في مجال التكفل بأطفال التوحد وأوليائهم في الجزائر، فالطفل يجد نفسه يواجه الأمية، وقد يكون عرضة لإعاقات أخرى بسبب صعوبات في الدمج الجزئي أو الكلي.

رابعة خريص

الجزائر ـ كشفت رئيسة الجمعية الجزائرية لاضطراب التوحد ليلى والي عن معاناة أطفال التوحد وأوليائهم في الجزائر، مشددةً على ضرورة التكفل بهم من أجل المساعدة على إدماجهم في الحياة العادية.

يواجه أطفال التوحد وأوليائهم وضعاً صعباً للغاية بسبب صعوبة التكفل بهم على مستويات ومجالات مختلفة، خاصةً مع ارتفاع عددهم في البلاد، إذ كشف وزير التربية في الجزائر عن معدل الانتشار الذي يتراوح بين 60 ـ 70 حالة لكل عشرة آلاف شخص، أي شخص واحد من بين حوالي 100 شخص يعيش باضطراب طيف التوحد.

وقالت رئيسة الجمعية الجزائرية لاضطراب التوحد ليلى والي لوكالتنا إنه وعلى عكس المعتقدات السائدة فالتوحد ليس بمرض مثلما هو معتقد بل هو عبارة عن اضطرابات علاجها الوحيد هو الدمج في الوسط العادي وهو ما أثبتته الدراسات العالمية فالأطفال المصابون بالتوحد قادرون على التحصيل العلمي مثل أقرانهم، فالتعليم يساعد هذه الفئة على إظهار المهارات الاجتماعية والتواصلية والتعليم والتفكير بطريقة أكثر فاعلية، فهذه الفئة بحاجة ماسة اليوم للحصول على فرصة للجلوس على مقعد الدراسة، مؤكدةً بأن الدراسات العالمية التي أجريت أثبتت أن سياسة الدمج أثرت بشكل كبير في تحسين مفهوم الذات، وزيادة التوافق الاجتماعي.

وأشارت إلى أنه هناك نقص كبير في مجال التكفل بهذه الفئة الهشة والضعيفة في المجتمع، بالأخص الفقراء الذين لا يملكون الأموال اللازمة لتسديد نفقات المراكز الخاصة للتكفل بأطفالهم، وذلك في ظل غياب دعم مادي، فيجد الطفل نفسه يواجه الأمية، وبراثن المرض، وقد يكون عرضة لإعاقات أخرى بسبب وجود صعوبات في الدمج الجزئي أو الكلي.

وأوضحت أن العديد من المدارس تواجه صعوبات كثيرة في عملية الدمج مثلاً من يشرف على عملية التعليم، ومن سيقوم بمتابعة الطفل إذا أراد دعماً؟ وما الذي سيقوم به المدرس إذا ما تعرض لمشكلات سلوكية ناهيك عن الصعوبات الأخرى، لافتةً إلى أنه في غالب الأحيان تقوم الجمعية على تكوين فريق من المتخصصين لتلبية احتياجات هذه الفئة.

ومن بين المقترحات التي ترافع لأجلها الجمعية استحداث صندوق خاص شبيه بالصندوق الوطني لمرضى السرطان للتكفل الأمثل بهذه الفئة، تسند له مهام تغطية مختلف المصاريف من بينها مصاريف المختص بسيكولوجي الإكلينيكي، إضافة إلى دفع أتعاب مرافق الحياة المدرسية وكل الحصص التربوية العلاجية التي يقوم بها الطفل كالرياضة، والفروسية، والسباحة، والذهاب إلى المختص للقيام بالعلاج الوظيفي.

وقالت ليلى والي إن هذه المصاريف باتت تثقل كاهل الأولياء بالأخص في ظل الانهيار الكبير للقدرة الشرائية، وهو ما جعل قطاع عريض من الجزائريين غير قادرين على تلبية أهم الاحتياجات الأساسية.

ومن بين التوصيات الأخرى التي ترافع لأجلها ليلى والي خلق قاعدة بيانات مفصلة يمكن إنشاءها واستغلالها من طرف الفاعلين في هذا الشأن من مديريات أو وزارات الصحة، والسكان، وقطاع التربية، والتكوين المهني، والتضامن، والنشاط الاجتماعي. 

وأضافت أن نجاح تمدرس أطفال التوحد على المستوى التربوي والتعليمي يحتاج إلى إعداد برنامج تربوي مكثف يتناسب مع كفاءتهم، ويحقق لهم مبدأ تكافئ الفرص مما يستدعي إنشاء خلية عمل مشتركة بين مختلف الفاعلين والأخصائيين لإعداد دليل مرجعي يمكن أن يرافق الأسرة التربوية في التعامل مع الطفل التوحدي المتمدرس.

ولعل أبرز نقطة سلطت عليها ليلى والي الضوء هي تسوية وضعية مرافقة الحياة المدرسية، والتي تتطلب وضع إطار قانوني ينظم وجودها في المؤسسة التربوية، وإدماجها في الأسرة التربوية من خلال تحديد مهامها، ودمجها في التوظيف العمومي بكامل الحقوق والواجبات مع ضرورة تمكينها من تكوين تأهلي كافي.

وشددت على ضرورة إشراك الأسرة الإعلامية والمجتمع المدني في التعريف بالتوحد وتقبل الشخص أو الطفل المتوحد وتسهيل اندماجه، وعدم التنمر عليه، وضرورة الكشف المبكر عنه لضمان تكفل فعال من خلال تنظيم أيام تحسيسية، وتنظيم عمل جواري ميداني.

وقد كلف الرئيس الجزائري الحكومة في عام 2021 بإيجاد الآليات المناسبة لضمان تمدرس الأطفال المصابين بالتوحد، وكلف وزير التربية في البلاد بالتكفل بهذه الفئة على الصعيد الاجتماعي والطبي والتربوي.