الأسواق المحلية في عامودا تشهد تحولاً بقيادة النساء

تعكس قصص العاملات في إقليم شمال وشرق سوريا صورة ملهمة للمرأة التي تتحدى الصعوبات وتشق طريقها بثبات في قلب النشاط الاقتصادي المحلي، مؤكدات أن العمل ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل فضاء لإعادة رسم دورهن في المجتمع.

نغم جاجان

قامشلو ـ في شوارع وأسواق إقليم شمال وشرق سوريا، لم يعد حضور المرأة مجرد تفصيل عابر، بل تحوّل إلى علامة فارقة تعكس تغيراً اجتماعياً واقتصادياً عميقاً، بين واجهات المحال التجارية وضجيج البيع والشراء، تثبت المرأة وجودها بقوة، مساهمةً في نبض السوق اليومي من خلال إدارتها للمحال أو مشاركتها الفاعلة في عمليات البيع.

رغم التحديات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية، استطاعت كثير من نساء إقليم شمال وشرق سوريا أن يشققن طريقهن بثبات، مؤكدات على قدرتهن في بناء مشاريعهن الخاصة وتعزيز استقلاليتهن، هذا الحضور النسائي المتنامي لا يضيف فقط حيوية للأسواق، بل يشكل أيضاً دافعاً مهمة لعجلة التنمية وتشجيع المبادرات الاقتصادية المحلية.

في مدينة عامودا التابعة لقامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، تؤكد النساء أن حضور المرأة في السوق لم يعد هامشياً، بل أصبح ركيزة أساسية تعكس تطوراً اجتماعياً واقتصادياً ملموساً.

 

من متجر صغير إلى حلم التوسع

 

 

آلاء أحمد، إحدى النساء اللواتي خضن تجربة ريادة الأعمال، تحدثت عن بداياتها في افتتاح متجرها الخاص، مشيرةً إلى دعم عائلتها لها "لدي شغف كبير بالعمل، ولهذا افتتحت قبل عام وثمانية أشهر متجراً للملابس الرجالية والنسائية، لاحظت أن الإقبال على الملابس النسائية أكبر، فقررت تحويل المتجر بالكامل لعرض الأزياء النسائية فقط"، مضيفةً "عائلتي منحتني الثقة، لكنها نصحتني بالحذر والاجتهاد في إدارة المتجر وتعاملاتي التجارية".

ولفتت إلى أن "الكثير من النساء يزرنني ويعبرن عن سعادتهن، ويبدين رغبة في شراء الملابس التي أعرضها، في البداية واجهت تحديات كبيرة، فقد كنت المرأة الوحيدة في سوق الفاتورة، كنت أطلب البضائع من خارج البلاد، وكان كل تاجر يرسل لي أسعاراً مختلفة، لكنني تمسكت بالإصرار وواصلت السعي نحو النجاح".

وعبّرت آلاء أحمد عن طموحها في توسيع نشاطها التجاري، مشيرةً إلى رغبتها في عرض مجموعة متنوعة من المنتجات داخل متجرها، إلا أن محدودية المساحة تقف عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف "حين افتتحت المتجر، كان هدفي تقديم فكرة جديدة ومختلفة، أرغب في عرض أشياء متنوعة، لكن مساحة المتجر صغيرة ولا تسمح بذلك".

وأضافت "العقارات في عامودا قليلة، وسوق الفاتورة يتمتع بحيوية كبيرة ويوفر فرص عمل جيدة، لكن تصميم المتاجر هناك قديم وصغير الحجم، مما يصعّب التوسع، أحلم بافتتاح متجر كبير للملابس، لكن الظروف لا تسمح بذلك حالياً".

وختمت حديثها برسالة دعم للنساء "ادعم كل امرأة تمتلك مشروعها الخاص، وأشجعها على العمل، وأن تستثمر وقتها، وأن تسعى بكل جد لتحقيق أهدافها وطموحاتها".

 

من غرفة منزل إلى مشروع تجاري متكامل

 

 

بدورها، أوضحت بيريفان علي أنها افتتحت متجرها في مدينة عامودا قبل ثلاث سنوات، مشيرةً إلى أن رحلتها المهنية بدأت في مجال التعليم، لكنها اضطرت إلى ترك التدريس بسبب تدهور حالتها الصحية "بعد أن توقفت عن التدريس، اتجهت إلى الخياطة، وخصصت غرفة في منزلي لتحويلها إلى متجر صغير لبيع المواد المختلفة".

وتتابع "كنت أؤمن أن العمل الصادق والمنظم هو مفتاح النجاح، وهذا ما دفعني للاستمرار رغم الصعوبات، في البداية واجهت تحديات كبيرة، فلم أكن أعرف أسماء العديد من المواد، ولا من أين أشتري البضائع، كنت أحضرها من قامشلو وعامودا، أما الآن فأجلبها من العراق".

بيريفان علي لم تتوقف عند تلك البداية المتواضعة، بل سارت بخطوات ثابتة نحو تطوير ذاتها وتوسيع نشاطها التجاري، حتى أصبحت اليوم تمتلك متجرين ومستودعات خاصة بها، لتقدم نموذجاً ملهماً للمرأة التي تصنع طريقها بالإرادة والعمل.

وعبّرت عن طموحها في توسيع نشاطها التجاري، مؤكدةً سعيها لافتتاح مركز تسوق كبير في مدينة عامودا يختص بتلبية احتياجات النساء "أعرض في متجري مجموعة متنوعة من المنتجات، ومع بداية العام الدراسي أخصص مساحة لمستلزمات الطلاب أيضاً".

وأضافت "المرأة قادرة على العمل، ورعاية منزلها وأطفالها، وإدارة كل ذلك بكفاءة، كثير من النساء يزرن متجري وهنّ في غاية السعادة، نتبادل الأحاديث، ونكوّن صداقات، وأصغي إلى همومهن ومعاناتهن".

وختمت بيريفان علي حديثها برسالة ملهمة  للنساء قائلة "أتمنى لكل امرأة عاملة أن تستمر في طريقها، فالمرأة تثبت جدارتها في كل مجال، وتتفوق حين تُمنح الفرصة".