زينة ريف... سباكة من الصعيد تكسر القيود

بإصرارٍ وشغف، استطاعت زينة ريف أن تثبت جدارتها في مهنة السباكة، متحدية نظرة المجتمع ومؤمنة بقدرتها على تحويل التحديات إلى نجاحات تُلهم نساء قريتها.

إيمان سمير علي

مصر ـ على الرغم من أن زينة ريف شابة تعيش في أرياف الصعيد، فإن شغفها بالعمل في مجال السباكة وحبها الشديد له جعل اسمها يتردد بين الجميع، نظراً لإتقانها الكبير لمهنة تُعرف بأنها من مهن الرجال، وسط علامات الدهشة والحيرة من المحيطين بها: كيف لفتاة بيدين ناعمتين أن تعمل في هذا المجال الشاق؟

زينة ريف شابة تبلغ من العمر 29 عاماً، وحاصلة على مؤهل متوسط (دبلوم تجارة)، توفي والدها منذ 21 عاماً، وأصبحت هي المسؤولة عن العائلة، وكانت ترغب في إقامة مشروع خاص بها يوفر دخلاً مادياً يساعدها وأسرتها على تلبية متطلبات الحياة.

بدأت قصتها مع مهنة السباكة عندما شاهدت إعلاناً على موقع التواصل الافتراضي "فيسبوك" يُعلن عن فرص تدريب للفتيات على مهنة السباكة بإحدى الجمعيات الأهلية بالمركز التابع لقريتها, فتوجهت على الفور للتقديم في التدريب، وتم إبلاغها بقبولها.

وخضعت لدورات تدريبية في مهنة السباكة استمرت لمدة 23 يوماً، وبعد أن أتقنت المهارة، نشرت الجمعية صورها عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، وأعلنت عن استعدادها لاستقبال طلبات العمل في مجال السباكة، كما أنشأت زينة صفحة خاصة بها للتعريف بنفسها وبعملها، وسرعان ما بدأت تتلقى طلبات للعمل، لتبدأ ممارسة مهنتها على أرض الواقع من خلال الذهاب إلى المنازل والمؤسسات وكل من يحتاج إلى فني سباكة، ومع مرور الوقت، أصبح لها زبائن يثقون بعملها، خاصة من النساء.

 

 رغم التحديات... إصرارها يضمن النجاح

وعن التحديات التي تواجهها في عملها، أكدت زينة ريف أنها كثيرة، خاصةً لكونها شابة تعمل في مهنة تُعرف بأنها حكر على الرجال، مبينة أن المواجهة الأولى كانت مع أسرتها المكونة من والدتها وأشقائها الذين رأوا أن مهنة السباكة شاقة ولا تناسب الفتيات، وأنها مهنة للرجال فقط، لكن حبها للمهنة خلق بداخلها روح الإصرار، فأخبرتهم بأنها لا بد أن تعمل لتوفير المال والمساعدة في مصاريف المنزل مع تزايد متطلبات الحياة، ومع إصرارها وإيمانها بما تفعل، وافقت الأسرة في النهاية.

أما المواجهة الثانية، فكانت مع مضايقات الناس ورفضهم فكرة عمل المرأة في مهنة السباكة، التي تُعرف بأنها من مهن الرجال، فقد كانت كثيراً ما تسمع عبارات مثل "كيف تعملين في السباكة؟" و"الفتاة لا تعمل في السباكة، ابحثي عن عمل آخر"، لكنها لم تصغ لتلك الكلمات، مؤكدة أن الأهم بالنسبة لها هو موافقة أسرتها ورضاهم عن عملها.

بعد عامٍ ونصف من العمل، أصبحت زينة ريف من أشهر العاملين في مجال السباكة، إذ بات الزبائن يطلبونها بالاسم، الأمر الذي غيّر آراء من كانوا يعارضونها، وجعلهم يتحولون من منتقدين إلى مشجعين لها، ولا سيما في قريتها.

تحلم زينة ريف بإنشاء ورشة سباكة مستقلة في مدينة أسيوط، وتوسيعها مستقبلاً، لتوفير فرص عمل للفتيات، ولا سيّما المنفصلات عن أزواجهن، سعياً إلى مساعدتهن على توفير فرص عمل وتحسين أوضاعهن المعيشية.