إصدار دليل تثقيفي خاص بالحقوق الصحة الجنسية والإنجابية

في ظل قلة الوعي بالخدمات الصحية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية لدى النساء، المقدمة من قبل المؤسسات الحكومية والغير حكومية، تم إصدار دليل تثقيفي يعزز معرفتهن بذلك.

إخلاص الحمروني

تونس - بهدف توفير معلومات دقيقة حول الحقوق الصحية الجنسية والإنجابية، مع تسليط الضوء على الخدمات المتاحة في هذا المجال، أصدرت الجمعية التونسية للحراك الثقافي "أتاك" الناشطة بمحافظة سيدي بوزيد دليلاً تثقيفياً بعنوان "أتظن أن حقوقك الصحية الجنسية، والإنجابية مضمونة بالدستور"، في إطار جهودها لتعزيز الوعي بالصحة الجنسية والإنجابية.

أكدت الناشطة في المجتمع المدني وعضوة جمعية أتاك ضحى حاجي، أن هذا الدليل يُعد الثاني من نوعه في إطار مشروع لا للتميز منذ آذار/مارس 2017، والذي يعتبر بمثابة مساحة ثقافية تم تدشينها في 27 حزيران/يونيو 2021، بهدف تعزيز ثقافة قبول الاختلاف ورفض كافة أشكال التمييز والإقصاء.

وأوضحت أن هذا الدليل يتضمن قائمة من العناوين التي يمكن للمستفيدين/ـات الرجوع إليها للاستفادة من الخدمات الصحية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية المقدمة من قبل المؤسسات المختلفة، سواءً كانت حكومية أو غير حكومية، مشيرة إلى أن "هذا الدليل يهدف إلى تعزيز التوعية حول حقوق الصحة الجنسية والإنجابية، وخصوصاً بالنسبة لنساء، وهو لا يقتصر فقط على تقديم المعلومات الأساسية حول الحقوق الصحة الجنسية والإنجابية، بل يمنح القارئ أيضاً فكرة شاملة عن الخدمات المتاحة في هذا المجال".

وعن سبب إصدار هذا الدليل، أكدت ضحى حاجي أن الجمعية التونسية للحراك الثقافي لاحظت من خلال تقاريرها وجود نقص كبير في الوعي بأهمية هذه الحقوق في حياتهن اليومية، لذلك قامت الجمعية بتنظيم مجموعة من الأنشطة، مثل إصدار هذا الدليل، لتحفيز التوعية حول هذه الحقوق.

ولفتت إلى أن التعامل مع النساء في هذه المناطق لم يكن سهلًا في البداية، بسبب التحديات التي تعيق فهمهن، غير أنه بفضل العمل الميداني المستمر والتواصل المباشر مع النساء، بدأت الجمعية تلاحظ تجاوباً تدريجياً، خاصة بعد تنظيم زيارات ميدانية استمرت لعدة سنوات مضيفة "كانت المعاملة مع النساء في هذه المناطق صعبة نوعاً ما، لقد واجهت صعوبات كثيرة بسبب الخلفية الثقافية والدينية التي تتحكم بشكل كبير في عقلية سكان هذه المناطق، فيما يتعلق بالتفاعل مع الأفراد في الميدان وفهمهم لمفاهيم مثل حقوق المرأة والصحة الجنسية والإنجابية" مشيرة إلى أن "العمل في مجال حقوق المرأة، خاصة في المناطق المهمشة والداخلية، يعد مهمة صعبة للغاية، خصوصاً عندما نتعامل مع عقلية تسودها الهيمنة الذكورية والعوامل الثقافية والدينية التي تمثل حاجزاً كبيراً".

ورغم هذه التحديات نجحت الجمعية في كسر حاجز الصمت لدى النساء نتيجة جهودها المستمرة في تقديم الدعم والمساعدة، سواءً في مجال مكافحة العنف ضد النساء أو في تقديم الخدمات الصحية الإنجابية حتى أن بعض النساء طلبن من الجمعية التدخل لمساعدتهن في التعامل مع المصالح الحكومية، مما يعكس تطور وعيهن بحقوقهن.

وركزت الناشطة في المجتمع المدني وعضوة جمعية أتاك ضحى حاجي على "أهم الحقوق الصحية الجنسية والإنجابية التي يجب على الجميع معرفتها هي الحق في التحكم بالقرارات المتعلقة بالصحة والجسد، والحق في الوصول إلى المعلومات والخدمات الصحية الجنسية، بالإضافة إلى التعرف على مفهوم العنف الجنسي وطرق الوقاية منه"، معتبرة أن الدليل يعد أداة هامة للتعريف بهذه الحقوق ولإيصال خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المتاحة هذه المنطقة التي تتشبث بالعادات والتقاليد وترفض مناقشة الحقوق الجنسية والإنجابية للنساء علناً.

 

 

من جهتها أكدت مبروكة بوزيدي إحدى النساء المستفيدات بهذه الخدمات، أنها شاركت في أنشطة الجمعية واطلعت على الدليل، والذي ساعدها على اكتشاف العديد من الأمور المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية "تمكنّا من التعرف على طرق الوقاية من الأمراض التي تصيب النساء، مثل سرطان الثدي وسرطان الرحم، كما فهمنا حقوقنا الواردة في هذا الدليل، مما ساعدنا على تنظيم حياتنا وعلاقاتنا الزوجية بطريقة أفضل".

وأشارت إلى أنه "بعد الاطلاع على الدليل وحضور اللقاءات التوعوية، أصبحن أكثر دراية بحقوقهن، وأصبحن يعرفن إلى أين يتوجهن عند الحاجة إلى الرعاية الصحية"، متابعةً "سابقاً عندما تمرض امرأة، كانت تفحصها أخرى أكبر منها في السن، أما الآن فقد أصبحنا نعرف أن بإمكاننا الذهاب إلى المستوصف أو زيارة القابلات، كما أدركنا أن الحديث عن الصحة الجنسية والإنجابية ليس أمراً محرجاً، بل هو حق لكل امرأة".

وأوضحت مبروكة بوزيدي أن خدمات الجمعية وما تضمنه هذا الدليل من معلومات، كان لهما دوراً مهم في تثقيفهن حول الصحة الجنسية والإنجابية، كتنظيم الأسرة واستخدام وسائل منع الحمل، مؤكدة أنهن تعلمن أن لديهن الحق في اتخاذ قراراتهن بشأن الإنجاب، بدلاً من الخضوع لرغبات الأزواج كما هو شائع في بعض المناطق الريفية.

وأضافت "لصالح نساء الجهة أيضاً أصدرت الجمعية في إطار مشروع 'شبكة القيادات النسائية' تقارير مهمة تناولت قضايا العنف ضد النساء في سيدي بوزيد والقيروان، بالإضافة إلى حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، كما ركزت على قضية اللامساواة بين الجنسين في المشاركة السياسية، كما نعمل عبر الجمعية بشكل مستمر لتسليط الضوء على التحديات التي تواجه النساء في هذه المناطق، والعمل على تحسين وضعهن من خلال التوعية وتعزيز حقوقهن".

يذكر أن الجمعية التونسية للحراك الثقافي هي جمعية حقوقية تقدم مجموعة من الخدمات التثقيفية التي تركز على التوعية والتدريب في مجالات الصحة الجنسية والإنجابية، وتشمل هذه الخدمات مراقبة مواعيد الحمل، عيادات ما قبل الولادة، التقصي المبكر لسرطان الثدي والوقاية من السرطان.